التنظيم تغلغل في مفاصل سلطة المخلوع صالح

من يسلّم الأسلحة لتنظيم القاعدة في اليمن؟

مسلحون من القاعدة في بلدة جعار قبل سنوات

وكالات (أبوظبي)

تثار الكثير من الشكوك حول شحنات الأسلحة التي يستولي عليها تنظيم القاعدة في اليمن، خاصة بمحافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين، حيث تقطع شاحنات كبيرة من السلاح مئات الكيلومترات دون حماية، ما يجعلها فريسة سهلة للمتشددين.

ويتهم الكثيرون في اليمن حزب الإصلاح اليمني الجناح السياسي لجماعة الإخوان بدعم تنظيم القاعدة، خاصة أن الحزب تكّون عند نشأته في مطلع تسعينيات القرن الماضي من عدد من المجاهدين العائدين من أفغانستان.

وقبل نحو أسبوعين وتحديداً في 21 فبراير شباط الماضي أستولى تنظيم القاعدة على ثلاث شاحنات أسلحة بالقرب من بلدة لودر بمحافظة أبين، كانت قادمة من محافظة مأرب.

وبعد يومين فقط نفذت عناصر القاعدة هجوماً بسيارة مفخخة استهدفت معسكراً لقوات الحزام الأمني بمدينة جعار، إحدى أكبر مدن محافظة أبين، خلّف أكثر من 10 جنود ومدنيين بين قتيل وجريح.

ومساء الجمعة ذكرت وسائل إعلام يمنية أن تنظيم القاعدة استولى على شاحنة محملة بمختلف أنواع الأسلحة والذخائر، بالقرب من بلدة لودر كانت في طريقها الى معسكر اللواء 115 مشاة.

ويقول الأكاديمي والباحث السياسي اليمني الدكتور حسين لقور في حديث خاص لـ”إرم نيوز” إن شحنات الأسلحة التي وقعت في أيدي القاعدة أواخر الشهر الفائت، “ترجمتها في الأسبوع الماضي بهجوم انتحاري على مدخل إحدى بوابات معسكر الحزام الأمني في أبين و هذا الأمر ليس جديدًا بل تكرر مرات كثيرة”.

وأضاف “أن ذلك يتطلب تحقيقًا محايدًا لكشف ملابسات هذه الفضيحة التي لا يمكن تبريرها، إلا بأنها تمت بإعطاء معلومات كاملة من جهات مرسلة أو من المفترض أن تتسلم هذه الشحنة”.

وأشار “إلى أنه من غير المنطقي أن تسير قاطرات محمَّلة بأسلحة على طول 700 كم دون حراسة، وكان بالإمكان إرسالها بطرق أخرى أكثر أمانًا”.

ولفت لقور إلى أن تنظيم القاعدة في اليمن “تغلغل في مفاصل سلطة المخلوع صالح بمعرفة تامة من قبله وهو الذي سمح لكثير من أعضاء التنظيم أن يصبحوا جزءًا من تركيبة بعض القوات المسلحة عقب مشاركته في حرب 1994، واستخدمهم فيما بعد بتنفيذ سلسلة اغتيالات ضد معارضيه”.

صالح والإسلام السياسي

يؤكد الباحث والمحلل السياسي والعسكري العميد ركن ثابت حسين صالح في حديث خاص لـ”إرم نيوز” أن تنظيم القاعدة في اليمن “يتلقّى دعماً من صنعاء وبعض القيادات الإخوانية المحسوبة على الشرعية بمحافظة مأرب، وكذلك من بعض العواصم العربية”.

وأضاف “أن الإرهاب ورقة رابحة استغلها نظام علي عبدالله صالح أبشع استغلال ضد خصومه ومعارضيه في الداخل، ولابتزاز الخارج، خاصة أمريكا بطلب المزيد من الدعم السياسي والعسكري والمساعدات المالية”.

وأشار ثابت أن “الجماعات الإرهابية في اليمن كشَّرت عن أنيابها بعد تحرير عدن والجنوب من الانقلابيين، وبشكل أكبر بعد تقدّم القوات الجنوبية المدعومة من قوات التحالف باتجاه الساحل الغربي، وبدء العد التنازلي لانهيار التحالف الانقلابي”.

الإخوان والقاعدة

يرى الصحفي اليمني المهتم بشؤون تنظيم القاعدة عبدالخالق الحود في حديث خص به “إرم نيوز” أن هناك جهات حزبية يمنية “بات استمرار وجودها وبقائها يعتمد على بقاء تنظيم القاعدة، فهي تسعى إلى مدّه بالسلاح حتى يتمكن من الحفاظ على عناصره ومواجهة الهجمات الكبيرة التي يتعرض لها في معاقله”.

وقال إن “ذات الجهات زوّدت القيادي في التنظيم عبدالإله الذهب بعتاد عسكري قبل الإنزال الأمريكي بأيام، وهي ذاتها حاولت ضرب خاصرة التحالف العربي خاصة الإمارات العربية من الخلف في أحداث المطار الأخيرة في عدن وإرباك الانتصارات التي تحققها المقاومة الجنوبية في المخا فحشدت عناصر القاعدة في عدن سعيًا منها أيضا إلى أن تكون قوّة على الأرض مقابل القوى الوطنية التي تدعمها الإمارات”.

واختتم الحود حديثه بالتأكيد على أن الحرب الآن “بين القوى الدولية مجتمعة ضد الجماعات الإرهابية المسلّحة التي تدعمها شخصيات حزبية معروفة بارتباطها بالجماعات الإرهابية منذ حرب أفغانستان”.

