تفكيك أمن السعودية..

لماذا يهتم الإعلام القطري الإخواني بقضية خاشقجي؟

ما إذا لو كان المفقود قطرياً أو إيرانياً أو من أنظمة صديقة للدوحة؟!

ممدوح المهيني

أحزان محطة الجزيرة والقنوات والمواقع القطرية والإخوانية على اختفاء الصحافي جمال خاشقجي ليست من أجل مهنة الصحافة أو حرية الكلمة كما يرددون، وليست حرصاً على سلامته ولكن لسبب واحد فقط، جواز سفره السعودي. ومن المؤكد أنها ستفعل ذات الشيء لو كان خاشقجي إماراتياً أو بحرينياً أو مصرياً، أي من أبناء الدول التي تقاطع الدوحة. ومن المستبعد أن نرى كل هذه التغطية المكثفة والحملة المنظمة لو كان خاشقجي من جنسية عربية أو أجنبية أخرى.

ومن الممكن تجاوز ذلك وتصديق هذا الادعاء لو أن الجزيرة وأخواتها عرفت بالاعتدال والحرص على الكرامة البشرية وحرية التعبير والمحافظة على سلامة الإنسان، ولكنها قامت بالعكس تماماً وتبنت مهنية رخيصة ملطخة بالدماء. انتهكت كل القيم المهنية والمعايير الأخلاقية عندما تحولت لمنصة مفتوحة لكل المتطرفين والإرهابيين الذين ارتكبوا وروجوا للمجازر وظهروا بعدها يرسمون ضحكات عريضة على شاشتها.

كما رعت بشكل منظم ومخطط لإيديولوجية العنف حتى تحولت إلى كعبة يحج لها الغلاة ودعاة الكراهية من كل مكان. وبعد أن كانت أحاديث التكفيريين محصورة في المنتديات المشبوهة والتجمعات المطاردة، بتنا نراهم على شاشة الجزيرة في أوقات الذروة مروجة خطابهم للعامة بشكل غير مسبوق ومانحة إيديولوجيتهم العنيفة شرعية فكرية ونظرية واسعة.

حوّل هذا الإعلام القطري الإخواني بن لادن إلى نجم تلفزيوني وبثت خطبه كاملة بدون مونتاج أو تعليقات ترد على دعايته الخطيرة وشفراته المبثوثة في رسائله وخطاباته. بل قامت بتأييده عبر مذيعين متعاطفين ومعلقين يسمونه الشيخ أسامة، بذات الوقت الذي كان عناصر القاعدة يفجرون في الرياض وبغداد وغيرهما من المدن. وعلى شاشتها رأينا أعنف الفتاوى وأكثرها دموية مثل فتوى جواز العملية الانتحارية على لسان ضيفها الدائم يوسف القرضاوي وهي التي تحولت إلى الاستراتيجية المفضلة للجماعات الإرهابية التي تبناها هذا الإعلام من القاعدة إلى جبهة النصرة، التنظيم الإرهابي الذي رعته الحكومة القطرية وقام إعلامها بصبغه وإعادة تأهيله.

وبعد عصر الديجتال وموجة السوشيال ميديا رأينا هذا الكم الكبير من المواقع الإخبارية والذباب في "تويتر" والمعرفات في "فيسبوك" التي لا تكتفي فقط بترويج إيديولوجية العنف القاعدية والإخوانية بل مهاجمة محاربيها من أفراد ومؤسسات من أجل كسر عزيمتهم وتلطيخ سمعتهم.

وأهم ما تقوم به المؤسسات الإعلامية الأخرى هي محاولة تقديم صحافة مهنية قدر الإمكان ومكافحة هذا الخطاب الدموي بخطاب معتدل ومتسامح بدل ترك الساحة مفتوحة لهذه التماسيح المخادعة.

نعرف أن هذه القنوات القطرية اللئيمة المروجة لهذا الخطاب العنيف تنفذ رغبات الدوحة وتنظيم الإخوان المتحالفين في مصلحة مشتركة من أجل هز استقرار الدول وبث الفوضى وإسقاطها وإحلال التنظيم المتطرف مكانها وتوسيع نفوذ النظام القطري الذي يدفع المليارات من أجل هذا الهدف المجنون، والجزيرة وصحافيوها ليسوا إلا مجرد بيادق رخيصة في هذه الآلة.

والآن أتت قصة اختفاء الصحافي السعودي خاشقجي التي تستحق بالفعل متابعة إعلامية، ولكن ما رأيناه حملة منظمة ومدبرة تعتمد على مصادر غير موثوقة واختلاق تقارير مزيفة وتغيير القصة خلال ساعات من خطف لاختفاء لقتل بدون الرجوع إلى مصادر رسمية حول قضية حساسة كهذه.

طبعاً، الجزيرة وغيرها من المحطات والمواقع تقوم باستغلال اسم خاشقجي وتنهش لحمه وتتاجر سياسياً به ليس حرصاً عليه أو على المهنة، ولكن من أجل الأهداف السياسية للدوحة والمتطرفين الذين لا يصحو ضميرهم المهني والإنساني إلا إذا كان المفقود من جنسيات معيّنة ويغطّ في نوم عميق لو كان قطرياً أو إيرانياً أو من أنظمة صديقة للدوحة.