حذرت من أن حرب الجمارك ستضر بمصدري الولايات المتحدة..

الصين ترفض التفاوض مع أميركا تحت التهديد

حاويات في أحد الموانئ الصينية

وكالات (لندن)

قال مسؤول صيني كبير أمس الثلاثاء إنه من الصعب المضي قدما في محادثات التجارة مع الولايات المتحدة بينما تضع واشنطن «سكينا على رقبة الصين»، وذلك بعد يوم من تبادل الطرفين تطبيق رسوم جديدة على سلع الآخر.
وقال وانغ شو ون، نائب وزير التجارة الصيني في مؤتمر صحافي: «الآن الولايات المتحدة تتبنى هذا الإجراء التقييدي واسع النطاق وتضع سكينا على رقبة الطرف الآخر، فكيف يمكن مواصلة المفاوضات؟»، موضحا أن التوقيت الذي يمكن فيه استئناف المحادثات سيتوقف على «إرادة» الولايات المتحدة، ومؤكدا من جهة أخرى أن بلاده مضطرة للرد على الولايات المتحدة في نزاعهما التجاري، وأن المصدرين الأميركيين بمن فيهم موردو الغاز الطبيعي المسال سيتضررون «بالتأكيد».
وبدوره، قال دبلوماسي كبير بالحكومة الصينية لرجال أعمال خلال اجتماع في نيويورك، إن المحادثات غير ممكنة في ظل «التهديدات والضغوط»، وفقا لما ذكرته وزارة الخارجية.
ونُقل عن مستشار الدولة الصيني وانغ يي قوله إن بعض القوى في الولايات المتحدة توجه انتقادات لا أساس لها إلى الصين في قضايا التجارة والأمن، وهو ما سمم مناخ العلاقات بين واشنطن وبكين، وينم عن استهتار شديد.
وقال وانغ لأعضاء مجلس الأعمال الأميركي الصيني واللجنة الوطنية للعلاقات الأميركية الصينية: «إذا استمر ذلك، فسيُدمر في لحظة المكاسب المحققة خلال الأربعين عاما الأخيرة من العلاقات الصينية الأميركية».
ولا يبدو أن أيا من واشنطن وبكين مستعد لتقديم تنازلات في النزاع المتصاعد بين البلدين، ما يزيد احتمالات معركة طويلة قد تفضي إلى فتور الاستثمار وعرقلة التجارة العالمية.
وقال وانغ إنه لا يمكن لأحد القول إن جميع المناقشات التجارية السابقة كانت عديمة الجدوى، لكن الولايات المتحدة تخلت عن تفاهمها المتبادل مع الصين. وأضاف أن الصين لا تعرف لماذا غيرت الولايات المتحدة رأيها بعد التوصل إلى اتفاق مع بكين بخصوص التجارة في وقت سابق، في إشارة على ما يبدو إلى المحادثات التي أُجريت في مايو (أيار)، حين بدا لفترة وجيزة أنه تمت بلورة إطار عمل.
وقال وانغ إن المصدرين الأميركيين بمن فيهم موردو الغاز الطبيعي المسال سيتضررون «بالتأكيد»، لكن رد بكين سيخلق فرصا لدول أخرى مصدرة للغاز المسال، مضيفا أن أستراليا مصدر مهم للوقود للصين.
وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» التي تدعمها الدولة في مقالة افتتاحية أمس إن «الصين بلد كبير وقوي، ولذا فسواء أكانت مواجهة اقتصادية أو عسكرية مع الصين، فسيكون لها ثمن باهظ».
وقال ممثل التجارة الدولية الصيني فو تسي ينغ بمؤتمر صحافي، إن الولايات المتحدة ستربح أكثر من التجارة الصينية الأميركية. وأضاف فو، الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير التجارة، أنه بينما تحقق الصين فائضا في التجارة مع الولايات المتحدة، فإن الأخيرة تحقق فائض أرباح مع الصين.
ويذكر أن الرسوم التي بدأ تطبيقها أمس بنسبة 10 في المائة هي أكبر إجراء من نوعه. وبهذه الرسوم أصبح حوالي نصف الواردات الأميركية من الصين خاضعا للرسوم الإضافية التي قررها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. في المقابل ردت الصين بفرض رسوم إضافية بنفس النسبة على واردات من الولايات المتحدة بقيمة 60 مليار دولار.
وعلى صعيد ذي صلة، أكدت الصين وكندا أهمية الدفاع عن التعددية والنظام التجاري القائم على القواعد، وأن التعددية تواجه تحديات خطيرة نتيجة النزعة الانفرادية والحمائية، وذلك في إشارة إلى الإجراءات الحمائية التي تتخذها الولايات المتحدة بشأن وارداتها من العديد من الدول ومنها الصين.
جاء ذلك خلال لقاء عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي مع نظيرته الكندية كريستيا فريلاند في نيويورك علي هامش اجتماعات الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال وانغ إن التعددية تواجه تحديات خطيرة ناجمة عن تصاعد النزعة الانفرادية والحمائية، وإن الصين تؤيد بقوة التجارة الحرة والنظام التجاري العالمي القائم علي القواعد.
وحذر وانغ من أنه «إذا ما تم تقويض القواعد الدولية، فإن العالم سيعود إلى قانون الغاب، ما يضر بجميع الدول لا سيما الدول المتوسطة وصغيرة الحجم التي ستتحمل العبء الأكبر».
وأضاف وانغ أن الصين وكندا تتشاركان وجهة النظر نفسها بشأن حماية التعددية، مؤكدا أنه في ظل الظروف الحالية ينبغي على الجانبين بالتعاون مع العديد من البلدان الدعوة إلى الالتزام بالتعددية، والتقيد بالقواعد الدولية، وحماية النظام التجاري متعدد الأطراف، وقواعد منظمة التجارة العالمية. وأشار إلى أن بلاده تؤيد إصلاح منظمة التجارة العالمية مع مراعاة القيم والمبادئ الأساسية للمؤسسة، وحفظ حقوق ومصالح الدول النامية.
من جانبها، قالت فريلاند إن بلادها تدعم التعددية لأنها مهمة جدا لكندا، مشددة على أن العالم لا يمكنه العودة إلى «قانون الغاب»، وأن كندا ترغب في الحفاظ على اتصال وثيق مع الصين حول إصلاح منظمة التجارة العالمية. وأضافت أن كندا تقدر بشدة علاقاتها مع الصين، وأنها ملتزمة بتعزيز التعاون معها.
وفي سياق متصل، حذر رئيس منظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو من العواقب الاقتصادية التي ستنجم عن النزاعات التجارية. وقال أزيفيدو أمس الثلاثاء خلال مشاركته في مؤتمر الصناعة الألماني ببرلين، في إشارة إلى النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إن التجارة تدور حول الثقة، محذرا من أن تلك النزاعات سيكون لها «تأثير الدومينو» ولن يكون بها فائز.
وفي الوقت نفسه، انتقد أزيفيدو التشكيك في قواعد أساسية لمنظمة التجارة العالمية، موضحا أن إنشاء منظمة التجارة العالمية لنظام تجاري استغرق عقودا طويلة. ويذكر أن ترمب انتقد أكثر من مرة بشدة منظمة التجارة العالمية.