تأزم الوضع رغم العزلة..

تقرير: تقارب قطري إيراني لخداع واشنطن

روحاني

خلدون الشرقاوي

تتوالى الأخبار التي تؤشر إلى تنامي التعاون القطري الإيراني، وإلى عزم الدوحة المضي في معاكسة التيار، من خلال إبرام الصفقات مع طهران التي تصنف عربياً ودولياً باعتبارها راعية للإرهاب، وممولة للمليشيات المسلحة التي تعيث فساداً في أكثر من بلد عربي.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أمس الأحد، عن مدير إدارة الاتفاقيات والتعاون الدولي بوزارة الاقتصاد القطرية أحمد آهن، قوله، إنّ "الدوحة ترغب في زيادة التعاون الاقتصادي مع إيران".

وأكد المسؤول القطري أنّه "وفقاً للتخطيط المسبق، من المتوقع بلوغ حجم التبادل التجاري مع إيران بنهاية عام 2018، مليار دولار".

وأكد آهن، في الاجتماع السادس للجنة الاقتصادية المشتركة بين إيران وقطر، أمس، ضرورة زيادة حجم التبادل التجاري للبلدين كل عام بشكل ملحوظ، لافتاً إلى التخطيط المسبق الذي تم لبلوغ حجم التبادل التجاري مع إيران حتى نهاية العام 2018 إلى مليار دولار.

دعا اتحاد كرة القدم الإيراني قطر إلى "أن تستفيد من الإمكانيات المتوفرة في جزيرة كيش خلال بطولة كأس العالم 2022"
إيران تساعد قطر في كأس العالم

وفي إطار رغبتها توطيد التعاون مع الدوحة في سائر المجالات، دعا اتحاد كرة القدم الإيراني قطر إلى "أن تستفيد من الإمكانيات المتوفرة في جزيرة كيش خلال بطولة كأس العالم 2022"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أمس، عن رئيس اتحاد كرة القدم الإيراني مهدي تاج.

وقال تاج عند لقائه بالسفير القطري لدى طهران علي بن حمد بن علي السليطي، إنّ قرب و"مجاورة قطر لجزيرة كيش يُوفر أرضية ملائمة لإقامة المخيمات والتمرينات وحتى المسابقات في هذه الجزيرة" الإيرانية.

يتزامن التقارب القطري الإيراني مع فرض الإدارة الأمريكية عقوبات على أشخاص وشركات إيرانية على علاقة بالحرس الثوري

وأضاف تاج أنّه أجرى مباحثات تمهيدية مع الجانب القطري لاستخدام الإمكانيات والمرافق المتوفرة في جزيرة كيش خلال مسابقات بطولة كأس العالم مع الاتحاد القطري لكرة القدم ومسؤولي إقامة مسابقات بطولة كأس العالم 2022، في انتظار اجتماعات أخرى ستعقد "في غضون الأيام المقبلة لدراسة هذا الاقتراح".

وأشاد السليطي، حسب "إرنا"، باقتراح اتحاد الكرة الإيراني، معبراً عن أمله "في أن تستخدم قطر مرافق جزيرة كيش عند استضافة كأس العالم 2022".

التقارب القطري الإيراني

ويتزامن هذا التقارب القطري الإيراني مع تشديدات الإدارة الأمريكية على فرض عقوبات على إيران؛ إذ فرضت واشنطن عقوبات على أشخاص وشركات إيرانية تقول إنهم على علاقة بالحرس الثوري الإيراني.

وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، الخميس الماضي، إنّ العقوبات، التي تشمل ستة أشخاص وثلاث شركات، تستهدف من نقلوا ملايين الدولارات إلى الحرس الثوري وساعدوا في تمويل أنشطته الخبيثة".

وجاءت الخطوة الأمريكية بالتزامن مع إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة إدراج تسعة أفراد وكيانات بقائمة "داعمي الإرهاب".

تكشف تفاصيل مراسلات إقرار مسؤول قطري رفيع المستوى بدفع 50 مليون جنيه إسترليني لقاسم سليماني في أبريل 2017

وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وضعت حدّاً لمحاولات قطر اللعب على حبل التحالف مع الولايات المتّحدة بالتوازي مع مواصلتها دعم والحفاظ على علاقاتها مع إيران الراعية لميليشيات إرهابية في لبنان والعراق وغيرهما تبيّن أنّها تستفيد بدورها من الثروة القطرية في تمويل أنشطتها بالمنطقة.

وبعد أقلّ من أسبوعين على كشف وسائل إعلام أمريكية عن وجود إثباتات مادية على دفع الدوحة لحوالي مليار دولار لميليشيات إرهابية في سوريا والعراق، جاء الكشف عن دعوة وجّهتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطر بوجوب قطع صلاتها بالميليشيات التابعة لإيران والكفّ عن تمويلها.

