الحرب التجارية..

الصين لمزيد من الإجراءات التصعيدية رداً على ترمب

تتجه كل من بكين وواشنطن إلى مزيد من التصعيد في المعركة التجارية

وكالات (لندن)
قالت وزارة التجارة الصينية، أمس الأربعاء، إنها ستضطر لاتخاذ مزيد من الإجراءات لتعويض الخسائر التي نتجت عن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم، لحماية حقوقها ومصالحها.
جاء بيان الوزارة بعد أن قدمت واشنطن في 16 يوليو (تموز) خمس شكاوى بمنظمة التجارة العالمية، بخصوص الرسوم الجمركية التي فرضتها دول من بينها الصين، ردا على الإجراءات الأميركية.
وحذرت وزارة الخارجية الصينية، أمس الأربعاء، من أن الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة أصبحت أكبر «قاتل للثقة» في الاقتصاد العالمي. وقالت إن العالم بأسره سيقاوم إذا واصلت واشنطن «تعنتها».
وقالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، للصحافيين في إفادة صحافية دورية، إن الولايات المتحدة تختلق كافة أنواع المبررات لتحركاتها التجارية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأمن القومي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، فرضت الولايات المتحدة والصين رسوما جمركية على واردات بقيمة 34 مليار دولار لكل دولة من الأخرى، في تصعيد لنزاع تجاري أثار حالة من الاضطراب في الأسواق المالية. وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على الصين، ما لم توافق بكين على تغيير ممارساتها المتعلقة بالملكية الفكرية، وخطط الدعم لصناعات التكنولوجيا المتطورة. كما فرض ترمب أيضا رسوما جمركية على واردات معادن أوروبية، وهدد بتقييد واردات السيارات من أوروبا، عبر فرض رسوم جمركية بنسبة 20 في المائة عليها.
وقالت هوا إن «الحرب التجارية الأميركية ليست مع الصين فقط؛ وإنما مع بقية العالم. وباعتبارها بقية العالم خصوما تجر الولايات المتحدة الاقتصاد العالمي بالكامل إلى الخطر».
وكشفت بيانات يوم الاثنين، أن الاقتصاد الصيني نما بوتيرة أبطأ في الربع الثاني من العام، فيما يؤثر النزاع التجاري بين بكين وواشنطن على توقعات النمو في ثاني أكبر اقتصاد عالمي. وقالت هوا: «إذا واصلت الولايات المتحدة تعنتها، فإن دول العالم لن تزيد إلا إصرارا على الرد».
لاغارد تحذر
من جانبها، نبهت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، أمس الأربعاء، إلى أن الاقتصاد الأميركي «معرض بشكل خاص للضرر» من الحرب التجارية العالمية التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان مئات مليارات الدولارات من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وفي تصريحات تسبق اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في عطلة نهاية الأسبوع الحالي في الأرجنتين، قالت لاغارد إن هناك مؤشرات إلى أن النمو العالمي يمكن أن يبدأ بالانخفاض، داعية صانعي السياسة إلى الاستعداد.
والاثنين، وصف صندوق النقد الدولي القيود المتزايدة على التجارة بأنها «أكبر خطر على المدى القصير» على الاقتصاد العالمي.
وقدر الصندوق أنه خلال عام 2019، يجب أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً بنسبة 3.9 في المائة، إلا «أن ذلك قد يكون أقصى معدل يمكن أن يحققه»، بحسب ما قالت لاغارد في مدونتها.
وأضافت: «لقد بدأ النمو في التباطؤ بالفعل، في منطقة اليورو واليابان والمملكة المتحدة» مضيفة أن التحفيز المالي الأميركي الأخير سيبدأ بالتلاشي قريبا. وقالت لاغارد إنه بما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أطلق الحرب التجارية العالمية، فإن الردود الانتقامية والتأثير السلبي سيتركز على الاقتصاد الأميركي، بينما تستمر المناطق الأخرى تمارس التجارة فيما بينها.
وتحدثت لاغارد عن مشكلات أخرى قد تظهر، من بينها تعثر اقتصادات الأسواق الناشئة، بعد أن قام المستثمرون بسحب 14 مليار دولار من تلك الأسواق، في الفترة بين مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، ما دفع بعض البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة.
