عرض الصحف البريطانية..

تقرير: ما هو ذراع أردوغان في برلين؟

جمعيات حقوق الإنسان والمعارضة في البرلمان الألماني يطالبان باتخاذ موقفٍ صارمٍ

فارس طاحون

نشرت صحيفة "دي تسايت" مقالًا للكاتب "ميشائيل ثومان" حمل عنوان: "تباين الآراء حول زيارة أردوغان إلى برلين"، مفاده أن هناك أسبابًا عِدة تحول دون مد جسور التعاون مع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بيدَ أنّ الامتناع عن إجراء محادثات معه يعني أيضًا عدم القدرة على معارضته؛ ما أسفر عن تذبذب الآراء حول زيارة "أردوغان" إلى برلين، حيث خرجت الجماهير بين مؤيدٍ ومعارضٍ، في الوقت الذي رفض فيه بعض الساسة تلبية دعوة المشاركة في المأدبة الرسمية في برلين.

ويرى الكاتب أن "أردوغان" سيُثبت للشعب التركي والعالم أجمع عن طريق هذه الزيارة أنّه يحظى باحترام كبير في الخارج، في الوقت الذي كانت فيه هذه الزيارة بالنسبة لبرلين مُعضِلة كبيرة، فلم يكن لدى الأخيرة رغبة في بسط يد التعاون، غير أنها وجهت إليه الدعوة، ولهذا يتساءل الكاتب: "ما الرسالة الخفية وراء إقبال برلين على توجيه مثل هذه الدعوة؟".

وأكد الكاتب أن جمعيات حقوق الإنسان والمعارضة في البرلمان الألماني يطالبان باتخاذ موقفٍ صارمٍ تجاه "أردوغان"، مشيرين إلى سياسته الاستبدادية واعتقاله المعارضين، وكذلك عمليات الاضطهاد التي أسفرت عن تشريد مئات الآلاف من ديارهم وتسريحهم من أعمالهم، فقد جمع في الأعوام الثلاثة الأخيرة كل السلطات في يده، فضلاً عن إجرائه ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب" ضد حزب العمال الكردستاني، والتي أكلت الأخضر واليابس، وكذلك تواجده العسكري في سوريا؛ لهذا فهناك أسباب عِدة تحول ضد إجراء المحادثات التي يسعى إليها.

وأضاف الكاتب أن الساسة الذين رفضوا المشاركة في المأدبة الرسمية أضاعوا على أنفسهم الفرصة في إبداء استيائهم واعتراضهم على سياسة "أردوغان"، محذرًا في الوقت نفسه من أنّ رفض المحادثات معه قد تؤدي إلى قطع العلاقات بالكُلِية مع أنقرة، وهذا ما حدث بالفعل مع الرئيس الأمريكي "ترامب"، حيث تحول الصراع بين الرئيسين الأمريكي والتركي إلى صراعٍ شخصي؛ ما أدى إلى مواجهة كليهما مزيدًا من المخاطر والتحديات.

وأضاف الكاتب أيضًا أن "أردوغان" يواجه أزمة اقتصادية طاحنة، فهو بحاجة إلى مزيدٍ من الاستثمار والمستثمرين، لذا فمن الخطأ ممارسة الضغوطات عليه، وعليه أن يعي جيدًا أن اختراق القوانين وانتهاك حقوق الإنسان يقفان حجر عثرة أمام جذب المستثمرين الأجانب، وبالتالي النهوض بالاقتصاد التركي، فكثيرًا ما تشتكي الشركات والمؤسسات التركية والأجنبية من تعرض موظفيها لسلسلة من الإجراءات التعسفية، فسياسة الاضطهاد المُنتَهِجة من قِبل أردوغان هي الحائل أمام جذب المستثمرين، وهذه الرسالة (من وجهة نظر الكاتب) يجب أن تصل إلى "أردوغان"؛ لذا فإن كان بحاجة إلى مزيدٍ من الاستثمار والمستثمرين مع الاتحاد الأوروبي فعليه بتطهير القضاء، والحد من الإجراءات التعسفية، وإلا لن تصل الاستثمارات إلى بلاده.

