الابتزاز بسلطنة..

تحليل: تعز اليمنية.. الصراع السعودي القطري ليس هنا

الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر في اجتماع مع قيادات إخوانية في وادي حضرموت- ارشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

صعد تنظيم إخوان اليمن في اليمن والممول قطريا من هجومه الاعلامي والسياسي تجاه المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا لدعم الشرعية في اليمن، على الرغم من تأكيد الرياض على مساندتها لمشروع الإخوان القاضي بتقسيم اليمن الى ستة اقاليم، في محاولة للقضاء على طموحات الجنوبيين في استعادة دولتهم السابقة.

وبدأ الصراع في تعز، كبرى مدن الشمال اليمن، حيث هجر الإخوان جماعة السلفيين المناهضين لجماعة الحوثي في المدينة، حيث قالت مصادر سلفية ان تعز باتت خالية من أي وجود للسلفيين وان من يتقاسم جغرافيا المدينة هم الحوثيون والإخوان.

وعلى الرغم من ان الأزمة اليمنية معقدة، إلا ان المشهد يبدو جليا، فالإخوان الذين يرفضون تحرير الحديدة، ما لم يحصلوا على ضمانات بشأن مستقبل مصالحهم، باتوا يخوضون حربا أخرى ضد السعودية في محافظة المهرة الجنوبية.

حاولت السعودية كسب ود الإخوان وتحييدهم من الوقوف في صف قطر، الا ان الصراع الحالي ربما يؤكد دخول الإخوان في مواجهة مع السعودية نيابة عن قطر الراعي الرسمي للتنظيم.

قدمت السعودية دعما ضخما للقوات العسكرية في مأرب، واتاحت لهم التمتع بعائدات منفذ الوديعة الجنوبي والذي يدر مئات المليارات شهريا، وتذهب الى خزينة الدوحة.

عرقلت السعودية وبطلب إخواني تمدد قوات النخبة الحضرمية الى وادي حضرموت حيث تبقت اخر القوات الشمالية الموالية للإخوان.

خلفية الأزمة

حاول الإخوان حكم اليمن، في اعقاب الازمة التي جاءت نتاج أزمة مفتعلة حدثت في العام 2011م، حينما حاولت القوى المتحالف في صنعاء، الانتقال إلى مرحلة جديدة يتم فيها تصفير عداد النظام والبدء في اعادة انتاج نظام جديد قائم على حكم الهضبة الزيدية.

ازمة صنعاء دفعت بنائب الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور إلى منصب رئيس توافقي مؤقت في محاولة لإسكات المطالب الجنوبية، ثم يتم الالتفاف على ذلك ويتم اسقاطه ومعه تسقط القضية الجنوبية التي وجدت جراء الحرب العدوانية الأولى، لكن ذلك لم يتحقق بفعل النفوذ السعودي في اليمن، والتي ترى ان تمكين الإخوان او الحوثيين من الحكم يهدد نفوذها في ظل تزعم الإخوان لما عرف بثورات الربيع العربي، وخشت السعودية من ان تنتقل العدوى إليها.

الصراع الحالي

بات الصراع الحالي في اليمن يدور بين معسكرين الأول عربي (وتمثله السعودية والإمارات ومصر)، والأخر اقليمي وتمثله (إيران وتركيا ومن خلفهما قطر).

ادوات هذا الصراع في اليمن، الحكومة الشرعية والقوى الوطنية التي تتحالف معها بدعم من التحالف العربي كطرف أول، والأخر قوى الاسلام السياسي والتي تمثلها جماعة الإخوان المحسوبة على قطر وتركيا وجماعة الحوثي المحسوبة على إيران.

بدأ الصراع مع توجه التحالف العربي والحكومة الشرعية لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي، حيث تكمن اهم مصالح الإخوان التجارية ومنها الميناء ومصافي رأس عيسي وغيرها من المصانع والمزارع التي تتبع نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر والتجار المقرب من هادي أحمد العيسي.

رمت قطر بكل ثقلها في محاولة لوقف عملية تحرير الحديدة، ما لم تحصل على ضمانات بشأن مستقبل مصالح الحلفاء المحليين لها في اليمن.

