تهرب من المسؤولية..

أين هو باب الخروج لو سمحتم

تهرب من المسؤولية

نهى الصراف

بين الجد والمزح، تقول السيدة العربية التي نشرت طرفة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي “أنا تزوجت والحمد لله وخضت تجربة الأمومة وصار عندي أطفال، وكانت تجربتي في الزواج رائعة، لكن أين هو باب الخروج لو سمتحم؟”.

فمن هي يا ترى صاحبة الكلمات؛ أنا أم صديقتي أم جارتي التي تسكن في الشارع المقابل؟

تبتسم الجارة وتزم صديقتي شفتيها ثم تبسط ذراعيها بغير اكتراث، أما أنا فأقف على الحياد… لأستحق ربما لعنة مارتن لوثر كينغ الذي كان يقول “أسوأ مكان في الجحيم محجوز لأولئك الذين يقفون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة”! هذا لا يهم، أنا فقط مهتمة بمعرفة رأي الطرف الثاني؛ الرجل الذي يشاركنا التجربة والشكوى المرّة. لكن جارتي لم تبد اهتماما باستجواب زوجها لأنه لن يقول الحقيقة على أي حال كما تعتقد، أما صديقتي فلا يعنيها إن كانت هناك أي شكاوى من قبل شريك حياتها، فهي مشغولة على الدوام بأعمال المنزل والطبخ والصراخ ومطاردة جوارب الزوج في زوايا المنزل.

أغلب الرجال، يحافظون على هدوئهم ويخيطون أفواههم بالصمت عندما يتعرضون لمثل هذه الأسئلة المحرجة، خاصة إذا ما تعلق الأمر برغبتهم في البحث عن باب الخروج من الحياة الزوجية، إلا أن بعضهم يظهر شجاعة، وإن كانت ظاهرية، للتعبير عن رأيه وتحديدا قبل أن يتورط ويدخل من الباب. وهذا هو بالضبط ما فعله الشاب الإنكليزي دانيال.

تبدو وكأنها مزحة لإضفاء بعض المرح على أجواء حفل زفاف صديقتها المقربة، لكن الفعلة التي التقطتها كاميرا الهاتف للحبيب الهارب كانت تعبيرا مباشرا عن عدم رغبته في تتويج العلاقة التي مضى عليها سنوات، بالزواج. أدرك الولد المذعور بأن دوره قد حان ليكون الضحية المقبلة، كما تقررها طقوس تقليد محبب دأب الناس عليه حالما تنتهي مراسم عقد الزواج؛ حيث تمسك العروسة بباقة الورد التي كانت تزين يديها في الحفل ثم تدير ظهرها لضيفاتها من صديقاتها وقريبات، لترمي بالباقة بشكل عشوائي، من دون أن تسدد الهدف – الباقة إلى جهة معينة. لكن صاحبة النصيب في النهاية، هي التي تنجح في التقاط باقة الورد وتكون هذه هي الإشارة التي لا تخطئ بحسب التقليد، حيث تمنّي الفتاة نفسها في ما بعد بأن دورها في الزواج من حبيبها سيكون هو التالي.

فماذا فعل صاحبنا دانيال، الحبيب والزوج المرتقب؟

الحفل الذي أقيم في مدينة نورثامبتون الإنكليزية، ظهر بأناقته وهو يجمع باقة من الشابات الحسناوات تجمعن في مكان واحد على أمل التقاط الزهور، لكن ريتشر كانت الأوفر حظا. في الوقت ذاته، أظهر الفيديو دانيال وهو يعدو سريعا باتجاه التلّة في تعبير صريح عن رغبته في الابتعاد والهروب، بعد أن تأكد له بأن دوره حان للحاق بقطار الزواج في المحطة المقبلة.

لا أعرف، ومثلي قراء الخبر في الصحيفة، عن الطريقة التي انتهى إليها الحفل أو مصير العلاقة بين دانيال وريتشر بعد فعلته النكراء هذه، وتعبيره الفج عن رغبته في الابتعاد عنها بهذه الصورة المخجلة وعلى الملأ.

بعض الثنائيات يهربون من قفص الزوجية بعد أن تقع الفأس في الرأس، وهم يحملون الكثير من الجروح النفسية والخيبات ليتحول القفص إلى قضبان من حديد. وبعضهم يفضل عدم الدخول من الأساس، ولهم في ذلك حكمة ربما يعرفها فقط صاحب المثل المصري الذي يهدد الناس بقوله “هو دخول الحمام مثل خروجه”؟