تمهيدا لاستقبال نفط الجنوب..

السودان يبدأ تسوية ديونه للشركات العالمية

موقع نفطي في جنوب السودان

وكالات (أبوظبي)

 - أرشيفية

توصل السودان إلى اتفاق مع شركة "ONGC" للنفط الهندية، أوقف بموجبه دعوى ضد الحكومة السودانية بسبب عجز في سداد الديون، في خطوة اعتبرت ضرورية لانخراط السودان من جديد في عمليات تصدير نفط جنوب السودان عبر الموانئ السودانية، فضلا عن إعادة الثقة بالتعاون مع الاستثمار الأجنبي في عمليات النفط في السودان التي تعطلت لفترة طويلة جراء الديون.

وكانت الشركة الهندية رفعت دعوى تحكيم على حكومة السودان أمام محكمة في لندن؛ سعيا لاسترداد مستحقات متأخرة منذ سنوات تتعلق بمشروع تضرر من انفصال جنوب السودان في عام 2011.

ويتعلق جوهر النزاع بحصة نسبتها 25% استحوذت عليها الشركة الهندية في مشروع نفطي كبير في السودان عام 2003. 

وتملك شركة البترول الوطنية الصينية حصة 40% في المشروع، بينما تحوز "بتروناس" الماليزية 30%.

وفي عام 2016 وقّعت الشركة الهندية اتفاقا منفصلا مع السودان لبيع حصتها من النفط في المشروع النفطي الكبير. 

ولم يسدد السودان 90.81 مليون دولار للشركة الهندية عن مشتريات النفط لعامي 2016 و2017.

وظلت الحكومة السودانية تستخدم نصيب الشركة الهندية منذ انفصال جنوب السودان، ما راكم المطالبات المالية على السودان لتصل إلى نحو 98.94 مليون دولار.

ويشمل الاتفاق الأخير بين الحكومة السودانية والشركة الهندية ما يتعلق بموضوع دعوى التحكيم فقط، وهي جزء من المستحقات المتأخرة التي تصل إلى نحو 425 مليون دولار.

ويهيئ الاتفاق مع الشركة الهندية، السودان للانخراط من جديد في عمليات تصدير النفط القادم من حقول جنوب السودان، بعد أن رعت الخرطوم اتفاقا للسلام بين الفرقاء الجنوبيين يتيح لها الاستفادة من عائدات النفط والمساعدة بخبراء سودانيين في إعادة تأهيل حقول النفط التي دمرتها الحرب في الجنوب.

وينص اتفاق الخرطوم للسلام الموقع بين الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار وعدد من الأطراف، على أن تقوم الخرطوم بالعمل على إعادة تأهيل حقول النفط في جنوب السودان في مربعات (1،2،4، وA5) فضلا عن استعانة حكومة جنوب السودان بجيش السودان لحماية مناطق إنتاج النفط، وهو ما يعني تمديد أجل اتفاقية المساعدة المالية المبرمة بين السودان والجنوب بعد انفصال الأخير، والذي انتهى قبل 3 سنوات عام 2015، ووفقا لهذا الاتفاق ينال السودان ما يعادل 25 دولارا تقريبا مقابل عبور برميل النفط من الجنوب عبر الأراضي السودانية.

وتشمل حصة الشركة الهندية مربعات 1و2و4 واتفقت الشركة على مد خط أنابيب إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، لكن في 2011 انفصل جنوب السودان، مسيطرا على مربعات 1A و1B وجزء من مربع 4.

وبما أن السودان صار لاعبا رئيسيا في اتفاقية السلام بجنوب السودان، فعليه تسوية المشكلات العالقة مع الشركات النفطية التي لها ديون متراكمة عليه.

ويحتاج السودان أكثر من أي وقت مضى إلى تفاهمات مع الشركات الأجنبية، للعودة للعمل في إنتاج النفط، خصوصا في أعقاب تراجع صادراته إلى مستوى ضعيف من النفط بعد انفصال دولة جنوب السودان التي كانت تحوز على نسبة 95% من صادرات السودان النفطية.

وحسب بيانات رسمية، انخفض إنتاج النفط في السودان إلى أقل من 90 ألف برميل يوميا، بنسبة 76% من المستهدف خلال عام 2017، وبلغ إنتاج النفط في الربع الأول من العام الحالي 8 ملايين برميل من النفط الخام.

ويمكن لانسياب النفط من حقول الجنوب إلى الأنابيب السودانية، أن يوفر ملايين الدولارات للسودان من رسوم العبور.

وتواجه البلاد حاليا أزمة اقتصادية خانقة تسببت في ارتفاع غير مسبوق للعملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، ما أدى لتعطيل عدد من المشروعات الإنتاجية نتيجة العجز في التمويل.

واضطرت الخرطوم إلى إجراء تسويات مماثلة مع شركات صينية كانت تعمل في خطوط الأنابيب، التي يعتمد عليها السودان كعائدات للعملات الأجنبية مقابل عبور نفط الجنوب إلى التصدير.

وعين الرئيس السوداني السنة الماضية الدكتور عوض الجاز، وزير النفط السابق مساعدا له لإدارة عدد من الملفات، من بينها حلحلة أزمة الديون مع الشركات الصينية والهندية، كونه ملما بكافة تفاصيل عقودات عمليات إنتاج النفط السوداني قبل انفصال الجنوب عام 2011م.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي لـ"العين الإخبارية": إن التوصل إلى تفاهمات مع الشركة الهندية يعالج واحدة من المشكلات الكبيرة التي أعاقت تطوير وتنمية قطاع النفط في السودان.

وأوضح أن مشكلة الديون تسببت في عزوف المستثمرين الأجانب والسودانيين من الاستثمار في إنتاج النفط بالبلاد.

ومنذ عام 2012 تراجع إنتاج النفط السوداني بسبب الهجوم الذي شنته جوبا على أكبر حقول النفط في حوض “هجليج” النفطي الذي يحتوي على 57 بئرا نفطية بولاية جنوب كردفان غربي السودان في الحدود الموازية مع دولة جنوب السودان.

و"هجليج" من المنشآت الرئيسية لمعالجة ونقل النفط في كل من السودان وجنوب السودان على السواء، ففيها محطة ضخ النفط الرئيسية، ومحطة معالجة الخام الأساسية، وخزانات للوقود الخام، ومحطة لتوليد الكهرباء تغذي كافة حقول النفط في المنطقة ومستودعا للمعدات النفطية.

ومنذ ذلك التاريخ لم يحرز الإنتاج أي تقدم، ما يضطر الحكومة السودانية إلى استيراد الخام من الخارج، خاصة أن استهلاك البلاد من النفط الخام في حدود 110 آلاف طن سنويا حسب التقديرات الرسمية.

ويرى خبراء اقتصاديون أن الاتفاقية التي أبرمتها الخرطوم مع الشركة الهندية تعني أن السودان يتأهب لعودة إنتاج النفط في دولة جنوب السودان، ومن ثم تصديره والاستفادة من رسوم العبور عبر أراضيه وصولًا إلى ميناء بشائر بولاية البحر الأحمر لضخ الأموال في شريان الاقتصاد السوداني.

 وفي الماضي، كانت رسوم مرور نفط الجنوب تمثل نسبة كبيرة من الموازنة العامة السودانية بعد أن فقدت معظم مناطق إنتاج النفط لمصلحة جنوب السودان عند انفصاله.