العنف المدرسي والجامعي..

تقرير: العنف في الأردن ثقافة عبور غير صديقة للاستقرار

غياب رعاية الدولة وغياب منظومة الرعاية الأبوية من شأنه خلق جيل جاهل يرى في العنف خيارًا جيدًا

أجمع مختصون في الشأن التربوي، على أن ما تشهده المدارس والجامعات الأردنية من أعمال عنف ما هي إلا نتاج غياب دور الرعاية الأبوية وضعف رعاية الدولة.

وقال تربويون: إن واقع المدارس الحكومية وما تشهده من أعمال عنف وصلت لحمل طلبة المدارس السلاح، ينذر بنشوء مجتمعات مفككة إنسانيًا واجتماعيًا ودينيًا.

وقالت المستشارة التربوية بشرى عربيات،  إن ظاهرة العنف الطلابي ارتبطت قبل سنوات بالجامعات، وامتدت اليوم للمدارس في شكل أصاب الناس بالصدمة.

وأشارت إلى أن غياب رعاية الدولة وغياب منظومة الرعاية الأبوية، من شأنه خلق جيل جاهل يرى في العنف خيارًا جيدًا في تصرفاته ومسلكياته.

وفي أول أيام العام الدراسي، صُدم الشارع الأردني بأعمال العنف والتدمير داخل مدرسة حكومية على أيدي طلبتها، تبين بعد التحقيق أنهم مدفوعون بتحريض من مدرسيهم.

ووقعت الحادثة في مدرسة الفيصلية بمحافظة مادبا "33 كم جنوب غرب العاصمة عمّان" حيث حطّم طلبتها مرافق المدرسة وهاجموا مديرها الجديد.

وأثارت مقاطع الفيديو المتداولة للحادثة، مخاوف من انفلات منظومة الأخلاق والسلوك في صفوف أبناء المدارس، وفشل كل محاولات السيطرة على ظاهرة العنف وسط هذه الشريحة.

والعنف في المدارس الأردنية موجود من سنوات، وتتكرر مشاهد الاعتداء على المعلمين والمشاجرات سنويًا، فيما لم تفلح إجراءات الردع الحكومية في الحد منها.

وترى التربوية عربيات، أن مشاهد العنف في المدارس والجامعات، باتت تعكس فجوة العلاقة بين الطالب وأُسرته وجيرانه وباتت تأثيرات وسائط التواصل الإلكتروني على مسلكيته هي الأساس في ظل غياب الوعي الأسري والرعاية الأبوية.

وحذرت من أن الأردن مقبل على مرحلة من العنف المجتمعي أوسع وأشد فتكًا من الجامعي أو المدرسي.

وقالت: إن " الطالب في عزلة عن المجتمع بسبب الأجهزة، ولم يعُد المعلم مُربياً ولم يعُد الأب كذلك، ولم تعُد المعلمة الأم داخل المدرسة، كل ذلك من شأنه خلق جيل غير مرغوب فيه على كل الصعد" .

وفي ظل غياب القدوة، يثير الكاتب والخبير التربوي باسم الطويسي، أسباب التشوه المجتمعي المتنامية في الأردن.

يقول الطويسي: "صدقت فينا المقولة الشهيرة "نحن نحمى بسرعة ونبرد بسرعة"، كلما واجهنا ظاهرة رديئة من سلوك الأفراد والجماعات في مواجهة بعضهم بعضا أو في مواجهة المؤسسات والدولة، نقيم الدنيا فجأة ونقعدها في اليوم التالي، من دون البحث عميقا في خلفيات التشوهات الواسعة التي باتت تضرب في عمق ثقافة الناس".

ويرى الكاتب أنه "يبدو للوهلة الأولى أنه لا الدولة ولا النخب مسؤولتان مباشرة عن هذه التشوهات وعن الطريقة التي تُشكل فيها الجماعات والأفراد سلوكهما اليومي، ولكن في الحقيقة هما في صلب المسؤولية".

يقول: "هناك ثلاثة مصادر أساسية مسؤولة عن كل هذا التشوه الذي لحق بالثقافة المجتمعية وبات ينعكس في السلوك العام؛ الأول: الإفلات من العقاب بفضل هشاشة القانون والثاني هشاشة أدوات المساءلة المؤسسية، ما يدفع الأفراد والجماعات للتصرف من رؤوسهم، أما الثالث فهو تفشي مظاهر المحسوبية والواسطة وغياب معايير الكفاءة والاستحقاق".

ويعتقد الطويسي أن المجتمع الأردني تنطبق عليه خصائص "ثقافة العبور" التي تشهدها المجتمعات في مراحل التحول، وهي ثقافة غير صديقة للاستقرار، ومملوءة بالترقب والانتظار والحساسيات المتناقضة والميل الى العنف وهشاشة دور القانون.