أزمة السنوات السبع العجاف..

إيطاليا تتزين.. السيدة فتحت الباب

في حضرة "الدون" يجب على الجميع أن يتجمل

مراد البرهومي

بالعودة إلى موضوع انتقال البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي يوفنتوس الإيطالي قادما من ريال مدريد، ربما يمكن أن نختصر هذا الحدث بكلمتين فقط، إذ يصح القول إنها “صفقة القرن”، هي صفقة زلزلت الأرض وجعلت الجميع يتطلع إلى إيطاليا لمتابعة تفاصيل هذا الاتفاق الحاصل بين “السيدة العجوز” و”صاروخ ماديرا”.

لقد غطى خبر انتقال رونالدو إلى اليوفي على كل الأخبار والأحداث الرياضية الأخرى، عشية نهائي المونديال، تم تأكيد الخبر، إذ أعلن ريال مدريد أن نجمه الأول بصدد الرحيل إلى إيطاليا بعد تسع سنوات من العطاء والتتويجات مع الفريق الملكي.
لبعض الوقت تناسى الجميع الموعد المرتقب في نهائي المونديال الأخير بين فرنسا وكرواتيا لتشرئب الأعناق نحو إيطاليا الغائب الأبرز عن المحفل العالمي، فالجميع كان على موعد مع صفقة تاريخية بطلها رونالدو الذي أحدث عند قدومه إلى ريال مدريد قادما من مانشستر يونايتد “ثورة” حقيقية في الدوري الإسباني وتسبب في حدوث “حرب” ثنائية القطبين مع غريمه في برشلونة ليونيل ميسي.
وكان الحدث الجلل بمجرد التأكد من صحة خبر قبوله التحوّل إلى اليوفي بمثابة “تسونامي” كروي ضرب كل الأرجاء، وأنسى المغرمين بالكرة العالمية منافسات المونديال الروسي.
انتهى المونديال، وانتقل رونالدو رسميا إلى فريقه الجديد، لقد تم تقديمه بشكل “أسطوري” في لقاء صحافي تاريخي يليق بأحد أفضل اللاعبين في العالم، اليوم لم يعد المجال للحديث عن لقاء “السحاب” بين رونالدو وميسي في كلاسيكو الأرض ضمن منافسات “الليغا”، فرونالدو أنهى من تلقاء نفسه الصراع المستعر واختار أن يحيي “أرضا جدباء” مرت بسنوات عجاف.
يصح القول إن رونالدو بدا أشبه بمزارع كفء ومجتهد سيقلب تلك “الأرض الإيطالية القاحلة” ويبعث فيها الحياة، لن يعرقله التقدّم في السن، لن ترهبه صعوبة التجربة، فمجرد الاسم يكفي كي “يتدفق الدم من جديد في جسم” الكرة الإيطالية.
هي “ضربة معلم” بأتم معنى الكلمة، تلك التي قامت بها السيدة العجوز، لقد ظفرت بقلب أحد قطبي الكرة العالمية، كانت “صدر هذه السيدة” الوجهة المفضلة للاعب أراد خوض تحدّ جديد، لهذا اللاعب البرتغالي الذي يرنو لكتابة صفحة جديدة في مسيرته التاريخية، فيا حظك الجميل أيتها السيدة.
ربما أنكر البعض “هذا التسرّع” من قبل القائمين على الفريق الإيطالي في مسألة حسم صفقة الارتباط بلاعب اقترب من سن “اليأس”، لاعب شارف على سنته الرابعة والثلاثين، والأكثر من ذلك أن هذه “السيدة العجوز” دفعت الغالي والنفيس من أجل إرضاء فارسها الجديد، لقد تم دفع أكثر من 100 مليون يورو لنيل المراد وضم رونالدو في صفقة خيالية، هي الأكبر إلى حد الآن في تاريخ الكرة الإيطالية.
لكن ما حصل قبل التقديم الرسمي لرونالدو بقميص اليوفي يشبه الخيال، ما حصل كان خرافيا ولا يصدق، لكم أن تتصوروا كم جنت هذه “السيدة” بمجرد التأكد من قدوم النجم البرتغالي، لقد أحرزت أسهم اليوفي في البورصة صعودا صاروخيا يشبه ذلك الصعود الذي حققه “صاروخ ماديرا” في أغلب مراحل مسيرته، الأكثر من ذلك أنه تم بيع قمصان تحمل الرقم 7 واسم رونالدو خلال أيام قليلة بإجمالي مرابيح ستغطي جانبا من تكاليف هذه الصفقة.
وهذه الصفقة التي جعلت السيدة تتجمل وتتزين تأهبا لاستقبال “العريس الجديد”، ستكون فوائدها كبيرة وجمة، ربما يصح تشبيه رونالدو بتلك “الدجاجة التي تبيض ذهبا” فعائدات الإشهار والبث التلفزيوني تضاعفت بشكل قياسي قبل أول ظهور رسمي لرونالدو مع الفريق، سيزداد ثراء اليوفي وسيغدو الفريق أكثر قوة، سيواصل الهيمنة محليا وسيحلم أيضا بالحصول على لقب دوري الأبطال الذي بات عصيا على الفريق وكل الفرق الإيطالية منذ ما يزيد عن 7 سنوات.
لكن قدوم حامل القميص رقم 7 سيغير المشهد، سيزيد المكان ألقا وتتضاعف البهجة في المكان، ستصبح إيطاليا محط أنظار متابعي الكرة العالمية سواء كانوا من عشاق رونالدو أو هواة لكرة “النجوم”.
اليوم يحقّ للطليان أن يتفاءلوا خيرا بصحوة متوقعة للكرة الإيطالية، بمقدورهم أن يتوقعوا الخروج من أزمة السنوات السبع العجاف، فالدوري الإيطالي سيزدهر وسيصبح مثلما كان في السابق ممتعا بوجود نجم بقيمة رونالدو.
السيدة فتحت الباب، أما بقية القوم فإنهم أصبحوا أكثر من أي وقت مضى متأهبين ومتحمسين لتقوية الصفوف وعقد صفقات مدوية، ففي حضرة “الدون” يجب على الجميع أن يتجمل، يتعين على إيطاليا بأسرها أن تتزين استعدادا لمستقبل أفضل.
الباب بات مفتوحا والأمل سيصبح كبيرا من أجل نفض الغبار عن الكرة الإيطالية التي عانت طويلا من الأزمات المالية الحادة، لكنها اليوم بدأت تتعافى، لقد وفر المستثمرون ضمانات مالية تساعد على الاستثمار في سوق نجوم الصفوف الأمامية، سيسير بلا شك نجوم آخرون على خطى رونالدو، سيأتي إلى إيطاليا لاعبون رائعون آخرون مثلما كان يحصل في الماضي.
ستكون إيطاليا الفائزة الأكبر، الفائدة لن تقتصر على اليوفي فقط، بل إن ذلك المنتخب الإيطالي الذي تعثر وسقط بشكل مروّع، سيعود قويا مهابا، سيستفيد بكل تأكيد من وجود رونالدو الذي سيضفي هو ومن سيسير على دربه على الدوري الإيطالي إشعاعا كبيرا سينير إيطاليا ويجعلها أكثر زينة وجمالا.