اتفاق مقترح يتضمن عودة السلطة إلى القطاع..

حماس والفصائل تناقش في مصر صفقة تهدئة ومصالحة

تجمع أمام مقر لـ«أونروا» في غزة احتجاجاً على تقليص عملياتها

وكالات (لندن)
قالت مصادر فلسطينية مطلعة أمس، إن حركة «حماس» تسعى إلى صفقة شاملة في مصر تشمل اتفاق تهدئة مع إسرائيل واتفاق مصالحة مع السلطة الفلسطينية.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن وفد «حماس» الذي وصل إلى القاهرة وشمل قادة من داخل فلسطين وخارجها سيطلع المسؤولين المصريين على موقفها النهائي من قضيتي التهدئة والمصالحة، وهو الأمر الذي سيكون مثار نقاش كذلك مع فصائل فلسطينية أخرى أرسلت ممثلين إلى مصر. ويُتوقع أن يصل وفد من حركة «فتح» إلى القاهرة بعد انتهاء اجتماعات المجلس المركزي نهاية الأسبوع.
وأكد مسؤولون في «حماس» أنهم سيبحثون التهدئة والمصالحة في القاهرة، لكن من دون أن يعطوا أي تفاصيل. وقال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، في تغريدة على «تويتر»، إن الحركة ستجري في القاهرة لقاءات تشاورية مع الفصائل الفلسطينية بشأن التهدئة، فيما شدد حسام بدران، مسؤول ملف العلاقات الوطنية في «حماس»، على أن وفد الحركة في القاهرة مستعد للعمل على تحقيق وحدة وطنية حقيقية وتطبيق المصالحة بحسب الاتفاقات السابقة، وخصوصاً اتفاقات العام 2011.
لكن مصادر «الشرق الأوسط» أكدت أن الحديث يدور عن اتفاق تهدئة يمتد لسنوات ويشمل عودة السلطة إلى غزة. وقالت المصادر إن «حماس» تسعى إلى الحصول، بمساعدة مصر، على إجماع على صفقة شاملة. وأضافت: «حماس مستعدة لوقف إطلاق نار طويل الأمد يشمل وقف المسيرات على الحدود والهجمات والبالونات الحارقة مقابل فتح معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح بشكل كامل واستخدام معبر رفح للأفراد والبضائع». وتابعت أن «الحركة مستعدة أن تناقش بعد ذلك اتفاقاً ثانياً محتملاً يشمل صفقة تبادل أسرى وإقامة مشاريع اقتصادية كبيرة في القطاع».
وأكّدت المصادر ذاتها أن «حماس توافق أيضاً على عودة السلطة ضمن اتفاق مصالحة داخلي، وهو أحد الشروط المصرية التي أكد عليها أيضاً نيكولاي ميلادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام».
وستكون هذه النقاط على طاولة لقاء المسؤولين المصريين بمسؤولي «حماس» والفصائل الأخرى، وكذلك بحركة «فتح». ويُعتقد أن الجانب المصري سيدرس إمكانية جمع كل الفصائل في اجتماع موسع من أجل إعلان اتفاق مصالحة وكذلك اتفاق تهدئة. وأفادت تقارير إسرائيلية بأن الجهود المتقدمة التي تبذلها مصر من أجل اتفاقي التهدئة والمصالحة، وهما يسيران في خطين متوازيين، جاءت باتفاق مع إسرائيل والولايات المتحدة. وتشير هذه التقارير إلى أن التنسيق بين الأطراف المعنية كان خلال الفترة الماضية فيما يخص قطاع غزة في أعلى مستوياته، وأن مصر وإسرائيل ناقشتا التوصل إلى تسوية سياسية في قطاع غزة تتضمن سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، ووقف إطلاق النار، وتخفيف الحصار المفروض على غزة، والدفع بعملية تأهيل البنى التحتيّة المهمة فيها. كما ذكرت التقارير الإسرائيلية أن المحادثات بين الجانبين شملت قضية جثامين الجنود والإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» في غزة. وبحسب المصادر الإسرائيلية ذاتها، فقد أوضح الجانب المصري أن الحل للوضع في غزة يجب أن يتم من خلال سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع من جديد، وتحمّلها مسؤولية إدارته بدل «حماس»، وأن هذا يمكن يحصل في شكل متدرج ودون المطالبة بنزع الأسلحة الثقيلة في القطاع كشرط مسبق.
وقال وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون أمس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر في مايو (أيار) الماضي للبحث في وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة. وتابع أن «كل ما سيحدث في غزة سيتم بوساطة ومشاركة مصرية». ولم تعلق القاهرة على هذه التقارير، فيما امتنع متحدث باسم نتنياهو عن التعليق على الاجتماع المزعوم، وأكد مسؤول إسرائيلي أن اتفاقاً مع «حماس» بات «شبه جاهز».
