شغف السلطة والمال يهدّد التجانس..

صراعات خفية بين قيادات الحراك في صنعاء والحوثيين

تبادلت الأطراف الاتهامات بتبديد الحراك الجنوبي

صنعاء

بَرز الحراك الجنوبي في اليمن، والذي مثّله مؤتمر الحوار الوطني في المدة ما بين “مارس 2013 – يناير 2014” نقطة الالتقاء العلني بين مكون الحراك وجماعة الحوثي، حيث تم التنسيق لبعض التحركات الهادفة إلى إصباغ مخرجات الحوار بلبوس القضية الجنوبية وقضية صعدة، كمظلومية مشتركة مع جماعة الحوثي.

وانكشف التحالف الثنائي، بين قوى الحراك الجنوبي المدعوم من الحرس الثوري الإيراني، وجماعة الحوثي، غداة انقلاب الأخيرة على السلطة في21 سبتمبر 2014، ليكون الحراك أبرز مؤيدي الجماعة غير الشرعية.

ولكن بعد سنوات من ذلك التحالف الهش، بدأت الانقسامات بينهما تطفو على السطح، وتكشف مدى تشظي تلك القوى، وسط حالة من التجاذبات والاحتقان الداخلي، ومحاولة التهام بعضهما الآخر.

الحراك الحوثي

وتقول مصادر يمنية إن مجموعة كبيرة من بعض القيادات الجنوبية في قوى الحراك الجنوبي وجدت لنفسها مكانًا في قمة هرم سلطة الحوثي، بعد أن انسلخت من “المبادئ الثورية” التي كانت تسعى لترسيخها على مدى مسيرة الحراك في وجدان الشارع الجنوبي.

وتتابع المصادر أن دور الحراك تكشف على إثر محاولات الميليشيات الحوثية غزو المناطق الجنوبية بتأييد من تلك القوى الجنوبية، والعمل على تحسين صورة الحوثيين أمام الرأي العام الجنوبي، بطريقة استفزازية، ما جعل الشارع الجنوبي يكشف نوايا تلك الشخصيات ويطوي صفحتها.

ومن أبرز تلك الشخصيات التي أثارت الجدل، “عبدالسلام جابر”، وزير الإعلام في حكومة الحوثيين والذي كان يرأس تحرير صحيفة “القضية” وهو واحد من الشخصيات الجنوبية التي طالبت بفك الارتباط منذ وقت مبكر.

ووفق المعلومات التي حصلت عليها “إرم نيوز” فقد تلقى “جابر” سلسلة من الدورات الثقافية في لبنان وإيران، وزار عشرات المرات محافظة صعدة- معقل الحوثيين- والتقى بقيادات حوثية بارزة في مقدمتها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.

وبينت تلك المعلومات أن “جابر” كان حلقة الوصل بين “أبو مصطفى” مسؤول الملف اليمني في حزب الله اللبناني، وبين صحفيين ووسائل إعلام تابعة لقوى الحراك الجنوبي، في مناطق الجنوب.

وكشفت المعلومات وجود شخصيات أخرى كانت متواطئة مع الحوثيين، أبرزهم قاسم لبوزة نائب رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى سابقًا، وغالب مطلق وزير الأشغال العامة في حكومة الانقلاب، وخالد أبوبكر باراس رئيس مكون “الحراك الجنوبي” المشارك في مؤتمر الحوار، والقيادي الجنوبي سعيد باكحيل، إضافة إلى القيادي الجنوبي حسين زيد بن يحيى.

وتفيد المعطيات بأن تلك الشخصيات كان لها حضور كبير في قائمة مكونات قوى الحراك الجنوبي، منذ الأشهر الأولى لظهور التحركات الشعبية في المدن الجنوبية، ليتمخض عن تلك التحركات قوى تطالب بفك الارتباط عن صنعاء وعودة مناطق الجنوب الى ما قبل الوحدة اليمنية.


الدعم الإيراني

وبحسب مصدر في الحراك الجنوبي، فإن الدعم المالي الإيراني المقدم لمكونات الحراك الجنوبي، ما زال قائمًا، حيث إن المكونات الجنوبية تتلقى تمويلًا شهريًا، والهدف من ذلك زيادة حضورها المجتمعي.

وذكر المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، بأن مكونات من فصائل الحراك الجنوبي الصغيرة تتلقى تمويلًا ماليًا من إيران لتوسعة أنشطتها الجماهرية، المناهضة للتحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده السعودية.

وأكد المصدر أن تلك الفصائل يتكشف عملها خلال الاحتجاجات الشعبية الخجولة في بعض مدن الجنوب، والتي تعمل فيها تلك العناصر على الإساءة إلى التحالف العربي.

وعلى الصعيد الإعلامي كذلك، كان الدعم المالي حاضرًا، حيث كانت قناة “عدن لايف” المدعومة إيرانيًا تساهم في زيادة المد الشيعي في مناطق الجنوب وتعزز الحضور الشعبي لقوى الحراك – الفصائل الممولة من إيران- في الشارع الجنوبي.

وواكبت القناة “التحريضية”، تحركات الحوثي العسكرية للسيطرة على الجنوب وتحولت في تلك الأثناء من خطابها لنيل الانفصال إلى الخطاب المساند للحوثيين.


انقسام الحراك الحوثي

أدت الصراعات الخفية بين القيادات الجنوبية في صنعاء إلى خلق عدد من التيارات المتنافسة على الدعم الحوثي والإيراني على حد سواء، ومن أبرزها تيار قيادات جنوبية بعضها في المؤتمر الشعبي العام – فصيل صنعاء- والبعض الآخر من خارج إطار المؤتمر.

وسعت تلك التيارات لتوسعة حضورها الجماهيري بين أوساط أبناء المحافظات الجنوبية في مناطق سيطرة الحوثيين، من خلال اللقاءات الدورية والمشاركة في المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي يدعو لها الحوثي بين الفينة والأخرى.

وتعتبر تيارات الحراك أن جناح “الحراكيين في السلطة” استفرد بالتمويلات المالية وامتيازات السلطة التي سخرها الحوثي لتلك الشخصيات على حساب وجود بقية المكونات الجنوبية، الأمر الذي دفع تيار “حسن زيد بن يحيى” مؤخرًا إلى انشاء ما يسمى” منتدى أبناء عدن” والذي يتكفل بإصدار البيانات السياسية والخطابات المؤيدة للحوثيين وتحركاتهم.

وتتصاعد وتيرة الشد والجذب بين التيارات الجنوبية المؤيدة للحوثين، وسط اتهامات متبادلة، تطورت مؤخرًا – وفق مصدر في الحراك الجنوبي- إلى مشادة كلامية بين قيادين في منزل القيادي الجنوبي قاسم لبوزة بصنعاء.

ووفق المصدر فإن “الجانبين تبادلا الاتهامات بتبديد قوة الحراك الجنوبي لصالح الحوثين الذين اكتفوا بإعطاء البعض مناصب عليا بينما البقية تم وضعهم في منازلهم”.