الموسم الجديد..

مع صلاح القادم أصعب وربما الأجمل

موهبة فذة عبقرية قدرها الصعود خطوة بعد أخرى إلى القمة

مراد البرهومي

انتهى الموسم الماضي، ولى بلا رجعة، كان ختامه في روسيا جميلا ومكتملا فرح خلاله من سعد، وانحنى خلاله من لازمه النكد، ثم بدأ الحديث عن الموسم الجديد، ومن سيكون خلاله الفائز المتوج والسعيد.

كل الدوريات في العالم سواء منها القوية والعريقة أو الضعيفة بدأت تتأهب بتكاسل كي تستعيد النشاط وتبدأ رحلة المليون ميل نحو تحقيق الأهداف والغايات، ستشرئب الأعناق وتنحبس الأنفاس كالعادة لمعاينة فصول جديدة من المنافسات القوية في الدوريات الكبرى وخاصة بأوروبا، سيكون الموعد مجددا مع متعة كرة القدم في هذه البطولات التي ما انفكت دوما تحتفظ بصدارة الاهتمام والمتابعة.

ربما سيكون محور الحديث هذا الموسم ما سيحصل في الدوري الإيطالي بعد قدوم رونالدو الذي قد يغيّر المعادلة ويمنح هذا الدوري بعضا من البريق المعهود، ربما سيتطلع عشاق الكرة العالمية إلى الدوري الإسباني ويتلهفون لمعاينة “كلاسيكو الأرض” بين ريال مدريد وبرشلونة بعد رحيل “الدون” عن القلعة البيضاء.

لكن نحن العرب ربما يكون الدوري الإنكليزي وجهتنا الأولى، فالموعد والوعد هناك مع الجزائري المتألق رياض محرز الذي حقّق حلم طفولته وانطلق إلى مانشستر سيتي باحثا عن مجد أسطوري خرافي مع كتيبة “الفيلسوف” بيب غوارديولا.

الموعد هناك والوعد أيضا مع الفرعون المصري محمد صلاح الذي حقّق ما عجز عن تحقيقه أي لاعب آخر في تاريخ نادي ليفربول العريق، فصلاح بات ببساطة وبكل وضوح أيقونة سيخلّدها تاريخ هذا النادي، رغم أن مقامه في هذا الصرح بدأ منذ عام فقط.

عام حقّق خلاله “مو صلاح”  بعض المعجزات وقاد الفريق للانتقال إلى فضاء أرحب بكثير، بل وجعله يتطلع بكل ثبات لاستعادة أمجاد الماضي، لقد قاده كي يصبح مراهنا جديا وقويا للغاية من أجل البطولات، وموسمه الأول في قلعة “الأنفيلد” كان مثاليا إلى أبعد الحدود، إذ كانت الاستفادة المشتركة متبادلة.

فليفربول اغتنم وجود لاعب موهوب متعطش للتألق ليصبح الفريق مهابا ويصل إلى المحطة النهائية من مسابقة دوري الأبطال، أما صلاح فقد استغل توفر كل ممهدات النجاح كي ينتقل من طور إلى طور، ويتحوّل إلى لاعب من بين صفوة النجوم في العالم خلال حيز زمني قصير.

أرقام صلاح في موسمه الأول مع “الليفر” تغني عن كل تعليق، أهدافه الحاسمة والممتعة والجميلة والغزيرة كان لها مفعول السحر الذي جعل اللاعب يستحقّ كل عبارات الإشادة والتنويه، هي أرقام جعلته يستحقّ كل الجوائز الفردية التي توجّ بها وكل هذا الاهتمام المتزايد بشأنه.

شيء فقط ربما يكون قد نغّص غبطة الفرعون المصري، فتلك الإصابة اللعينة التي تعرّض لها في نهائي دوري الأبطال ضد الريال جعلته لا يكمل المباراة فقلصّت من حظوظ فريقه في اقتناص اللقب، إصابة جعلت مشاركته في المونديال الأخير مهدّدة جديا.

لكنه لم يتخلّف بفضل إصراره وعزيمته عن الموعد المونديالي، شارك وحاول تقديم يد المساعدة للمنتخب المصري، لكن للظروف أحكامها فصلاح لم يكن في أفضل حالاته تماما مثل منتخب بلاده، ليغادر العرس الكروي مبكرا.

غادر روسيا، ثم مكث لبضعة أيام في إجازة قبل أن يبدأ التفكير في رهانات الموسم الجديد، لقد حانت بسرعة ساعة الإعداد الجدي والعمل الدؤوب، فصلاح يدرك قبل الناس جميعا أن الموسم الجديد سيكون أصعب والرهانات خلاله ستكون أكبر وأكثر.

اليوم باتت كل الأعين تراقب صلاح وتنتظر لمساته وإبداعاته، أي سقطة ستكون مرفوضة وأي تراجع سيكون ممنوعا، على صلاح أن يثبت للعالم بأسره أنه لا يقل شأنا وقيمة عن بقية نجوم الشباك الأول، يتوجّب عليه أن يقنع الكل بأنه في مكانة لا تقل أهمية وتأثيرا عن مكانة لاعبين أفذاذ مثل ميسي ورونالدو وغيرهما.

الموسم الجديد سيكون دون شك عسيرا، فهو موسم التأكيد وتحقيق الوعود والإيفاء بالعهود، سيتعين على نجمنا العربي المصري أن يؤكد أنه الأفضل في الدوري الإنكليزي، وأن ما تحقّق خلال الموسم الماضي لم يكن مجرد صدفة، بل هو نتاج إبداع موهبة فذة عبقرية قدرها الصعود خطوة بعد أخرى إلى القمة ثم المكوث هناك لسنوات عديدة تماما مثلما يحصل مع ميسي ورونالدو وبقية النجوم.

سينبغي على محمد صلاح أن يحافظ على ثباته ويسير على خيط رفيع وسط أشواك وأهوال منافسات الدوري الإنكليزي القوية وكذلك دوري الأبطال، يتوجّب عليه أن يتقمّص مجددا دور البطل والنجم المؤثر ويقود ليفربول إلى تحقيق النتائج الرائعة.

وهنا تكمن المعادلة الساحرة، فبقدر صعوبة القادم في مسيرة صلاح خلال الموسم الجديد بقدر ما يمكن أن يحمله هذا الموسم من أخبار رائعة وجميلة لهذا الفتى الساحر.

هنا تكمن معادلة النجاح العالمي، فبقدر العطاء سيكون الجزاء، وبقدر ما يبدع ويتألق صلاح مع ليفربول ويحافظ على مستواه الذي ظهر به الموسم الماضي بقدر ما يتوفّق في تذوق طعم التتويجات.

في الموسم الماضي اقترب صلاح مع ليفربول من “العين الجارية” وكاد يشرب من كأس دوري الأبطال، أما في الموسم المنتظر فإن ملامح بطل إنكليزي وأوروبي بصدد التشكل في حضرة هذا الفرعون القادر تماما على تذليل الصعوبات وتطويع الصعوبات وإحالتها إلى صورة جميلة تكون مكملة لتلك الصورة الناصعة التي رسمها نجمنا العربي في الموسم الماضي.