مشروع جديد..

إدراج اختصاص الطب العائلي في الجامعات التونسية

لتعزيز القدرات العلمية للأطباء كما سيسمح بتخفيف الضغط على الاختصاصات الأخرى

آمنة جبران
واشنطن

تتجه وزارة التعليم العالي في تونس نحو إقرار تخصص الطب العائلي كاختصاص طبي جديد في الجامعات التونسية، في خطوة تكشف عن جهود الوزارة لإدراج اختصاصات جديدة تعزز مهارات الطلبة.

وأكد رئيس الجمعية التونسية للطب العائلي بالأمين زياد في تصريح لإذاعة محلية خاصة، السبت، أن المفاوضات متواصلة مع وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتكوين طلبة مختصين في مجال الطب العائلي. ورجّح أن تكون السنة المقبلة هي الانطلاقة الفعلية لهذا البرنامج.

ويعرف خبراء الطب العائلي بأنه “اختصاص أضيف إلى لائحة الاختصاصات الطبية، وهو عبارة عن اختصاص تتم دراسته في أربع سنوات بعد دراسة الطب العام، ليؤمن الخدمات الصحية والوقائية لجميع الفئات العمرية من الصغار والكبار والمسنين والنساء والرجال”.

وسيسمح إدراج اختصاص الطب العائلي في الجامعات التونسية بتعزيز القدرات العلمية للأطباء، كما سيسمح بتخفيف الضغط على الاختصاصات الأخرى وستكون له نتائج إيجابية على المرضى حيث سيسهل عملية العلاج في المستقبل.

وأوضح ماهر القصاب المدير العام للتعليم العالي في تونس لـ“العرب” أن “هذا الاختصاص تم اقتراحه منذ العام 2011 لكن تم تأجيل النظر فيه.. وحاليا سيقع دعمه ضمن إطار قانوني”.

وأشار القصاب إلى أنه “وقعت مراجعة النظام الأساسي للدارسات الطبية بهدف دفع هذا الاختصاص، وليكون اختصاصا بأتمّ معنى الكلمة كبقية الاختصاصات المهمة الأخرى”. وبين أن “وزارة التعليم العالي وصلت إلى الأشواط الأخيرة مع وزارة الصحة لدمج هذا الاختصاص بشكل رسمي في الجامعات”.

وبإمكان اختصاص الطب العائلي أو ما يعرف بطب الخط الأمامي، معالجة 80 بالمئة من الحالات المرضية وتشخيص العلاج الملائم لها دون التحول إلى أطباء الاختصاص.

وأكد القصاب أن “الاختصاص الجديد سيعوض اختصاص الطب العام وسيفرض ذاته بالقطاع الصحي”. ويأتي إدراج اختصاص الطب العائلي في الجامعات في إطار مشروع أكاديمي ترعاه وزارة التعليم العالي هدفه إنتاج جيل هو الأول في تونس يتقن هذا الاختصاص ويعزز رصيد البلاد من الكفاءات البشرية.

ورغم أن قطاع التعليم في البلد الذي يعيش انتقالا ديمقراطيا منذ انتفاضة يناير عام 2011 تأثر بالتجاذبات السياسية والحزبية والاحتجاجات الشعبية، لكن الحكومة تتمسك بتطويره وإصلاحه وتراهن عليه للنهوض بالبلاد.

وفي إطار إصلاح النظام الطبي في تونس اقترحت وزارة التعليم أن يمارس الطلبة جميع الاختصاصات، وألّا يكتفوا بمنظومة التعليم التقليدية.


ولفت منير يوسف مقني رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطبّاء التونسيين لـ“العرب” إلى أن “الهدف من مشروع الطب العائلي هو تكوين جيل جديد متمكن من هذا الاختصاص للقيام بهامه على أكمل وجه”.

وشرح مقني قائلا، إن “دراسة الطب في تونس تتم بداية بخمس سنوات ثم يليها عام تربص ثم التوجه عقب ذلك لاختصاص معين”. وأوضح أن “اختصاص طب العائلة سيدوم ثلاث سنوات فيما تدوم الاختصاصات الطبية الأخرى أربع سنوات، وخمس سنوات للاختصاصات الجراحية”.

