رغم انتعاش النمو..

تراجع مبيعات العقارات في الولايات المتحدة

ارشيفية

وكالات (لندن)

تراجعت مبيعات المنازل في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني من العام الحالي، على الرغم من تحقيق النمو الاقتصادي طفرة كبيرة لم تشهدها أميركا منذ سنوات.
وتراجعت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 0.6 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بشهر مايو (أيار). وبلغ معدل المبيعات السنوي الذي يتم تحديثه موسميا 5.38 مليون منزل، حسبما ذكرت الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين. كما انخفضت المبيعات مقارنة بشهر يونيو من العام الماضي بنسبة 2.2 في المائة.
وانخفضت مبيعات المنازل على أساس سنوي خلال الخمسة أشهر الأولي من العام الحالي، وهو اتجاه مثير للقلق للاقتصاديين، خاصة أن سوق العقارات يعتبر مؤشرا مهما لقوة الاقتصاد. ويعد تباطؤ سوق العقارات أحد المؤشرات التي تؤكد أن التوسع الاقتصادي ما زال يواجه رياح معاكسة.
وتسارعت وتيرة النمو الاقتصادي الأميركي خلال الفترة الماضية، بعد سنوات من تباطؤ النمو، على خلفية الخطوات التي اتخذتها إدارة الرئيس ترمب، وأهمها قانون الإصلاح الضريبي.
ويري محللون أن ضعف سوق العقارات يمكن أن يفسد الصورة الإيجابية لمستقبل النمو الاقتصادي. حيث يساهم قطاع الإسكان بنحو 15 إلى 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. وتساعد مبيعات المنازل القائمة على دفع قطاعات أخرى من الاقتصاد إلى النمو.
وتشير البيانات إلى أن ثقة المستهلكين، وحجم الإنفاق على تحسين المساكن، وقطاع البناء والإقراض العقاري، جميعها تتأثر بالسلب عندما تنخفض مبيعات المنازل. وانخفض حجم الطلب على الرهن العقاري بنسبة 2.5 في المائة في الأسبوع المنتهي في 13 يوليو (تموز) الماضي، مقارنة بالأسبوع السابق، كما انخفضت طلبات الشراء بنسبة 5 في المائة، وفقا لبيانات جمعية المصرفيين للرهن العقاري. ويقول أرون تيرساس، اقتصادي بمؤسسة زيلو للتسويق العقاري: «سوق الإسكان قادت الاقتصاد العام لتخطي مرحلة الانتعاش، وهي الآن تقوده نحو التباطؤ».
ويعاني قطاع الإنشاءات الجديدة، الذي يعتبر المحرك الرئيسي للعمالة المرتبطة بالإسكان، من التباطؤ في الآونة الأخيرة. وانخفض حجم الإنشاءات الجديدة بنسبة 12.3 في المائة في شهر يونيو مقارنة بالشهر السابق، وفقا لوزارة التجارة الأميركية. وكان ذلك أكبر انخفاض شهري خلال عام ونصف تقريبا، مدفوعا بانخفاضات الإنشاءات في جميع مناطق الولايات المتحدة لجميع أنواع السكن تقريبا.
- تأثير أسعار الفائدة
ويقول السماسرة إن بعض المشترين أصبحوا يشعرون بالقلق من ارتفاع الأسعار، خاصة بعد ارتفاع معدلات الرهن العقاري، بعد رفع أسعار الفائدة الفيدرالية. وفي هذا السياق تقول بروك هوغان، وكيل عقاري في بورتلاند بولاية أوريغون، إنها شهدت علامات تدل على أن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً في المنطقة الأعلى من السوق التي تشمل المنازل ذات الأسعار المرتفعة. وأضافت: «السوق بالتأكيد تتباطآ. ثقة المشتري لها تأثر كبير».
