قانون جديد..

تجريم الزواج العرفي يثير جدلا في مصر

هل يحل التجريم الأزمة

حازم خالد

قالت آمنة نصير، عضو في البرلمان المصري، وصاحبة مشروع قانون تجريم الزواج العرفي، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن هذا الاقتراح يهدف إلى “ضبط عملية الزواج بالمحددات الشرعية، ومعاقبة الخارجين على نطاق الزواج الرسمي أمام المأذون الشرعي”.

وأوضحت نصير أن المسؤولية الأولى في التشريع “ستقع على الرجل المتزوج عرفيًا بحبسه لمدة عام على الأقل”، دون تحديد عقوبة على المرأة المتزوجة.

وأشارت إلى أنها ستقدم تشريع “تجريم الزواج العرفي” إلى البرلمان، في أكتوبر مع بدء دور انعقاد البرلمان.

كان تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي) أوضح أن عدد عقود الزواج العرفية بلغ 149 ألفا و232 عقدا عام 2017، مقابل 128 ألفا و411 عقدًا خلال 2016، بزيادة قدرها 16 بالمئة.

وقد يترتب على الزواج العرفي، ضياع حقوق الزوجة والأطفال أمام محاكم الأسرة في مصر، خاصة في ما يتعلق بإثبات نسب الأطفال، كما لا يترتب على الزواج العرفي توارث بين الزوجين، أي أن أحدهما لا يرث الآخر ميراثا شرعيا.

وطالب الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، بأن تكون هناك معالجة فكرية وتوعية عن الزواج العرفي في مصر، بحيث لا تتكرر أو تزداد حالاته في مصر، رافضا تجريم الزواج العرفي وفقا لما أعلن عن تقدّم مشروع قانون بذلك، مؤكدا أن التجريم لا يحلّ الأزمة بل يزيد من أوضاعها وتكرارها في المجتمع.

وصرّح أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب لـ”اليوم السابع”، “أرفض أي عقوبات تقدم ضد الزوج أو الزوجة المتزوجين عرفيا، لأن حل هذه الظاهرة ومواجهتها يحتاج إلى تحرك مجتمعي من خلال تفعيل دور التوعية والثقافة لدى المواطنين، وخاصة أنه لا يوجد ما يحرم الزواج العرفي، فمعنى وضع تجريم له سيزيد من تكرار الحالات في هذه الظاهرة”.

وأضاف “البرلمان سيناقش كل هذه المسائل خلال دور الانعقاد القادم، والاطلاع على كل المقترحات المقدمة من النواب، وخاصة أن هذه المسألة تحتاج إلى حوارات مجتمعية ودينية”.

الزواج العرفي، يترتب عليه ضياع حقوق الزوجة والأطفال أمام محاكم الأسرة، خاصة في ما يتعلق بإثبات نسب الأطفال

ومن جانبه قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن “توثيق الزواج يحقق المصلحة، ولا يمنعه الشرع”، موضحًا أن “مشروع قانون تجريم الزواج العرفي معيب”.

وأشار إلى أن “النساء والرجال يطلبون الزواج العرفي، والزواج العرفي يتوارى فيه التراضي والإشهار، ولا يجب اقتصار العقوبة على الرجل، الفتاة أيضا موافقة، ولم تجبر على مثل هذا الزواج”.

وأوضح أنه “لا يجب حبس المتزوج عرفيا وممكن تسليط غرامة على الزوجين، ومشروع القانون المقترح من النائبة آمنة نصير يفرض عقوبات على الرجل دون المساس بالمرأة، والفتيات في بعض الأحيان يطلبن الزواج العرفي من الشباب”، مضيفا أن “الزواج العرفي مستوفي كل الشروط دون شرط التوثيق، والفقه الحنفي يسمح بزواج البنت لنفسها، وإخطار الأب عند رغبتها في إتمام الزواج”.

وناقش رجال دين وأزهريون فكرة إصدار قانون يعاقب كل من يثبت عليه أنه تزوج دون توثيق عقد الزواج أمام الجهات الرسمية، وكذلك كل من قام بالشهادة على هذا الزواج أو شارك فيه بعقوبة مناسبة، مما فجّر تساؤلات فقهية وقانونية حول موقف الدين من عقود الزواج العرفي التي تتم بين الطلاب والطالبات وهل يجوز للدولة منع الزواج العرفي بالقانون؟

ويرى الدكتور علي جمعة مفتي مصر الأسبق، أن الزواج الذي يتم بين الطلاب باطل، لأنه يفتقد أركان عقد الزواج حيث لا يعلم به ولي أمر الطالبة ولا يتم الإعلان عنه، ومن ثم فلا يمكن اعتبار الورقة التي يكتبها طالب لزميلته ولو شهد على عقد زواج طالبان، فالزواج بمفهومه الحقيقي في الإسلام، هو شركة مادية ومعنوية يظللها السياج الديني والروحي الذي يحفظ بنيان الأسرة المسلمة ويحميها من عوامل التفكك والانهيار ويحصنها في مواجهة معضلات الحياة وأزماتها التي لا يخلو منها المجتمع بين الحين والآخر، ومن ثم فإن هذا العبث الذي يتم تحت ستار الزواج العرفي مرفوض.

ويقول الدكتور خالد عبدالمنعم أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر “لقد تزايد حديث الناس في هذه الأيام عما يسمى الزواج غير الموثق أمام المأذون الشرعي أو أمام الجهات الرسمية التي خصصتها الدولة لهذا الغرض”.

وأشار إلى أن هذا الزواج حتى ولو كان مشتملا على الأركان والشروط الشرعية لعقد الزواج فإنه يكفي للتنفير منه والابتعاد عنه عدم توثيقه لأن هذا التوثيق وضعته الدولة لصيانة حقوق الزوجية وهو أمر تدعو إليه شريعة الإسلام.

ويرى الدكتور شوقي سامي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أنه يجوز وضع تشريعات لتنظيم هذه الظاهرة، لحفظ حقوق الذرية الناشئة عن عقد الزواج، ولصيانة هذا العقد من العبث والضياع من خلال جحوده وإنكاره إذا ما عقد دون وثيقة رسمية، وأيضاً لمنع دعاوى الزواج الباطلة لأغراض سيئة مثل الطمع في المال أو الكيد للآخرين، فإصدار تشريع ينظم هذه الظاهرة يسد الطريق أمام المتلاعبين بالزواج ويمنع الدعاوى الكاذبة التي تقدم للمحاكم إما طلباً لإثبات الزواج وإما تنصلا منه.

ويؤكد أنه لجلب المصلحة ودفع المفسدة يجوز للمشرع الوضعي أن يسن قانوناً يعالج هذه المشكلة، وينبه إلى أن الزواج العرفي إذا تم بهذه الكيفية واعترف كلا الزوجين به واستوفى أركانه الشرعية من عاقد ومعقود عليه وصيغة وشاهدين، فإنه بذلك يكون صحيحاً ولكن يفضل أن يتم توثيقه حفاظاً على حقوق الزوجة والمصادقة عليه، وعلى ولي الأمر أن يصادق على هذا الزواج صيانة للحقوق من الضياع.