وحسب ترتيب الطلبة سيقع اختيارهم للاختصاصات بشكل طوعي. وتابع مقني “طب العائلة سيصبح في المستقبل اختصاصا واضح المعالم ولن يكون في المرحلة المقبلة طب عام”. وبين أنه حاليا يقع تدريب الدفعة الأولى من الطلبة على اختصاص الطب العائلي وستتخرج من الجامعة بعد سنة.

ويقول خبراء أن الطب العائلي في تونس مازال يفتقد إلى الخصوصيات التي يحظى بها طب الاختصاص اليوم.

لكن المديرة العامة للصحة في تونس نبيهة بورصالي فلفول، شددت على أن طب العائلة سيصبح قريبا طب اختصاص وفي الخط الأول للمنظومة الصحية، وأن الوزارة ستشرع في عملية تكوين أطباء العائلة.

وتعي وزارة التعليم التونسية بأن إدراج الطب العائلي في الجامعات كاختصاص سيحقق أولى أهداف استراتيجيتها التي كانت أعلنت عنها منذ عام 2017 لإصلاح التعليم العالي. كما أنها تراهن على كفاءة كليات الطب لديها لاستقطاب الطلبة التونسيين والأجانب.

ويعتقد خبراء أن فرض اختصاص الطب العائلي في الجامعات سيساهم في استقطاب الطلبة الأجانب ويعزز ثقتهم بالتعليم في تونس.

وكان وزير التعليم العالي سليم خلبوس قد أشار إلى أن استراتيجية الوزارة الجديدة تعمل على تطوير الاختصاصات خاصة في مجال الطب للمزيد من استقطاب الطلبة الأجانب.

وقد احتلت تونس المرتبة الأولى على المستوى المغاربِي، في التصنيف الخاص بكليات الطب في العالم العربي وكانت الأفضل بولوجها إلى التصنِيف من خلال جامعتين؛ هما جامعة المنستير التي حلت في المركز الثالث عشر، وجامعة العاصمة تونس المنار التي حلتْ في المرتبة الثانية والعشرين.

 ولفت وزير التعليم العالي إلى أن تونس تريد استقطاب الطلبة الأجانب بصفة عامة والأفارقة بصفة خاصة وأن عدد الطلبة الأجانب في الجامعات التونسية يمثلون 3 بالمئة فقط. وأشار الوزير إلى أن الوزارة تسعى إلى تطوير الرقم ليصبح 10 بالمئة في حدود سنة 2020 مؤكدا أن نسبة الطلبة الأفارقة في تونس تمثل 75 بالمئة من الطلبة الأجانب.

وأوضح سليم خلبوص أن استراتيجية الوزارة تتمثل في عدة قرارات منها فتح الجامعات العمومية أمام الطلبة الأجانب مؤكدا أن الوزارة لديها استراتيجية للتسجيل المجاني للطلبة الأفارقة من أجل تشجيعهم على الدراسة في تونس.

وقد تقرر إحداث وكالة تونسية لاستقبال الطلبة الأجانب لتوفير ظروف مناسبة للإقامة والدراسة، إلى جانب المشروع الكبير التونسي الفرنسي المتمثل في إحداث الجامعة التونسية لأفريقيا والبحر الأبيض المتوسط التي ستكون تجربة فريدة من نوعها ومهمتها استقطاب الطلبة الأجانب.

 وتحاول وزارة التعليم معالجة مشاكل قطاع التعليم العالي من رؤية إصلاحية أقرتها للنهوض به حيث يعيش العديد من الصعوبات المالية والأكاديمية كما تأثر بخلافات نقابية مع الحكومة.

وسبق أن أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوس على أن الوزارة تطمح إلى تسليط الضوء على المشكلات الحقيقية لقطاع التعليم العالي مع التركيز على بحث الأهداف الاستراتيجية.

واستراتيجية وزارة التعليم متنوعة وتتمثل في عدة قرارات كإدراج اختصاصات جديدة ضمن إصلاح التوجيه الجامعي وإدخال تغييرات على منظومة “إمد”، على غرار فتح الجامعات العمومية أمام الأجانب، خاصة وأن هناك طلبا كبيرا على الجامعات العمومية كالطب والهندسة.