مسلسل كويتي..

"كلام أصفر".. يتناول نموذج الأم المتسلطة

زوج مغلوب على أمره

ناهد خزام

يتعرض المسلسل الكويتي “كلام أصفر” المعروض حاليا على قناة “أم.بي.سي” لنماذج اجتماعية يمكن أن تكون موجودة في المجتمع الكويتي أو أي مجتمع آخر، وهو هنا يسلط الضوء على نموذج الأم المتسلطة على أبنائها وزوجها، في مقابل الأم التي تتحمل وحدها تربية أبنائها في غياب الزوج.

والمسلسل من إخراج هيا عبدالسلام وتأليف مريم نصير، وبطولة كل من إبراهيم الحربي وعبير أحمد وهيا الشعيبي وعبدالله الطليحي وفؤاد علي وعقيل الرئيسي وفهد باسم والفنانة صمود والفنانة لولوا الملا، وتشارك فيه أيضا بالتمثيل مخرجة العمل هيا عبدالسلام.

ويقدّم المسلسل نموذجين من هذه النماذج المجتمعية الشائعة؛ أسرتين تسكنان في حي واحد، وفي بيتين متقابلين، الأولى أسرة أيوب الذي يلعب دوره الفنان إبراهيم الحربي، والثانية أسرة دلال التي تؤدي دورها الفنانة عبير أحمد. وفي النموذج الأول يعاني أيوب من تسلط زوجته فتنة على كل تفاصيل ومناحي الحياة اليومية بشخصيتها الحادة، بغرض الحفاظ على سمعة بيتها وأبنائها من كلام الناس.

لكن تصرفاتها تأتي بنتيجة عكسية على شخصيات أبنائها المختلفي الطباع، فابنها الأول صقر (فهد باسم) -وهو الوحيد الذي خاض تجربة الزواج، لكن زواجه يؤول دائما إلى الفشل- تزوج وانفصل ثلاث مرات ويفكر في الزواج الرابع. والابن الثاني سيف (فؤاد علي) كثير العلاقات، وكثير التهرب أيضا من وعوده التي يقطعها للفتيات اللاتي يعرفهنّ.

أما نبيل (عبدالله الطليحي) فبالرغم من نجاحه كمذيع في التلفزيون الكويتي، إلاّ أنه متمسك بالتقاليد البالية التي تعيق حياته العاطفية والمهنية وتقف في طريق سعادته، في حين يغرق بدر (عقيل الرئيسي) -وهو الابن الأصغر- في عالمه الخاص المغلق الذي بناه من حوله، ولا يهتم بشيء في الدنيا سوى رسوماته التي لا يجرؤ حتى على عرضها.

وفي المقابل هناك أسرة دلال التي تسكن قريبا منهم، وهي أسرة صغيرة تتكون من الأم وابنتيها رنا (صمود) ولينا (لولوا الملا)، حيث تتحمل الأم دلال مسؤولية تربية ابنتيها بعد وفاة والدهما، وتبدو الأسرة منسجمة إلى حد كبير، غير أن الأم كغيرها من الأمهات تسعى أيضا للحد من طموح بنتيها دون أن تقصد، فالابنة الصغرى لينا تسعى لأن يكون لها مشروعها الخاص الذي تستطيع فيه توظيف موهبتها في الطبخ، وهي تعمل بين الحين والآخر في أحد المطاعم لتدريب نفسها دون علم أمها.

أما الابنة الكبرى رنا فتقع في حب سيف -الابن الأوسط في عائلة أيوب- دون أن تدري أنه كثير العلاقات، وتعمل جاهدة على لفت انتباهه بشتى الطرق بمساعدة أختها. وعلى هذا النحو تتشابك العلاقات بين الأسرتين بحكم الجيرة والاهتمامات المشتركة لبعض أفرادها، فيتعدد التزاور فيما بينهما. وبالنسبة إلى الأب تعد الزيارات فرصة سانحة لرؤية نموذج آخر غير نموذج زوجته المتسلطة، إذ يتعلق الأب بجارته الأرملة الجميلة المتفهمة والودودة، كما تتعلق هي أيضا به فتتشابك الأمور وتزداد تعقيدا.