ورغم عدم تعليق القاهرة على ما تردد عن لقاء نتنياهو- السيسي، فان مصدراً مصرياً مطلعاً، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شرط عدم نشر اسمه، قال إن بلاده «لا تدخر وسعاً، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتبذل جهداً حثيثاً في الملف الفلسطيني من أجل الوصول إلى حل عادل وجوهري ودائم».
وأفاد مصدر مصري آخر، مطلع على ملف المفاوضات في إطار التهدئة التي ترعاها مصر بين «حماس» وإسرائيل أن «القاهرة أبلغت تل أبيب بشكل مباشر أن مصلحتها إتمام المفاوضات، وخاصة في ظل حالة الضعف التي تعتري حكومة نتنياهو.
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عضو مجلس النواب المصري، الدكتور عماد جاد لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحرك المصري في سياق العلاقات مع إسرائيل، يأتي مكملاً للسياسة المصرية المعلنة بضرورة إقرار التهدئة وضمان عدم عرقلة إسرائيل للمصالحة بين فتح وحماس، وكذلك التحرك اللاحق على مبادرة للتسوية الإسرائيلية».
ومن المنتظر أن يعقد وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، جلسة يناقش خلالها الوضع في قطاع غزة بحضور رؤساء أفرع الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ويقرر بشأن إعادة فتح معبر «كرم أبو سالم» بكامل طاقته لمرور البضائع والسلع إلى قطاع غزة وإعادة توسعة مساحة الصيد في البحر قبالة شواطئ القطاع.
وقالت مصادر إسرائيلية إنه سيتم النظر في المزيد من الحوافز الاقتصادية في الأيام المقبلة إذا لم يكن هناك «تجديد للعنف».
ويفترض أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر اليوم الأربعاء لبحث الاتفاقات السياسية المحتملة حول غزة والمصادقة على فتح معبر كرم أبو سالم وإعادة توسيع مساحة الصيد.
وفيما يخص المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، تقترب «حماس» أكثر من الموافقة على طلبات حركة «فتح» لكن مع بعض التعديلات. ووافقت «حماس» على ورقة مصرية تحفظت «فتح» عن بعض بنودها.
وكانت مصر قدّمت ورقة تقوم على اتفاق من 4 مراحل، يتضمن تسلم الحكومة الفلسطينية لكامل الوزارات في قطاع غزة في الأسبوع الأول، فيما يتم حل ملف الموظفين الحكوميين خلال أسبوعين وفق مخرجات اللجنة القانونية الإدارية التي طلبت أولاً السماح للموظفين القدامى بالعودة لحصر أعدادهم ثم استيعاب موظفي «حماس» المدنيين. وفي المرحلة الثالثة يلتقي قادة الأجهزة الأمنية في رام الله مع نظرائهم في قطاع غزة في اجتماعات تجري في القاهرة بحضور مصري من أجل الاتفاق على هيكلة الأجهزة الأمنية.
واقترحت مصر في هذا الخصوص أن يتم اقتطاع جزء من الجباية التي ستسلم لحكومة التوافق من أجل دفع رواتب العسكريين التابعين لحكومة «حماس». وتقترح الورقة المعدلة عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير من أجل إعادة تفعيل المنظمة. وتتضمن الورقة تسليماً كاملاً للمعابر للسلطة الفلسطينية. ورفضت حركة «فتح» تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه المرحلة قبل تسليم كامل للسلطة في غزة، ورفضت كذلك الاعتراف بالعسكريين التابعين لـ«حماس». 

وطلبت تمكيناً شاملاً بما في ذلك الأجهزة الأمنية والجباية والقضاء والأراضي وليس فقط في الوزارات.
وفي تل أبيب، أفيد بأن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، عقد أمس الثلاثاء، جلسة «تقييم للوضع» مع رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، وعدد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، تقرر في أعقابه فتح معبر كرم أبو سالم وإبقاؤه مفتوحاً في حال «استمر الهدوء على حدود قطاع غزة». كما تقرر إعادة توسيع حيز الصيد إلى مسافة 9 أميال. وقال مصدر عسكري إن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب يومين من الهدوء على حدود قطاع غزة، ووصفهما بأنهما «مرا من دون طائرات ورقية أو بالونات حارقة، ومن دون احتكاكات قرب السياج الحدودي».
وكان ليبرمان قد صرح، أول من أمس، بأنه فيما يتعلق بالحرب مع قطاع غزة ليست مسألة إن كانت ستقع أم لا، بل متى وكيف. ومع أن الهدوء جاء إثر التوصل إلى اتفاق وقف النار، بوساطة مصر ومبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف. ونفت إسرائيل وجود اتفاق، وأكد مكتب رئيس الحكومة أن إسرائيل لم تتعهد بوقف إطلاق النار.