الزيتون رمزا للسلام..

فلسطين .. أرض "الزيتون السجين"

عشرات المزارعين مع عائلاتهم يقفون امام البوابات بانتظار السماح لهم بالدخول الى أراضيهم

واشنطن

لطالما كان غصن الزيتون رمزا للسلام، ولطالما ارتبطت هذه الشجرة بتاريخ فلسطين وتراثها، فأصبحت جزءاً راسخاً مثل الأرض وأهل الأرض، لكن الوصول اليه دونه مصاعب ناتجة عن اقتطاع الأراضي في الاستيطان وظلم الاحتلال.
 
ويبدأ الفلسطينيون الذين يقع زيتونهم خلف جدار الفصل والضم العنصري والاسلاك الشائكة، بالتوجه الى البوابات الحديدية التي تفصلهم عن اراضيهم وزيتونهم منذ ساعات الفجر الأولى، لضمان ان يدخلهم جنود الاحتلال في الموعد المحدد لفتح البوابات في موسم قطف الزيتون، فايت اخير يعني انهم لن يقطفوا ثمار زيتونهم، فهم يدخلوا بموعد ويخرجوا من ارضهم بموعد.
 
فعند كل تجمع زراعي ترى عشرات المزارعين مع عائلاتهم يقفون امام البوابات بانتظار السماح لهم بالدخول الى أراضيهم، دون ان يسمح لهم بادخال مركباتهم ما يوجب عليهم المشي لكيلومترات عدة ما يضاعف المشقة، التي يعانوا مثلها في طريق عودتهم من قطاف الزيتون وهم يحملون اكياس الزيتون فوق ظهورهم.
 
يقف عواد محمد خطاطبة (54 عاما) من بلدة بيت فوريك شرق نابلس، قرب احدى اشجار الزيتون، ويبدأ بقطاف ثمارها، ويعود بالذاكرة إلى ما قبل عشرين عاما، بعد يومين من استشهاد المواطنة عائشة الرابي (45 عاما)، عقب استهداف مركبة زوجها بحجارة المستوطنين أثناء عودتها من زيارة ابنتها في مدينة الخليل.
 
"هذا المشهد اعادني  الى الوراء عشرين عاما، وتحديدا تاريخ 28-10-1998، عندما جاء اتصال يفيد باستشهاد والدي محمد سليمان زلموط خطاطبة، عقب استهدافه من قبل مستوطن والقاء حجر كبير على راسه، ما ادى الى وفاته على الفور، اثناء قطفه ثمار الزيتون بالقرب من مستوطنة " ايتمار"، يقول خطاطبة.
 
عندما استشهد خطاطبة كان يبلغ من العمر (72 عاما)، واعتبرت حادثة مقتله بالحجارة، اقسى الجرائم التي ارتكبها مستوطنون بحق الفلسطينيين في المنطقة.
 
وعلى طريقة استشهاد الرابي من بلدة بديا بمحافظة سلفيت، واستهدافها بالحجارة عقب اصابة مباشرة بالرأس مساء الجمعة، ذاتها الطريقة التي قتل فيها محمد خطاطبة من بيت فوريك، بعد أن هشم المستوطن رأسه فغابت معالم وجهه بشكل كبير، كما تقول عائلته.
 
"وقت المساء لم يعد والدي من أرضه، وكنا بانتظاره ومضت الساعات، حتى اتى الخبر باستشهاده، عقب استهدافه من قبل مستوطن بحجر كبير ادى الى تهشم جمجمته" يوضح نجل الشهيد.
 
"لكن في حادثة خطاطبة لم يكتف المستوطن بدق رأس الضحية بالحجر فعمدوا الى تقطيع أطرافه بالمنشار الذي كان بحوزته"، حسب رواية خطاطبة.
 
"تلك اللحظات لم تمح من ذاكرتي، ومشهد انتشار قوات الاحتلال في الاراضي التي كانت محط اطماع للمستوطنين، والتي حرم علينا دخولها لاحقا، وحتى اسم ذلك القاتل "غور هامل"، وهو من مستوطنة "كريات اربع" الذي جاء بهدف القتل والانتقام"، تابع خطاطبة.
 
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، "اوتشا"، يؤكد في تقرير له نشر في شهر ايار الماضي، ان اكثر أنواع العنف الشائعة التي مارسها مستوطنون خلال الربع الاول من عام 2018 هو إلقاء الحجارة على منازل ومركبات فلسطينية واعتداءات جسدية.
 
واشار المكتب الاممي، الى ان محافظة نابلس، سجلت أعلى نسبة عدد من الحوادث، حيث بلغ مجموعها 35 حادثة، منها 20 حادثة وقعت في ستة تجمعات سكانية فلسطينية تقع في محيط مستوطنة "يتسهار" والبؤر الإستيطانية الملاصقة لها.
 
ويحذّر رئيس منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" الحاخام إريك إشرمان من أن يصبح الاستثناء هو القاعدة في الضفة الغربية المحتلة.
 
وأوضح "يبدأون بمنع الفلسطينيين من الوصول الى اراضيهم، وبعدها يقومون بقطف ثمارها، وبعدها سيقولون: الآن، هذه أصبحت ارضنا".
 
وتدفع اعتداءات المستوطنين أيضاً بعض الشبان من العائلات التي تعتمد على الزراعة الى ترك مهنة العائلة للبحث عن عمل آخر.
 
ويوجد حوالى 10 ملايين شجرة زيتون في الضفة الغربية، حيث زراعة الزيتون قطاع بالغ الأهمية للاقتصاد الفلسطيني ويعمل فيه 100 ألف مزارع ويدر حوالى 100 مليون دولار.
 
وبالإضافة الى الامتداد الاستيطاني الذي يعتبره المجتمع الدولي غير شرعي، فان الجدار الفاصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة يهدّد قطاع زراعة الزيتون.
 
وتوضح أرقام الأمم المتحدة أن 30 في المئة من الاراضي الفلسطينية الزراعية موجودة على الجانب الآخر من الجدار الفاصل في أنحاء الضفة الغربية.