وحاولت عبر نفوذها في الرئاسة اليمنية فتح جبهات أخرى كالصراع في سقطرى والصراع في عدن وحضرموت، والدفع بقوات عسكرية لاحتلال بيحان شبوة، ولكنها فشلت في ذلك، فذهبت هذه القوى لحرب دموية ضد السلفيين الذين يقاتلون في صف الحكومة الشرعية ضد الحوثين، وانتصرت عليهم بفعل فارق الامكانيات فيما يبدو ان السعودية قد غضت الطرف عن السلفيين في محاولة لكسب معركة تخوضها ضد الإخوان في محافظة المهرة الجنوبية.

ونجح الإخوان عقب معارك دامية في هزيمة السلفيين الذين كانوا قلة لا يمتلكون اسلحة كافية كالتي يمتلكها الإخوان.

شعرت قطر انها كسبت معركة تعز، فذهبت إلى مغازلة سلطنة عمان التي تقع في حدود مع محافظة المهرة التي تدور عليها معركة شرسة منذ سنوات، فكل طرف يريد يسيطر عليها، فالإخوان يرون ان السيطرة على الشرق الجنوبي مهما جدا، فتعز التي أصبحت إخوانية أسوة بمارب، وبعدها عدن والساحل الغربي وشبوة التي بات جزء منها تحت سيطرة قوات اخوانية

فصيل في الإخوان يدعمون توجه السعودية للاستحواذ على المهرة، مقابل ان تدعم الرياض بقاء قوات إخوانية في وادي حضرموت ومنفذ الوديعة الذي يدر أموالا ضخمة يوميا تذهب إلى خزينة الإخوان في مأرب، غير ان فصيلا أخر يرفض ذلك، ويسعى هذا الفصيل للحصول على المزيد من المكاسب لمصلحة التنظيم.

قدم الإخوان من خلال رفع صور سلطان عمان رسالة تهديد للسعودية، بأننا نمتلك ورقة عمان في حال تراجعت السعودية في دعم بقاء القوات الإخوانية في وادي حضرموت.

السعودية تقدم وادي حضرموت ومنفذ الوديعة للإخوان مقابل ان يغضوا الطرف عن سيطرتها على محافظة المهرة، واي توجه سعودي قد يغضب الإخوان بما في ذلك دعم السلفيين في تعز او في الجنوب فأن الإخوان قد يطالبون بتدخل عمان في المهرة، فالفصيل الإخواني المقيم في تركيا بات يؤكد ان مطامع السعودية في المهرة احتلالية وانه يجب اخراجها.

والسعودية قد اضطرت للصمت حيال تهجير السلفيين في تعز، في حين انها حركت أحد ادواتها وهو علي البخيتي الذي انشق على الحوثيين واصبح أحد جنود اللجنة الخاصة السعودية، فعلي الذي يقيم بالتنقل بين الرياض وعمان الأردن، بات اليوم يزور مصر ويقيم فيها ولو مؤقتاً، عقب تفاهمات سعودية مصرية، بعد ان ظل ممنوعا من الدخول.

هاجم البخيتي سلطنة عمان، فيما يبدو انه موقفا من اللجنة الخاصة السعودية، لكن في ذات الوقت هاجم الإمارات والرئيس اليمني.

شكر إخوان اليمن سلطنة عمان، تحت مبرر معالجة جرحى تعز، في حين انهم لم يشكروا السعودية على الرغم من الدعم السخي الذي قدمته خلال اربعة اعوام من عمر الانقلاب.

الإخوان باتت عمان اقرب لهم من السعودية، فالصراع القطر السعودي دخل مرحلة كسر العظم، لكن حسابات إخوان السعودية، ربما تشكل عامل ارباك امام أي توجه سعودي لمحاربة إخوان اليمن.

السفير السعودي محمد آل الجابر الذي تقول مصادر لـ(اليوم الثامن) "إنه على تواصل مستمر بقيادات إخوانية يقيم بعضها في تركيا، فيما يمول قيادات إخوانية وأخرى حوثية منشقة بالتنسيق مع علي البخيتي المنشق عن الحوثيين".

قطر ترغب في دور عماني في المهرة، نكاية بجارتها السعودية، والمهرة ساحة حرب جديدة بين الدوحة والرياض، وإخوان اليمن قد تكون السيادة اليمنية شعارا جديدا لتسليم المهرة لسلطنة عمان نكاية بالرياض التي يبدو انها قد تتجه لمحاربة حلفاء قطر بالتزامن مع رغبة سعودية في الدخول بجدية في مفاوضات جنيف السادس من سبتمبر المقبل.