تأزيم رغم العزلة

وجاءت تلك الدعوة، وفق وكالة "خبر" اليمنية، لتؤزّم وضع قطر التي تعاني العزلة في محيطها الخليجي والعربي بفعل مقاطعة أربع دول عربية لها بسبب دعمها للإرهاب، ولتعقّد مهمّة القيادة القطرية في سعيها لإنهاء أزمتها الناجمة عن تلك المقاطعة، ولتعسّر أيضاً مهمّة الكويت التي تحاول بذل وساطات لإنهاء الأزمة.

وجدّدت الكويت محاولاتها تلك من خلال جولة خليجية لوزير خارجيتها الشيخ صباح الخالد بدأها أمس من مدينة جدّة السعودية، حيث سلّم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز رسالة خطية، من الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قبل توجهّه إلى العاصمة البحرينية المنامة، لتسليم رسالة مماثلة إلى العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وضعت الإدارة الأمريكية حدّاً لمحاولات قطر اللعب على حبل التحالف مع الولايات المتّحدة بالتوازي مع مواصلتها دعم الإرهاب

ولم يكشف رسمياً عن محتوى الرسالتين، غير أنّ مصادر خليجية أكّدت صلتهما بمحاولات حلّ الأزمة القطرية. وبحسب متابعين للشأن الخليجي، فإنّ مطالبة واشنطن للدوحة بالكف عن دعم الميليشيات، يضفي المزيد من المصداقية على طرح الدول المقاطعة لقطر؛ السعودية والإمارات ومصر والبحرين، والمصرّة في الوقت نفسه على حلّ الأزمة القطرية على أساس الاستجابة الكاملة من الدوحة لمطالب تلك الدول، والتي تتمحور حول الكفّ عن دعمها للجماعات المتطرفة وانتهاجها لسياسات مزعزعة للأمن الإقليمي، بما في ذلك تعاونها مع دول مهدّدة له على رأسها إيران.

لا تخفي دوائر غربية شعوراً بـ"الخديعة" بعد تراكم الأدلّة على "مواصلة قطر دعمها للإرهاب"
التمادي في اللعب على التناقضات

وسيغدو من المستحيل على قطر، وفق "خبر" التمادي في اللعبة التي نجحت في ممارستها بدرجات متفاوتة إلى حدّ الآن، والمتمثّلة في الحفاظ، من جهة على موقع لها ضمن التحالف الإستراتيجي التاريخي الذي يجمع بين الولايات المتحدة الأمريكية ومختلف دول الخليج، عن طريق استمالة الدوحة للوبيات مؤثرة في القرار الأمريكي، ومن جهة ثانية عدم قطع الصلة بالتنظيمات المصنفة عند بعض الدول إرهابية "التي دأبت قطر على احتضانها ودعمها سياسياً وإعلامياً ومالياً".

ولا تخفي دوائر غربية شعوراً بـ"الخديعة" بعد تراكم الأدلّة على "مواصلة قطر دعمها للإرهاب" الذي مسّت تبعاته بشكل مباشر دول الغرب نفسه، وهي دول تعلن قطر نفسها حليفة لها وتسعى باستمرار إلى ربط علاقات سياسية واقتصادية متينة معها.

وتجلّى شعور الخديعة ذاك مؤخّراً حين ظهر رئيس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني في احتفال بزفاف نجل عبدالرحمن النعيمي، الذي تصنّفه عدّة دول من بينها قطر ذاتها ضمن لوائح الإرهاب، والمطلوب لدى كلّ من بريطانيا والولايات المتحدة لدوره في تمويل تنظيمات متطرفة على رأسها تنظيم "القاعدة".

وفي أحدث كشف عن علاقات قطر بجماعات الإرهاب من مختلف الطوائف، أظهرت رسائل بريد إلكتروني تم تسريبها لوسائل إعلام غربية "وجود تواصل وتنسيق بين مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة القطرية، مع أعضاء قياديين في حزب الله اللبناني في مقدّمتهم زعيمه حسن نصراللّه، وقادة في الحرس الثوري الإيراني على رأسهم قاسم سليماني قائد فيلق القدس".

وتكشف تفاصيل المراسلات، كما تذكر وكالة "خبر" للأنباء "إقرار مسؤول قطري رفيع المستوى بدفع 50 مليون جنيه إسترليني لسليماني في نيسان (أبريل) 2017، ودفع 25 مليون جنيه إسترليني إلى ميليشيا شيعية عراقية سبق أن اتهمت بقتل جنود أمريكيين".