ويقول الاقتصاديون إن ضعف سوق الإسكان أحدث علامة على أن التوسع الاقتصادي الذي مضى عليه تسع سنوات ما زال يواجه تحديات، أهمها الآثار الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على كثير من صادرات الدول إلى أميركا، وهو ما أدى لزيادة مخاوف نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين وكثير من شركاء أميركا التجاريين.
وأدى تسارع وتيرة النمو ومخاوف زيادة التضخم بسبب التوتر التجاري، إلى زيادة التوقعات بأن البنك المركزي الأميركي «الاحتياطي الفيدرالي» سيكون أكثر تسارعا في رفع أسعار الفائدة. ويعتقد المتعاملون في سوق العقود الآجلة في الصناديق الفيدرالية أن هناك شبه يقين بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل مرة أخرى على الأقل هذا العام، وبنسبة توقع تزيد على 60 في المائة سيرفع البنك المركزي الفائدة مرتين أو أكثر خلال العام المقبل، وفقا لمجموعة «سي إم إي».
وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين الدوليين في دويتشه بنك سيكيوريتيز: «أي زيادة في أسعار الفائدة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الانخفاض في مبيعات المنازل»، مضيفا أن أحد القطاعات الاقتصادية الأكثر حساسية للأسعار، إن لم يكن أكثرها، هو الإسكان.
وارتفع متوسط سعر الفائدة على قروض الرهن العقاري ذات السعر الثابت لمدة 30 عاما إلى 4.57 في المائة في يونيو حزيران الماضي، مقارنة بـ4.03 في المائة في يناير (كانون الثاني). ومع زيادة التكلفة الشهرية لامتلاك المنازل، تدفع معدلات الرهن العقاري الأعلى بعض المشترين للبحث عن عقارات أقل تكلفة، وهو ما يضع هذه الفئة من المشترين في أسفل السوق تماما.
على جانب آخر، فإن ارتفاع أسعار فائدة الرهن العقاري قد تدفع المالكين الحاليين، الذين يتمتعون بأسعار فائدة رهن عقاري المنخفضة، إلى إعادة التفكير في بيع منازلهم الحالية أو البحث عن منازل أخرى سواء لأغراض التجديد أو التوسيع، وذلك خوفا من فقدان ميزة الفائدة المنخفضة التي يتمتعون بها على منازلهم الحالية. وبلغ متوسط سعر البيع لمنزل قائم في يونيو 276.900 دولار، وهو أعلى مستوي له منذ سنوات، بزيادة نسبتها 5.2 في المائة عن العام السابق، وفقا لوكالة «إن إيه آر».
- ما مصدر تباطؤ السوق؟
ويتركز التباطؤ في المبيعات في منطقة نهاية السوق، وهي المنطقة التي تشمل المنازل ذات الأسعار المنخفضة نسبيا. وهو ما يشير إلى أن المخاوف من القدرة على تحمل التكاليف هي أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في موسم البيع البطيء. وتراجعت مبيعات المنازل التي يتراوح سعرها بين 100 ألف و250 ألف دولار بنسبة 7.1 في المائة في يونيو مقارنة بالعام السابق، بينما نمت مبيعات المنازل التي تتراوح بين 750 ألف دولار ومليون دولار بنسبة 6 في المائة، وفقا لوكالة «إن إيه آر». وبلغ عدد المنازل المعروضة للبيع الشهر الماضي 1.95 مليون منزل، بزيادة 4.3 في المائة عن الشهر السابق و0.5 في المائة عن العام الماضي. ويقول لورانس يون كبير الاقتصاديين في المجموعة التجارية إن هذه هي الزيادة السنوية الأولى في المخزون منذ منتصف عام 2015.
لكن النمو القوي في الأسعار يشير إلى أنه لا يزال هناك طلب قوي على المنازل، وأنه إذا استمر المعروض في الزيادة، فإن السوق يمكن أن تستعيد الزخم في النصف الأخير من العام. جدير بالذكر أن ما يقرب من 40 في المائة من مبيعات المنازل كل عام يحدث في فترة البيع الربيعية الحاسمة من مارس (آذار) حتى يونيو.