بالمقابل يرى المحلل السياسي اليمني منصور صالح في حديث خاص لـ”إرم نيوز” أن القاعدة النشطة في بعض المحافظات الجنوبية في اليمن “هي قاعدة موجهة وهناك اعتقاد قوي بارتباطها بتنظيم الإخوان”.

وأضاف: “هناك اختراق قوي من عناصر متشددة للمؤسستين العسكرية والأمنية خاصة في محافظة مأرب، وبالتالي إذا لم تكن هذه الشحنات قد أُرسلت للقاعدة فإن هناك اختراقًا واضحًا يمكّن القاعدة من معرفة وتتبع سير هذه الشاحنات والإيقاع بها”.

وحول التصعيد الأمريكي ضد التنظيم في اليمن يوضح منصور أنه “يأتي إدراكا للخطر الذي تمثله القاعدة وهو يستند إلى معلومات استخباراتية عن حجم هذا التنظيم ونشاطه وتوغله في نسيج المجتمع ومنظومة الحكم في ظل هشاشة الدولة ومناخات الحرب التي تعدّ ملائمة جدًا لبروز ونشاط التنظيم، وهو يأتي كذلك في ظل توجهات الإدارة الإمريكية الجديدة في مكافحة الإرهاب”.

هدية للاستعداد

يؤكد الخبير العسكري اليمني العميد المتقاعد فيصل حلبوب في حديث لـ”إرم نيوز” أن القاعدة في اليمن “لا تكلف نفسها عناء البحث عن أسلحة، فهناك جهات وأطراف معروفة تهيّئ وتجهز كل ما تحتاجه القاعدة من أسلحة وتوصلها للتنظيم بكل يسر وسهولة”.

وقال “إن هناك قيادات عسكرية إخوانية بارزة منضوية تحت عباءة الشرعية بعد علمها أن القوات الأمريكية عازمة على التدخل في محافظات جنوبية في اليمن وإقامة محطة للقضاء على القاعدة، وقامت تلك القيادات بإرسال السلاح كهدية احتياطية لتجهيز عناصر القاعدة هناك، وهذا ما بدى واضحاً من خلال حيثيات الإرسال والاستيلاء التي تمت”.

وأشار إلى أن “الجيوش في العالم لا ترسل أي أسلحة إﻻ بحماية كافية تناسب قوة الخطر المحتمل في الطريق الذي يمر فيها السلاح، وهو مالم يكن متوافراً في شحنات الأسلحة التي استولى عليها تنظيم القاعدة في أبين ما يؤكد وجود تواطؤ واضح”.

وبشأن التصعيد الأمريكي قال حلبوب “إن السياسة الأمريكية لا تتغير بتغير الرؤساء، لكنها تسير وفق نظرية الأهم فالمهم، ووفق تحكم روسيا بملف سوريا وإيران في العراق أصبح لدى أمريكا فرصة ووقت فراغ، فأصبحت اليمن الآن الملف الخارجي الأهم لديها”.

فشل

في المقابل يرى الباحث في الشؤون الاستراتيجية اليمنية علي الذهب في حديث خاص لـ”إرم نيوز” أن الأسلحة “لم تكن في طريقها إلى تنظيم القاعدة في أبين”، مشيراً إلى أنه لو كانت كذلك لتمت بسرية تامة لأن من يثبت دعمه لن يكون سوى هدف مشروع لمن يحارب التنظيم”.

واستبعد الذهب أن تكون الأسلحة طعمًا “لكشف مواقع عناصر القاعدة في المحافظة، ولو كانت كذلك لبُوغتت في لحظة الانقضاض على الأسلحة أو لحظة نقلها وتخزينها”.

وأكد أن المسألة “تندرج في خانة الأداء الفاشل لمخابرات القوات المسلحة للشرعية ولقيادة الجيش التي لم تقدّر ظروف الطريق وتؤمنها تأمينًا كافيًا، ولا غرابة أن تكون النتيجة وصول السلاح إلى القاعدة”.

وفي ذات السياق يقول المحلل السياسي اليمني صلاح السقلدي في حديثه لـ”إرم نيوز” إن “واقعة وصول الأسلحة -بكل سهولة- لتنظيم القاعدة في اليمن تقف وراءها عدة جهات نافذة بسبب وجود علاقة فكرية وسياسية بهذه الجماعات، أو تأتي في إطار تجارة السلاح التي تنشط بمثل هذه الاوضاع أو الاثنين معًا”.

ولا يستبعد السقلدي “أن تكون جهات موالية للشرعية هي من يقف وراء ذلك، خاصة أن شحنات الأسلحة التي وصلت للجماعات الإرهابية في أبين كانت -بحسب مصادر إعلامية مختلفة- قادمة من مأرب”.

واختتم السقلدي حديثه بالقول “إن قيادات محسوبة على الشرعية وعلى حزب الإصلاح تحديدًا كانت أمريكا قد أدرجتها ضمن قائمة الإرهاب، وما زلنا نتذكر كيف استماتت قيادات في الشرعية عبر منابر إعلامها بنفي التهمة عن القتيل عبدالإله الذهب الذي قُتل بضربة طيران أمريكي قبل أسابيع، حيث وصفه مدير دائرة التوجيه المعنوي في الجيش التابع للشرعية محسن خصروف أنه أحد رموز المقاومة ضد الحوثيين” .