دعوة كوهلر ضمن مائدة مستديرة..

لقاء جنيف..غياب أرضية مشتركة يقلل فرص النجاح في المغرب

مخيمات تندوف شاهد حي على المستقبل الذي يعد به الانفصاليون

الرباط

على امتداد تاريخ الصراع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، حرصت الرباط على الابتعاد عن أي إخلال بالقوانين الدولية والمواثيق الأممية. وتأكيدا على استمرارية هذا التوجه، استجاب المغرب لدعوة المبعوث الأممي هورست كولر، إلى جنيف لإجراء مفاوضات بشأن الصحراء المغربية.

وفي مسعى لإعادة إطلاق العملية السياسية، دعا كوهلر الأطراف الأربعة المعنية بقضية الصحراء المغربية (المغرب وموريتانيا والجزائر وجبهة البوليساريو) إلى اجتماع في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر ضمن جولة أولى من الاجتماعات يمكن أن تمهد الطريق لمفاوضات رسمية.

ويشترط المغرب ثلاثة عناصر لدخول المفاوضات، وهي حضور الجزائر وتولي مجلس الأمن للملف ومقترح الحكم الذاتي. وقال المتحدث باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، إن الرباط قبلت الدعوة “بالنظر إلى كون الدعوة موجهة إلى الجزائر وموريتانيا في مائدة مستديرة”.

 وتكررت، خلال الأشهر الأخيرة، دعوات المغرب إلى “انخراط فعلي للجزائر في أي حل لنزاع الصحراء”، فيما ترفض الجزائر إجراء مفاوضات مباشرة، كما يريد المغرب منذ أمد بعيد. وحدد كوهلر تاريخ 20 أكتوبر كآخر موعد لإبداء موقف صريح من إمكانية المشاركة في اللقاء.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحافيين إن المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا “أكدت أنها ستشارك في المحادثات” في جنيف.

لكن، تتعدد التساؤلات والتخمينات بشأن ما يمكن أن يسفر عنه ذلك من حلحلة للوضع، خاصة وأن تجارب كثيرة تثبت أن الانفصاليين غالبا ما يتهربون من مثل هذه اللقاءات، خصوصا عندما تكون أطروحتهم زائدة وحجتهم ضعيفة، وتسبقهم إلى المحافل الدولية صورة سلبية، كما هو حال البوليساريو، المتورطة مع الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء والتي تمارس عمليات قمع ضد سكان مخيمات تندوف كما فضيحة استفادة قادة الجبهة الانفصالية من المساعدة الدولية لمتساكني المخيمات، بالإضافة إلى الوثائق التي تثبت زيف ادعاء الجبهة المدعومة من الجزائر.

المغرب يشترط ثلاثة عناصر لدخول المفاوضات، وهي حضور الجزائر وتولي مجلس الأمن للملف ومقترح الحكم الذاتي

وقلل خبراء مغاربة من فرص أن يفضي اللقاء إلى نتائج إيجابية، ودعوا إلى عدم بناء تطلعات كبيرة عليه لإنجاز تحول استراتيجي في المنطقة. وتقترح الرباط كحل لقضية الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا، وهو مقترح يحظى بتأييد دولي واسع، فيما تتعنت جبهة البوليساريو متشبّثة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.

حول حظوظ هذه المفاوضات الجديدة التي قد تنعقد في جنيف، اعتبر سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي (خاصة)، أن “لقاء جنيف لن يفضي إلى نتائج مهمة، فأدنى شروط نجاحه غير متوفرة حاليا”.

وأضاف الصديقي أن موافقة المغرب على حضور اللقاء “جاء للتفاعل مع قرار مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء المغربية، وذلك بهدف تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لفترة جديدة“.

وذهب إلى أن قضية الصحراء المغربية هي جزء من منظومة إقليمية معقدة، ولا يمكن أن تُحل بمعزل عن حلحلة الوضع العام القائم في المنطقة، الأمر الذي يؤكده سلمان بونعمان، الباحث المغربي في العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن “لقاء جنيف يبقى فرصة من الفرص الممكنة لمعالجة النزاع، لكن دون بناء تطلعات كبيرة حوله لإنجاز تحول استراتيجي“.

رغم إبداء المغرب استعداده للحضور في مفاوضات جنيف، إلا أن محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة عبدالمالك السعدي (حكومية) بتطوان (شمال المغرب)، قال إن “لقاء جنيف ليس دعوة إلى المفاوضات المباشرة بقدر ما هو محاولة لاستطلاع مواقف الدول المعنية بالنزاع“.

واعتبر بوخبزة أن “اللقاء سيكون فرصة لجس النبض والإطلاع على مواقف الدول الأطراف في النزاع“.

وشدد على أن “الأمم المتحدة تعي جيدًا شروط المغرب لمباشرة أي مفاوضات“، مؤكدا أن “اللقاء يمثل تتويجًا للحركية الدبلوماسية للمبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة“.

وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى 2008. ولم يحدث شيء يذكر منذ ذلك التاريخ وكان المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية الهولندي بيتر فان فالسوم آنذاك وصف السلطة المغربية بالشجاعة معتبرا أن خيار الانفصال الذي تطالب به جبهة البوليساريو “غير واقعي”، بينما واصلت الجبهة سياسة الهروب إلى الأمام، بدعم جزائري، لعرقلة أي حل يمكن أن يعني نهاية سبب وجودها.