ويجد المشاهد نفسه في ترقب اللحظة التي تكتشف فيها زوجة أيوب هذه العلاقة التي تجمعه بالجارة التي تسعى لكسب ودها كما تود ارتباط ابنيها ببنتيها. في الأثناء، تشهد الحلقات تحوّلا في العلاقات بين الشخصيات، فنجد أن سيف الذي يقع في حب الابنة الكبرى رنا يتردد في الاعتراف لها بذلك خوفا من أن يقع في أسر تلك العلاقة، وهو الشاب الذي تعوّد على كثرة العلاقات والارتباط بأخريات.

أما سامي فرغم أنه يكن حبا دفينا لزميلته في العمل روان لا يسعى لمصارحتها بسبب خوفه من العادات والتقاليد التي يؤمن بها، وهي المذيعة المحاطة بالمعجبين والمعجبات، كما تشهد علاقته بها توترا بسبب الغيرة بين الحين والآخر. ويراوح المسلسل بين الدراما الجادة واللايت كوميدي، ونلفت الانتباه هنا إلى دور الفنانة هيا الشعيبي التي على الرغم من لعبها دور الأم المتسلطة إلاّ أن حضورها كان له وقع مرح ومميز بين المشاركين في العمل، فهي تمثل دور الأم كثيرة الشكوى والصراخ، بداع أو دون داع، ويدفعها هذا السلوك أحيانا إلى مراجعة نفسها، غير أن مشاعرها الثائرة تتغلب عليها دائما في النهاية. ومن الأدوار اللافتة أيضا دور الفنان فؤاد علي، وهو صاحب إطلالة مميزة، ويمتلك إمكانيات تمثيلية هائلة.

يذكر أن فؤاد علي هو زوج مخرجة المسلسل هيا عبدالسلام، وهي ليست المرة الأولى التي يجتمعان فيها في عمل درامي واحد، إذ جمعتهما من قبل العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية. وخاضت الفنانة هيا عبدالسلام تجربة الإخراج المسرحي في بداياتها، ثم عملت كمساعد مخرج في عدد من المسلسلات، حتى أخرجت عملها الدرامي الأول في عام 2014 تحت عنوان “للحب كلمة”، كما خاضت تجربة التمثيل للمرة الأولى في مسلسل “أم البنات” و”آخر صفقة حب” عام 2009.

ولم يخل المسلسل من العديد من السلبيات التي اعترته، أبرزها المط والتطويل اللذان انتابا الكثير من حلقاته، إذ كان يمكن أن يتم اختصاره في حلقات قليلة، كما ثمة علامة استفهام حول علاقة الأم فتنة بأبنائها، فهناك الكثير من الأمهات اللاتي يتصفن بالتسلط والحدة على هذا النحو، وهو أمر طبيعي، ولكن يبدو أن أعمار الأبناء الذكور لا تتناسب مع طبيعة تلك العلاقة، فهم جميعا راشدون وقادرون على شق طريقهم بأنفسهم، ولا مبرر لهذا الخضوع الغريب للأم التي تتمادى في توبيخهم إلى حد الضرب.

ويبدو أن الأدوار قد كتبت على الورق لأبناء في سن المراهقة أو ما بعد المراهقة، وهو أمر جعل من شخصية الابن الأصغر -الذي يؤدي دوره الفنان عقيل الرئيسي- على سبيل المثال أقرب إلى المريض النفسي منه إلى الفنان المرهف، كما يحاول أن  يصوّره المسلسل. أما العلاقة التي جمعته بفنان آخر شهير استطاع عن طريق التحايل عليه سرقة أعماله ونسبها إلى نفسه، فتبدو غير منطقية إطلاقا.

أمر آخر يمكن الإشارة إليه يتعلق هذه المرة بالممثلين الثانويين، ممن يظهرون في لقطات عابرة، فقد بدوا غير مدربين إطلاقا أو أنهم غير مؤهلين للتمثيل أصلا، وهو أمر من شأنه أن يضعف مشهدا من المشاهد، بل العمل برمته.