الأزمة الإيرانية..

إيران وسيناريو الانقاذ

حيرة النظام الإيراني: نذهب من هنا، بل من هنا

منى الجبوري

هناك فترات حاسمة وخطيرة مرت بالنظام الديني الحاكم في إيران من بينها فترة الحرب العراقية ـ الايرانية وإضطرار الخميني في نهاية المطاف الى الرضوخ والقبول وعلى مضض بقرار وقف إطلاق النار وإجتراعه لكأس السم كما وصف بنفسه ذلك. كما إن هناك أيضا فترة عملية الضياء الخالد التي وصل فيها جيش التحرير الوطني الايراني الى مشارف مدينة كرمانشاه وأعلن على أثرها الخميني النفير العام من أجل التصدي لهذا الهجوم الذي هز النظام بقوة. كما إن هناك فترة الاتفاق النووي الذي وقع النظام عليه في أواسط تموز 2015، حيث كان مضطرا حينئذ بفعل الاوضاع الوخيمة جدا والتي كان يمكن أن تٶدي الى ما هو أقوى من إنتفاضة ضده، للقبول به رغما عنه، لكن، كل هذه الفترات العصيبة في كفة وما يعاني منه النظام في الفترة الحالية بكفة أخرى، فهذه المرة اللعبة تختلف تماما، إذ إن المطلوب منهم أكبر بكثير من كل ماقد تم طلبه منهم خلال الفترات السابقة التي أشرنا لها.

لو قمنا بمقارنة مدى تأثير الضغوط والعقوبات الاميركية مضافا إليه الاوضاع الداخلية المتوترة وتردي الاوضاع الاقتصادية الى أبعد حد من جانب، مع تأثير الظروف والاوضاع المشابهة خلال الفترات التي أشرنا إليها أعلاه من جانب آخر، لوجدنا إن البون شاسع جدا فيما بينهما، وهذا يعني إن الخطر والتهديد الذي يحدق بالنظام خلال هذه الفترة قوي وجدي الى الحد الذي يدفع النظام الى توحيد صفوفه ورصها وتناسي الخلافات بين الجناحين والتلويح بإطلاق زعماء ما يسمى بالحركة الخضراء، أي كروبي ومير حسين موسوي ورفع الحظر الاعلامي المفروض على الرئيس الاسبق محمد خاتمي.

هذا التطور الملفت للنظر، يأتي متزامنا مع رفع درجة ومستوى الحرب الكلامية بين واشنطن وطهران وكذلك متزامنا مع إنهيار تاريخي جديد للعملة الايرانية كما وصفها الايرانيون بأنفسهم حيث وصل سعر الدولار الى 110 آلاف ريال، بحيث يمكن حمله على إن طهران سائرة في طريق البحث عن خيارات أخرى غير المواجهة المباشرة من أجل الخروج من المحنة العويصة الحالية، وإن السعي للعب ورقة الاعتدال والاصلاح مرة أخرى وبالصورة التي قد تم طرحها، يثبت بأن النظام يستخدم أقوى ما في جعبته من أجل العبور الى الضفة الاخرى مع تقديم أقل نسبة ممكنة من التنازلات، إذ أن إدارة ترامب التي تسعى لنزع ريش القوادم من جناح النظام الايراني، لكن يبدو إن النظام قد يتخلى عن ريش ذيله من أجل أن يبقى متمكنا من الطيران.

السيناريو الذي يبدو إن طهران باتت تعد العدة اللازمة من أجل تقديمه على مسرح الاحداث، يمكن أن يتم تعليله لأن النظام كله في خطر وإذا ماسقط فإنه ليس هناك من فرق بين إصلاحي أو متشدد فكلاهما قد ألحقا الضرر بالشعب الايراني بصورة أو أخرى، كما إن هناك نقطة مهمة أخرى، وهي إن الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، لم تعد تهتم أو تتأثر كما كان في سابق عهدها مع هذه اللعبة، إذ أن واشنطن لن تنظر الى الوجوه وإنما الى ما سيتم تقديمه من تنازلات "مٶلمة جدا"على طاولة المفاوضات!