وقد يزداد هروب رؤوس الأموال سوءا، مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي في رفع أسعار الفائدة، ما يجعل الاستثمار في الولايات المتحدة أكثر جاذبية. وبالتزامن مع تلك التطورات، أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل، أمس، اتخاذ تدابير وقائية مؤقتة، بشأن واردات عدد من منتجات الصلب، وقالت إن هذه الإجراءات ستعالج تحويل الصلب من دول أخرى (تقصد أميركا) إلى سوق الاتحاد الأوروبي، نتيجة للتعريفات الجمركية الأخيرة من جانب الولايات المتحدة.
ونقل بيان عن المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، أن «الرسوم الجمركية الأميركية تؤدي إلى تغيير في المبادلات، ما يمكن أن يسبب أضرارا خطيرة لقطاع الصناعة المعدنية والعمال». وأضافت: «ليس لدينا خيار آخر سوى اتخاذ إجراءات إنقاذية» لحماية الصناعة الأوروبية «من ارتفاع كبير من الواردات».
واتخذت هذه الإجراءات التي تطول 23 فئة من منتجات الصلب مؤقتا، ريثما يسمح تحقيق تجريه المفوضية باتخاذ قرار نهائي «في 2019 على أبعد حد»، بحسب المفوضية. وستتخذ هذه الإجراءات شكل شرائح تخضع للتعريفة الجمركية، أي أن كمية تتجاوز حصة معينة للاستيراد، ستفرض عليها رسوم تبدأ بنسبة 25 في المائة.
وتنطبق الحصة التي حددتها المفوضية لكل منتج على معدل الواردات في السنوات الثلاث الأخيرة. وتطبق هذه الإجراءات على كل دول العالم، باستثناء بعض البلدان النامية ذات الصادرات المحدودة، وكذلك النرويج وآيسلندا وليشتنشتاين. وتفرض الولايات المتحدة، منذ مطلع يونيو، رسوما جمركية عقابية تبلغ نسبتها 25 في المائة على الصلب الأوروبي، بموجب قرار تقدم الاتحاد الأوروبي بشكوى ضده لدى منظمة التجارة العالمية.
واتخذ الأوروبيون إجراءات مضادة شملت بعض السلع الأميركية الرمزية، مثل الجينز وزبدة الفستق.
وقبل أسبوع من زيارة لواشنطن للقاء ترمب بهدف تخفيف حدة التوتر، صرح رئيس المفوضية جان كلود يونكر، بأن «جهود» الرئيس الأميركي «لشق صف الأوروبيين» على الصعيد التجاري «غير مجدية». وخفضت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي توقعاتها للنمو الاقتصادي لمنطقة اليورو في العام الحالي، وقالت إن الأسباب الرئيسية لهذا التعديل هي التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، وكذلك ارتفاع أسعار النفط.
تخوفات كورية من الحرب التجارية
وفي سيول أمس، حذّر وزير مالية كوريا الجنوبية، كيم دونغ يون، من تداعيات خطيرة على سيول من حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين، مخفضا توقعات النمو لهذا العام. ويُتوقع أن يحقق الاقتصاد الكوري الجنوبي نموا بنسبة 2.9 في المائة، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى نمو بنسبة 3 في المائة، بحسب الوزير الكوري الجنوبي، عازيا ذلك إلى تباطؤ الطلب المحلي والخارجي وارتفاع نسبة البطالة. وتشكل التوقعات الأخيرة تراجعا مقارنة بالأرقام التي سجلت العام الماضي، حين حققت كوريا الجنوبية التي تحتل المرتبة الحادية عشرة على قائمة أكبر اقتصادات العالم، نموا بنسبة 3.1 في المائة.
والولايات المتحدة والصين، أكبر شريكين تجاريين لكوريا الجنوبية، وقال كيم: «لا يبدو أننا مقبلون على أوضاع اقتصادية مشرقة».
وتابع الوزير بأن «الأوضاع قد تسوء إذا اتسع القلق في الأسواق المالية العالمية، بسبب الخلاف (التجاري) بين الولايات المتحدة والصين... من دون تحسن مؤشرات الأسواق والشركات».
ويعتمد اقتصاد كوريا الجنوبية على الصادرات، ويؤمّن الشحن البحري أكثر من نصف عائداته. وتشكل السوق الصينية وجهة لأكثر من ربع الصادرات الكورية الجنوبية، بينما تستقطب الولايات المتحدة 12 في المائة من صادرات كوريا الجنوبية.
وتعهد كيم بـ«مراقبة أوضاع التجارة الدولية عن كثب، بما في ذلك الخلاف التجاري الأميركي الصيني»، وأعلن عن إجراءات للتشجيع على خلق فرص العمل وتحفيز إنفاق الأسر.
وهذا الأسبوع أعلن صندوق النقد الدولي أن النزاع التجاري المتصاعد يشكل «أكبر تهديد وشيك للنمو العالمي»، وقد يخفض إجمالي الناتج العالمي بنصف نقطة.