الأزمة الإيرانية..

ترامب يحث دول العالم على عزل النظام الإيراني

الإيرانيون يتحدون الجهاز "الذي لا يقهر"

طهران

لم تستوعب السلطات الإيرانية بعد الصدمة التي هزت البلاد، السبت، إثر هجوم دام استهدف تجمعا استعراضيا للحرس الثوري في وضح النهار وبأسلوب المواجهة المباشرة بدل العمليات التقليدية التي تقوم على زرع قنابل محدودة التأثير أو استهداف دورية في منطقة غير مأهولة.

يأتي هذا في وقت تتمسك فيه الولايات المتحدة بتشديد العقوبات على إيران، وحث دول العالم على عزلها مثلما جاء في كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الأمم المتحدة الثلاثاء.

وقال ترامب “لا يمكننا السماح بأن يمتلك الداعم الرئيسي للإرهاب في العالم أخطر الأسلحة على كوكب الأرض” من أجل “تهديد أميركا” أو إسرائيل. وندد بـ“الدكتاتورية الفاسدة” التي تحكم في طهران، مبررا الانسحاب من الاتفاق النووي عام 2015 الهادف إلى منع الجمهورية الإسلامية من تطوير القنبلة الذرية، وإعادة فرض العقوبات الأميركية، وسيدخل آخرها حيز التنفيذ في الخامس من نوفمبر.

وقال خبراء ومحللون إن منفذي الهجوم خططوا لاستهداف رمزية الحرس الثوري الذي يثار من حوله الكثير من الغموض ويصنع لنفسه صورة الجهاز الذي يمسك بكل شيء داخل إيران، مشددين على أن التنفيذ كان مدروسا وهدف إلى توجيه رسالة إلى قادة هذا الجهاز.

وأشار هؤلاء إلى أن الضربة التي وجهت إلى الحرس الثوري تأتي في ذروة إحساسه بالقوة وفرضه واقعا مختلفا على أكثر من دولة عربية من خلال فيلق القدس واستهدافه الأكراد.

وتعزو أوساط إيرانية كثرة التصريحات والاتهامات التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون في اتجاهات مختلفة إلى عامل الصدمة كون الهجوم استهدف أهم جهاز في البلاد، الذي يفترض أنه يحمي الشخصيات الكبرى ومؤسسات الثورة، ليجد نفسه مستهدفا بهجوم فيه الكثير من التحدي خاصة أن المواجهة دامت وفق تقارير محلية قرابة 15 دقيقة، ما يثير تساؤلات بشأن كمية الأسلحة ونوعيتها وكيفية تسللها إلى مكان الاستعراض، وهل أن ثمة اختراقا داخليا سهل مهمة التسلل وغطّى على المهاجمين.

وكتب المدير العام لصحيفة “جوان” المحافظة عبدالله غانجي أن آلية تنفيذ هجوم الأحواز لا تنسجم مع العمليات التي نفذها انفصاليو خوزستان التي تقوم عادة على “زرع قنابل أو تنفيذ عمليات خاطفة”.

وأضاف “أن تقتل حتى تُقتل دون أن تترك المكان، هذا أسلوب داعش”، محذرا من الانحراف الأيديولوجي لبعض المجموعات الانفصالية باتجاه التطرف الإسلامي.

وتلفت الأوساط ذاتها إلى أن التهديدات التي يطلقها مسؤولون سياسيون وعسكريون تهدف بالأساس إلى التقليل من الخسائر التي لحقت بصورة الحرس الثوري كأهم مؤسسة بيد المرشد الأعلى علي خامنئي، مشيرة إلى أن سهولة استهداف الجهاز القوي ستساعد الإيرانيين على تخطي هاجس الخوف الذي يثيره هذا الجهاز وبالنتيجة الاجتراء الأكثر على الدولة ومختلف أجهزتها ومؤسساتها.

واعترف قادة من الحرس الثوري، بينهم قائد الجهاز محمد علي جعفري، بفشل تدخلهم في الأشهر الأخيرة لمنع الاحتجاجات، في مؤشر قوي على أن الإيرانيين بدأوا بعد في تحدّي الجهاز “الذي لا يقهر”.

واستفاد الحرس الثوري كثيرا من سنوات العقوبات التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي ليكون إمبراطورية اقتصادية ممتدة الأطراف من صناعة الأسلحة إلى شركات النفط والطيران والنقل والاتصالات والسياحة وإنتاج السيارات والاتصالات والتشييد والبناء.

ويعتقد على نطاق واسع أن الحرس الثوري سيسعى إلى الظهور بمظهر القوي من خلال ردود فعله الداخلية وإظهار المزيد من التشدد عبر توسيع نفوذه وخنق معسكر الإصلاحيين.

وقد لا تسمح الضغوط الخارجية الكبيرة، التي تتزعمها الولايات المتحدة، للحرس الثوري بتنفيذ عمليات انتقامية في الخارج، ما يجعل بدائله تتجه إلى الداخل عبر التضييق على المؤسسات والشخصيات السياسية، ووضع العراقيل أمام الرئيس حسن روحاني في محاولاته لفتح قنوات التواصل مع الخارج.

ويقول مراقبون إن سطوة الحرس الثوري، التي تريد أن تمحو من أذهان الإيرانيين صورة الهجوم المهين لمقاتلين انفصاليين محدودي الإمكانيات، قد تتوسع لتشمل المحافظين المتشددين المسيطرين على المؤسسات السيادية وخاصة مجلس تشخيص مصلحة النظام ليظل القرار الوحيد بيد مؤسسة حرس الثورة “حامية النظام”.

ويعتقد هؤلاء أن اندفاعة الحرس الثوري قد تصل إلى درجة لن يستطيع معها خامنئي نفسه أن يحد منها أو يقف في وجهها. لكنهم يحذرون من أن انكفاءة هذا الجهاز إلى الداخل لن تستمر طويلا، وأن الأمر مرتبط بشكل مباشر بجدية العقوبات الأميركية من عدمها، ورغبة واشنطن في لجم التمدد الإيراني في المحيط الإقليمي أم أن الأمر ظرفي.

وجددت واشنطن التأكيد على أنها تريد تغيير سلوك إيران في المنطقة وليس تغيير النظام.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، إنه ما من خيار أمام الإيرانيين سوى التغيير قبل إمكانية عقد أي لقاء معه، لكنه يتطلع قدما لإقامة علاقة جيدة مع إيران في المستقبل.

وأضاف ترامب، في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، “لن ألتقي بهم قبل أن يغيروا نهجهم. هذا سيحدث. أعتقد أنه ليس أمامهم خيار. نتطلع قدما لإقامة علاقة جيدة مع إيران، لكن هذا لن يحدث الآن”.

ودعا الرئيس الأميركي حكومات العالم إلى عزل إيران متهما قيادتها بزرع “الفوضى والموت والدمار”. وقال “نطلب من جميع الدول عزل النظام الإيراني طالما استمر في عدوانه”.