مساعي المعارضة التركية للعودة بالبلاد إلى الديموقراطية

وفي السياق ذاته، طالعتنا صحيفة "تاجس شبيجل" بتقرير للكاتبة "سوزانا جوستن" تحت عنوان: "مساعي المعارضة التركية للعودة بالبلاد إلى الديموقراطية"، أشارت فيه إلى قول "بولنت إيكزا"، أحد أبرز رجال الأعمال في تركيا: "لقد تصاعدت الأصوات في تركيا قبيل زيارة "أردوغان" إلى برلين بضرورة العودة بالبلاد إلى مسار الديموقراطية، فالبلاد بحاجة إلى قضاء نزيه ومستقل"، بيدَ أنّ الحكومة لم تبدِ من قِبلها أي استعداد حيال هذا الأمر؛ لهذا فعلى ألمانيا مصارحة "أردوغان" أنّه لن يمكن تطبيع العلاقات بين البلدين دون العودة إلى مبادئ الديموقراطية، حسبما قال نائب رئيس البرلمان والسياسي المعارض "ميثات سانكار" في مقابلة له مع صحيفة شبيغل الألمانية، وإن كانت آماله ضعيفة في ممارسة برلين الضغط على "أردوغان".

ولفتت الكاتبة إلى أن الكيل قد طفح تجاه ملف حقوق الإنسان في تركيا، التي مارست انتهاكات كثيرة في السنوات الأخيرة، فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة، اعتُقِل نحو 15000 شخص وشُرِّد 15000 آخرين من الخدمة المدنية، علاوة على فرار العديد من المعارضين إلى الدول الغربية، وبالتالي تزايد نصيب تركيا من اللاجئين، فضلًا عن اعتقال مئات الصحفيين.

وترى أنّ السياسة التركية "الاستبدادية" كانت أحد أسباب تجمد العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي منذ عام 2016، غير أنّ أردوغان يسعى الآن لتطبيع العلاقات مع أوروبا من جديد، ليس فقط بسبب الأزمة المالية الحادة التي يواجها، وإنما يامل في الحصول على مساعدةٍ اقتصاديةٍ أوروبية، كما يسعى لعودة العلاقات مع ألمانيا من جديد.

وأضافت أنّ تركيا ليس بوسعها تحقيق الاستقرار دون تحقيق مبادئ الديموقراطية، وهذه الرسالة يجب أن توجهها الحكومة الاتحادية إلى أردوغان، علاوة على أنّ الأمر لن يتعلق فقط بالمصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين، وإنما أيضًا بعمليات اعتقال المواطنين الألمان في تركيا، والتي لاقت نقدًا لاذعًا من قبل برلين، حتى وإن أُطلق سراح المعتقلين الألمان جميعهم، فلا يعني هذا نزاهة واستقلالية القضاء التركي بين عشية وضحاها، وإنما يعني أنّ البلاد يسودها موجة من الإجراءات التعسفية وغياب القانون.

وفيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية داخل البلاد، فقد أخذ إنذار التدهور الاقتصادي في التصاعد، حيث تقدمت العديد من الشركات في تركيا بطلب الحماية من الإفلاس، بينما شرعت شركات المقاولات والعقارات في تسريح العمالة، وأصبحت العديد من الشركات في موقفٍ لا تُحسد عليه بسبب القروض، ويقدر الخبراء إجمالي ديون الشركات التركية بـ 220 مليار دولار. ومن جانبه يرى أردوغان أن تركيا لا تعاني من أزمة اقتصادية، ولكنها تعاني من عواقب التلاعب غير المباشر من قِبل قوى خفية.

الاتحاد الإسلامي التركي.. "الذراع الأردوغاني" في ألمانيا

نشرت صحيفة "دي تسايت" مقالًا للكاتبة "جوديث لويج" بعنوان: "الاتحاد الإسلامي التركي.. الذراع الأردوغاني في ألمانيا"، مفاده أنّ أردوغان سيتوجه أثناء زيارته إلى برلين إلى مدينة كولن لحضور الافتتاح الرسمي لمسجد كولن، الذي يديره الاتحاد الإسلامي التركي "الديتب"، بيدَ أنّ هذه الزيارة وهذا الافتتاح الرسمي أثار جدلاً كبيرًا لدى الكثيرين، فمن جانبها اضطرت عمدة مدينة كولونيا إلى إلغاء مشاركتها في هذا المناسبة؛ لعدم موافقة (الديتب) على إلقائها كلمة في هذه المناسبة، فضلاً عن أنّ خطة الأمن المُقدمة من قبل الاتحاد الإسلامي إلى جهاز الشرطة قبيل فترة وجيزة من هذه المناسبة غير قابلة للنقاش، وباختصار شديد، ترى الكاتبة أنّ الأمر ما هو إلا واجهة إعلامية للرئيس التركي وذراعه الخارجي، الأمر الذي لاقى نقدًا لاذعًا من جانب العديد من الأتراك الألمان.

