طرد التنظيم من المكلا درس نموذجي..

مواجهة القاعدة باليمن.. حرب إماراتية مفتوحة ضد عدو عالمي

تأمين البر وحماية البحر

واشنطن

يكاد النزاع المسلّح الدائر في اليمن بين القوات الموالية للسلطات المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، والمتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران، يصرف الأنظار عن حرب موازية لا تقلّ أهمية ضمن جهود بسط الاستقرار في البلد، وهي الحرب ضدّ تنظيم القاعدة، حيث قامت القوات الإماراتية على مدار السنوات الثلاث الماضية بدور حيوي أنقذ مناطق شاسعة من البلد المضطرب من الوقوع تحت براثن التنظيم الذي أتاحت له ظروف الحرب ضدّ المتمرّدين فرصة التمركز وتحقيق حلم قياداته ومنظّريه، في تأسيس إمارة على الأراضي اليمنية، وقد شرع في ذلك بالفعل انطلاقا من مدينة المكلاّ مركز محافظة حضرموت، قبل أن تقود الإمارات جهود طرده منها.

وأعاد تقرير لصحيفة الإندبندنت البريطانية تسليط الأضواء على الدور الإماراتي في مواجهة تنظيم القاعدة ومنعه من التغوّل ومدّ خطره نحو الإقليم، بل العالم، نظرا إلى الموقع الاستراتيجي لليمن الذي يشرف على ممرّ بحري بالغ الحيوية للتجارة العالمية تمرّ عبره يوميا آلاف الأطنان من السلع على رأسها النفط.

وأبرزت الصحيفة نقلا عن قادة عسكريين وجود إصرار إماراتي على مواجهة التنظيم في اليمن حتى القضاء على خطره بالكامل، مشيرة إلى ما سمته بصمة عسكرية إماراتية واضحة في تأسيس قوات يمنية لعبت دورا هاما في مواجهة التنظيم.

وأشار هؤلاء القادة إلى أنّ القوات الإماراتيـة درّبـت منـذ 2015 قـوة قـوامها قـرابة الستين ألف جنـدي يمني مـؤلفة من رجال القبـائل وقوات أمن سابقة.

ونقلت الإندبندنت عن مسؤول عسكري إماراتي كبير قوله “القاعدة الآن تختبئ وتختبئ.. حرمناهم من ملاذاتهم الآمنة ومصادر التمويل ومجمعات التجنيد”، متوعّدا بأنّه “حتى لو انتهت الحرب ضدّ الحوثيين، فالإمارات ستواصل محاربة العدو العالمي، ألا وهو تنظيم القاعدة”، ومضيفا “سنطهر اليمن في نهاية المطاف من كلّ الجماعات الإرهابية”.

وكان طرد تنظيم القاعدة من مدينة المكلاّ في ربيع سنة 2016 قد مثّل درسا تطبيقيا لنجاح الاستراتيجية التي سلكتها الإمارات في مواجهته من خلال الرهان على تشكيل قوات محليّة تحمل اسم النخبة، مثل النخبة الحضرمية في إشارة إلى كونها قوات خاصة عالية التدريب والتسليح، فضلا عن خبرة عناصرها بالميادين التي يعملون فيها كونهم من أبناء القبائل المحلّية.

وكان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهو جناح التنظيم العالمي في اليمن، قد سيطر لفترة وجيزة على المكلا في حضرموت، والعديد من البلدات والمدن الأخرى في محافظات شبوة وأبين والبيضاء. وطردته القوات المحلية المدعومة من الإمارات من هذه الأماكن في سلسلة من العمليات العسكرية. لكن المسلحين المتشدّدين ظلّوا ينشطون في عدد من المناطق النائية بجنوب وشرق اليمن.

وقال القادة العسكريون الذين نقلت عنهم الصحيفة البريطانية إنه بفضل عمليات مكافحة الإرهاب الإماراتية في اليمن، باتت القاعدة حاليا في حالة انحدار ولا تمتلك إلا مجرد جيوب صغيرة في بعض المناطق المعزولة في مأرب وجنوب البيضاء ووادي حضرموت، وأنه تم تدمير قدراتها على التخطيط للهجمات خارج اليمن.

اجتثاث التنظيم من اليمن يعني حماية بلد ذي موقع استراتيجي استثنائي يشرف على ممر بحري بالغ الحيوية للتجارة العالمية

وتضع دولة الإمارات تدخّلها في اليمن ضمن التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية، تحت منظور شامل لإعادة الاستقرار في البلد، يتجاوز مجرّد المشاركة في المواجهة العسكرية ضدّ المتمرّدين الحوثيين، إلى مواجهة جميع التنظيمات المتشددة، على أن يتم إلحاق ذلك بجهود إغاثية وتنموية للمناطق التي تستعاد من المتمردين والمتشددين، كخطوة نحو ترميم سلطة الدولة وإعادة تركيز أجهزتها بما في ذلك الأجهزة الأمنية التي تتولى الحفاظ على الاستقرار المتحقق وحمايته من الانتكاس، وهو ما يُلمس بشكل عملي في مدينة المكلاّ حيث نجحت الجهود الإماراتية في تطبيع الأوضاع وإعادة المسار الطبيعي لحياة سكان المدينة التي انتزعت من سيطرة القاعدة.

وأشار العميد الركن مسلم الراشدي أحد المتحدّثين باسم القوات الإماراتية في اليمن إلى هذا المنظور بالقول إنّه ليس بالإمكان التحدث عن أي شيء يتعلق باستقرار اليمن إلا بعد إجلاء القاعدة عنه وإعادة إعماره حيث نقوم بتوفير الدعم الإنساني وتوفير الخـدمـات الأسـاسية وتطـوير البنى التحتية.

وتكتسي مواجهة التنظيم في اليمن بعدا عالميا تجسّده مشاركة الولايات المتحدة فيها عن طريق جهودها الاستخباراتية والضربات الانتقائية عن طريق الطائرات دون طيار.

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن تنظيم القاعدة يستخدم اليمن كمركز لوجستي للتجنيد، والتمويل، وتخطيط العمليات، وإعداد العناصر الإرهابية، وخبراء المتفجرات، بهدف تصديرهم للعالم.

وشرح في مؤتمر صحافي عقده في وقت سابق بدبي أنه “بغض النظر عن شكل الحالة اليمنية بعد النزاع، إذا سمحنا للقاعدة بالتمركز ولم أن ننتزعها من جذورها، ستكون تهديدا للحالة اليمنية”، مؤكّدا “واشنطن تفهم الوضع الاستراتيجي لليمن، كما أنها تفهم مدى خطورة القاعدة هناك، وأن هذه فرصة لم تتوفر منذ عشرين سنة لمواجهة خطر هذا التنظيم ومعالجته”.