انهيار تاريخي..

تقرير: هل يعصف الريال الإيراني بنظام الملالي؟

الريال الإيراني

طهران

عام أسود يعيشه الريال الإيراني في ظل استمرار مسلسل هبوطه أمام الدولار، وغياب أي أفق لنهاية هذا الانهيار، فقد تراجعت العملة المحلية في السوق السوداء إلى أكثر من 122 ألف ريال للدولار الواحد لتنخفض بذلك بأكثر من 172% منذ بداية العام.

ولم يكن وضع الريال في السوق الرسمي في حال أفضل مع هبوطه بأكثر من 28% منذ بداية 2018.

انهيار تاريخي للريال الإيراني

تراجعت العملة المحلية في إيران خلال الأسبوع الأخير من يوليو 2018، إلى مستويات متدنية غير مسبوقة، إذ بلغ الدولار الواحد نحو 120-122 ألف ريال إيراني في السوق الموازية.

ويعود تدهور العملة إلى إعلان الولايات المتحدة في مايو انسحابها من الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، الذي رفعت بموجبه مجموعة من العقوبات مقابل كبح البرنامج النووي لطهران.

ومن المتوقع أن يستمر مسلسل انهيار الريال الإيراني، وبصورة أكبر، مع بدء سريان العقوبات الأمريكية على نظام طهران.

أزمة توفير العملة الصعبة

التراجعات القياسية للريال الإيراني تأتي مع اقتراب بدء تطبيق المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية على طهران في السابع من أغسطس، وذلك بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو الماضي.

عودة العقوبات الأمريكية تعني قيودا على صادرات إيران النفطية التي تعادل 80% من صادرات البلاد، فضلا عن تقييد تعاملات الشركات والبنوك العالمية مع طهران، الأمر الذي سيحد من قدرة طهران على توفير احتياجاتها من العملة الصعبة.

وأعلنت إيران، يوم الأحد الموافق 5 أغسطس الجاري، خطة لتخفيف قواعد الصرف الأجنبي، في الوقت الذي تسعى فيه طهران لمواجهة آثار هبوط عملتها وتستعد لمواجهة عقوبات أمريكية جديدة.

وتلغي الخطة حظرًا على مكاتب الصرافة لبيع العملة الصعبة بالأسعار الحرة لأغراض مثل السفر إلى الخارج. كما ستسمح الخطة للمصدرين ببيع العملة الصعبة إلى المستوردين، فضلا عن عدم وجود سقف لتدفقات العملة أو الذهب الداخلة إلى البلاد.

ومن المقرر توفير العملة الصعبة بأسعار مدعمة لشراء السلع الأساسية والدواء.

الإطاحة بالمسؤولين المصرفيين

إيران بدورها بذلت العديد من المحاولات للحد من انهيار الريال، كان آخرها طرد نائب مدير مكتب العملات الأجنبية في البنك المركزي، أحمد عراقجي، من منصبه، في وقت يواجه الريال الإيراني انهيارا كبيرا.

وواجه عراقجي، قريب كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين عباس عراقجي، انتقادات متكررة بسبب افتقاره للخبرة المطلوبة.

وكان الرئيس، حسن روحاني، عيّن في أواخر يوليو الماضي، عبد الناصر همتي محافظا جديدا للبنك المركزي، خلفا لولي الله سيف الذي يشغل المنصب منذ 5 سنوات. إلا أن هذه المحاولات لم تنجح في إحداث أي تغيير في مسار العملة.

وتعرض البنك المركزي لانتقادات شديدة بشأن تعامله مع أزمة انهيار الريال، لكنه ألقى باللائمة على ما وصفها بـ"مؤامرة من الأعداء الساعين لزيادة تفاقم المشكلات الاقتصادية ونشر القلق بين الناس".

أوضاع الاقتصاد تزداد قتامة

أزمة الاقتصاد الإيراني لم تقتصر على انهيار العملة، فالبطالة وصلت بحسب الأرقام الرسمية إلى 12%، في حين تشير التقديرات إلى أن معدلاتها بين الشباب تصل إلى أكثر من 30%.

وحتى على مستوى النمو، فالمستقبل يبدو مظلما بالنسبة للاقتصاد الإيراني، مع توقعات بيوت الخبرة بتراجع وتيرة النمو بشكل كبير في السنوات المقبلة.

شرارة الاحتجاجات تشتعل

أدى تزايد وتيرة معدل هبوط قيمة الريال الإيراني، إلى إشعال موجة احتجاجات جديدة، وسط تصاعد الغضب من النظام، الذي يواجه اتهامات بنهب ثروات البلاد وتسخيرها لأجندته الخبيثة في المنطقة.

وصاحب هبوط العملة المحلية، ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع، ما أنهك الشعب الإيراني الذي تعاني، شريحة واسعة منه، من البطالة والفقر والتهميش.

وستزيد العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة، في كل من 7 أغسطس، والـ 4 نوفمبر من تفاقم الأزمة في طهران، مما يتوقع أن يزيد من حدة الاحتجاجات داخل الشارع الإيراني.

كما ستزيد من الضغوطات على الاقتصاد الإيراني المتهالك، ما يمعمق أزمة النظام، الذي يشهد حالة من القلق و الغليان الداخلي، بسبب تدهور الأوضاع والتي تزداد سوءا مع بدء العقوبات.

وخرجت احتجاجات متفرقة في مدن إيرانية رئيسية عدة، يوم السبت الموافق 4 أغسطس الجاري، بينها طهران حيث هاجم متظاهرون للمرة لأولى حوزة دينية.

وشارك المئات في تظاهرات العاصمة طهران ومدن أخرى، بينها أصفهان وهمايونشهر وأراك وقهدريجان ومشهد ونجف آباد وقرجك ورامين واشتهارد وقم.

واستمرت المظاهرات الحاشدة، رغم لجوء الأمن الإيراني إلى القوة، فقد أفادت التقارير الواردة من إيران، بمقتل متظاهر واعتقال أكثر من 20 شخصا.