ترميم رصيدها البشري..

أندية تونس تكتفي بصفقات غير مكلفة

على خط الوصول

مراد البرهومي

رغم انقضاء حوالي شهرين من انطلاق سوق الانتقالات الصيفية في تونس، إلا أن الميركاتو هذا العام لم يكن مميزا ولم يشهد صفقات مدوية، أغلب الفرق وخاصة “الكبرى” التي تتراهن دوما على الألقاب سعت إلى تدعيم صفوفها بلاعبين من الصف الثاني، لم تعد هناك تعاقدات كبيرة مع لاعبين أجانب، فالكل لم يعد متحمسا أو راغبا في “ضخ أموال” إضافية تزيد في إثقال عبء المصاريف، لذلك بدا هذا الميركاتو إلى حد الآن شحيحا ومتواضعا ولا يقارن بما كان يحصل منذ سنوات.

صفقات موجهة

الحديث عن هذا الموضوع ربما يمكن أن يبدأ بالفريقين الوحيدين المشاركين في المسابقات الأفريقية، الأمر يخص الترجي التونسي والنجم الساحلي، فرغم أن الفريقين استأنفا منافسات دوري الأبطال، إلا أنهما لم يبرما صفقات “كبيرة” ولم تدفع إدارتا الناديين أموالا طائلة من أجل رفع مستوى الفريقين ودعم حظوظهما للمراهنة بأكثر قوة على لقب دوري الأبطال، فالترجي التونسي اكتفى إلى حد الآن بانتداب الحارس رامي الجريدي في إطار صفقة انتقال حر، وتعاقد مع مدافع من “الصف الثاني” وهو أيمن محمود القادم من الملعب القابسي، وهذه الصفقة لم تكلف كثيرا خزينة النادي، كما وقع تجديد عقد المدافع الأيسر حسين الربيع، ليختار بذلك الترجي سياسة الاستمرارية ويرفض “المجازفة” بدفع مبالغ طائلة دون جدوى في هذا الميركاتو.

وكان النجم الساحلي أكثر نشاطا من الترجي، بما أنه نجح إلى حد الآن في ضم ستة لاعبين أبرزهم ماهر الحناشي وكريم العواضي القادمان في إطار صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقديهما مع النادي الصفاقسي إضافة إلى متوسط ميدان النادي البنزرتي فراس بلعربي الذي يعتبر أغلى الصفقات الصيفية في تونس رغم أن تكلفة التعاقد معه لم تصل إلى نصف مليون يورو.

شهاب الليلي: كانت انتداباتنا مدروسة وموجهة تستجيب أولا لحاجيات الفريق

وفي هذا السياق تحدث شهاب الليلي مدرب النجم في تصريح لـ”العرب” قائلا “يضم الفريق لاعبين جيدين حرصنا على الإبقاء عليهم على غرار الدوليين رامي البدوي وأمين بن عمر، لكن هذا الأمر لا يمنع من دعم الفريق ببعض اللاعبين الجدد القادرين على تقديم الإضافة، ولهذا السبب كانت انتداباتنا مدروسة وموجهة تستجيب أولا لحاجيات الفريق وتتلاءم مع قدرات النادي من الناحية المالية”.

 وبالمقابل اختار فريقا النادي الأفريقي والنادي الصفاقسي “ضخ دماء” جديدة بعد موسم عرف تغييرات جوهرية، فالأفريقي عرف انتخاب رئيس جديد لمجلس إدارته وسعى إلى تقوية صفوفه بعدد كبير من اللاعبين الذين لا يكلفون الخزينة كثيرا، وبالتوازي مع ذلك كان الحرص جليا على الاهتمام بملف تجديد عقود اللاعبين، وهو ما أثمر في نهاية المطاف الإبقاء على ثمانية لاعبين من مجموع 14 لاعبا انتهت عقودهم في نهاية شهر يونيو الماضي، الأفريقي ضم أيضا ثمانية لاعبين لكن بأسعار مناسبة للغاية، إذ لم يجازف رئيسه الجديد بدفع أموال من أجل إبرام صفقات تحتمل الفشل مثل النجاح.

وفي سياق هذا الموضوع قال سفيان الحيدوسي المدير الرياضي الجديد للأفريقي إن سياسة النادي حاليا ارتكزت على النشاط في الميركاتو بخطوات مدروسة، مضيفا “كان الهاجس الأول هو تجديد عقود اللاعبين، وبعد أن نجحنا في هذا الملف بنسبة كبيرة، توصلنا إلى إبرام صفقات غير مكلفة خاصة وأننا ركزنا على اللاعبين الشبان الذين سنراهن عليهم مستقبلا”.

من ناحية أخرى، اكتفى النادي الصفاقسي بتعاقد رسمي وحيد إلى حد الآن بعد ضم لاعب أجنبي شاب بعقد يمتد لخمس سنوات، ولم يكلف هذا التعاقد كثيرا خزينة هذا النادي الذي اختار هذا الموسم سياسة “التشبيب” ومنح الثقة للاعبين المتكونين في مركز التكوين صلب النادي، ومن الأسباب التي دفعت إدارة النادي إلى توخي هذا النهج ارتفاع كلفة التعاقدات الأجنبية من ناحية وندرة المواهب من ناحية أخرى وكذلك انعدام قلة الموارد المالية الإضافية التي توفر سيولة كافة لمجابهة مصاريف النشاط المكثف في سوق الانتقالات.

المستوى الثاني

بقية الفرق تعاني بدورها من مشاكل وأزمات مالية مستمرة منذ سنوات، ولهذا السبب تركزت أغلب التعاقدات على لاعبين من المستوى الثاني أو الثالث أحيانا، فهناك فرق مثل الملعب التونسي والنادي البنزرتي لجأت إلى التعاقد مع لاعبين أجانب غير معروفين وأسعارهم غير مكلفة، في حين انتهجت بعض الفرق الأخرى مثل نادي حمام الأنف والشبيبة القيروانية ونجم المتلوي واتحاد تطاوين سياسة البحث عن لاعبين نشطوا الموسم الماضي ضمن دوري الدرجة الثانية بما أن التعاقد معهم لن يكون باهظا، ولن يزيد بالتالي من أتعاب هذه الفرق التي تعيش على وقع “فقر” متواصل ساهم بشكل كبير في تواضع ميركاتو اللاعبين في الدوري التونسي، ودفع اللاعبين الأجانب إلى العزوف عن القدوم إلى الأندية التونسية مثلما كان يحصل في السابق، بل الأكثر من ذلك ساهم في اختيار عدد كبير للغاية من اللاعبين المحليين الهروب نحو الدوريات العربية الأخرى على غرار الدوري السعودي الذي عرف هذا الموسم هجرة غير مسبوقة للاعبين التونسيين.