ورأت الكاتبة أن حديث (الديتب) عن الديموقراطية والشفافية والانفتاح على الآخر والحوار في منأى، والواقع في منأى آخر، فهو الآن يلعب دورًا خفيًا في السياسة المدرسية، مستهدفًا في المقام الأول الأماكن المخصصة للشباب ليتعلموا فيها مبادئ الديموقراطية والتسامح، حيث يحدد من ينساق طواعية وراء الرئيس المستبد "أردوغان"، وهذا يعني أن مكتب الأمن القومي الألماني بصدد البت في الأمر، عما إذا كان سيخضع لهذا الاتحاد في كولونيا للمراقبة الاستخباراتية من عدمه.

وأضافت الكاتبة أنّ مادة التربية الدينية تُدرس منذ عام 2012/2013 في ولاية شمال الراين - وستفاليا في ألمانيا، ويلعب الاتحاد الإسلامي دورًا جوهريًا في هذا الملف في مشاركة أعضائه في بعض الولايات بتدريس هذه المادة، وقد كان الأمر جيدًا في بادئ الأمر، غير أنّ التعاون أظهر في السنوات الماضية أن الديتب ليس شريكًا جيدًا، فقد اتضح بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا أنه يعمل لصالح أجندات تركية، حيث يتجسس بنقل معلوماتٍ عن أتباع حركة غولن إلى الحكومة التركية، وبذلك اتضح أنه منظمة تركية وليست ألمانية؛ ما أدى إلى تأزم عمليات التعاون معه؛ وبالتالي شرعت الحكومة الألمانية في الاستعاضة عنه في ولايتي هسن شمال الراين-وستفاليا.

الصواريخ البالستية الإيرانية تحمل في طياتها رسالة الإرهاب

وتحت عنوان: "الصواريخ البالستية الإيرانية تحمل في طياتها رسالة الإرهاب"؛ نشرت صحيفة بيلد تقريرًا للكاتب "يوليان روبكه" أشار فيه إلى سياسة الثأر التي تنتهجها طهران، ورأى أنّ الصواريخ البالستية التي أطلقتها إيرن على أهداف داعشية شرقي سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب، لم يكن الباعث الحقيقي وراءها مكافحة الإرهاب، وإنما حملت في طياتها رسالة الإرهاب، وهي القضاء على إسرائيل والولايات المتحدة.

وأضاف الكاتب أن هذه الضربات لم تُوجَه في حقيقتها صوب تنظيم داعش، وإنما وُجِّهت صوب كل من تُسوِّل له نفسه اعتراء طريق نظام الملالي الفاسد، وصوب كل ما لا يشاهد عن بعد وفي صمت دعوات طهران بإبادة إسرائيل؛ لهذا اعتبر الكاتب أن طهران لا يمكن أن تكون حليفًا في الوقت الراهن، لا في الحرب على الإرهاب، ولا كمورّد للنفط ولا كشريك تجاري؛ معللًا بأنّها أرادت بهذه الضربات الانتقام من الهجوم الذي استهدف عرضًا عسكريًا إيرانيًا في مدينة أهواس في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي، والذي أودى بحياة 25 شخصًا، من بينهم 12 من قوات الحرس الثوري، وقد ألقت إيران حينها باللوم على إسرائيل والولايات المتحدة باعتبارهما الراعيين الرسميين لهذا الهجوم.

فيما كتب المحلل في شؤون الشرق الأوسط "رامان غافامي" على تويتر أنّ أربعة فقط من إجمالي ثمانية صواريخ وصلت إلى سوريا، بينما سقط اثنان داخل الأراضي الإيرانية واثنان آخران داخل الأراضي العراقية.

ومن جانبه قال "علي رضا نادر"، الرئيس التنفيذي لمؤسسة غير ربحية معنية بالمجال البحثي، ومقرها واشنطن، إن الضربات البالستية الإيرانية حملت في طياتها إظهار قوة نظام الملالي أمام شعبه، ليُظهر لهم مدى استعداده وقوته للرد على أعدائه، وتابع: "حتى وإن حققت الصواريخ الإيرانية نجاحًا، ينبغي الحذر من طهران كونها لا تزال خصمًا خطيرًا".

وينظر الخبير الإيراني "علي فاتح الله نجاد" إلى الأمور على نحو مماثل، ويرى أنها عملية انتقامية من قوات الحرس الثوري على الهجوم الذي استهدف العرض العسكري الإيراني، وهذا ما قامت به طهران بالفعل بالرد بضربات صاروخية على مواقع داعشية في سوريا، كرد فعل من جانبها على الهجومين الواقعين في الصيف الماضي، وأنّ الهدف الخفي وراء الضربات الإيرانية اختبار الصواريخ تحت ستار القصاص والانتقام من التنظيمات الإرهابية.