بعد أربعة أشهر ونيف من المراوحة..

تألفت حكومة لبنان.. فماذا بعد؟

مجلس الوزراء اللبناني ملتئمًا خلال إحدى جلساته السابقة في العام الماضي

وكالات

تألفت الحكومة اللبنانية بشق النفس، بعد أخذ ورد طال أربعة أشهر تقريبًا. لكن أمامها تحديات داخلية وإقليمية كبيرة، والمطلوب تضامن وزاري كامل.
 
حلّت العقد، وأكبرها العقدتان الدرزية والمسيحية، وولدت حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري، بعد مخاض أقل ما يقال فيه إنه عسير. تشكلت الحكومة، ودخل الكل فيها شريكًا، راضيًا أو على مضض، فيُطرح السؤال الآن: "ما العمل الآن؟".
 
البيان الوزاري
أولى المحطات المهمة في عمر الحكومة الجديدة صياغة بيانها الوزاري وتحديد مضمونه، أي تبيان ما ستتعهد به الحكومة في تعاطيها مع الشأنين الداخلي والخارجي على صعد عدة، سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، خصوصًا أن الاستحقاقات الإقليمية تضع لبنان في دائرتها الخطرة، مع الإصرار الأميركي على التضييق على حزب الله، وحزب الله مكون أساسي في الحكومة، وذلك نتيجة لسعي عربي – أميركي – غربي إلى تضييق الخناق على طهران بالتضييق على الكيانات والمجموعات التي تأتمر بأمرها، بحسب تقارير متقاطعة.

فلندن مثلًا تدرس مليًا فرض حظر على الجناح السياسي في حزب الله بعد الجناح العسكري المحظور منذ عام 2008، وهذا ما سيطرح أمام الحكومة تحديًا جسيمًا. فالمنطقة تواجه مجهولين اثنين قريبًا. المجهول الأول، العقوبات المتجددة على إيران وتداعياتها؛ والثاني، الإنتخابات الأميركية النصفية.

اي بيان وزاري للحكومة الجديدة؟ هل سنعود إلى نغمة ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي يفرضها حزب الله وحلفاؤه؟ هل سيعود لبنان إلى تطبيق سياسة النأي بالنفس؟ إنها أسئلة مشرعة على إجابات مختلفة، تحددها الأيام المقبلة.
 
تبعات إقليمية
ثمة قناعة أميركية بأنّ الظرف اليوم ملائم جدًا لإنهاك إيران في اقتصادها، واستنزاف موردها، قبل مفاوضاتها، وبالتالي منتظر أن تزداد وتيرة الضغوط الغربية على النظام الإيراني، في وقت يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب حثيثًا إلى تجنّب خسارته وخسارة حزبه في الانتخابات النصفة، ومن هنا أتت العقوبات متزامنة مع الاقتراع، في تأثير جلي على الرأي العام الأميركي.

بما أنها سلسلة مترابطة، سيكون أمام لبنان تحمل تبعات محاولات إنهاك إيران وحزب الله، ما دام هذا الحزب أحد المكونات الوازنة في حكومته، خصوصًا في ما يتعلق بالعلاقة مع النظام السوري، التي يحاول الحزب وأطراف مؤيدة للنظام السوري إعادة إحيائها فرضًا من طريق حلحلة مسألة اللاجئين السوريين في لبنان، والعودة إلى استخدام الشريان البري للتصدير اللبناني إلى الخليج من خلال سوريا ومعبر نصيب مع الأردن الذي أعيد فتحه قبل أيام.

فهل يؤدي ذلك إلى انقسام حكومي جديد؟.. هذا رهن الاتفاقات التي نسجت قبل تأليف الحكومة، بين الحريري ورئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، وصهره وزير الخارجية جبران باسيل، اللذين يتمتعان بعلاقات قوية مع النظام السوري.
 
ملفات ملحّة
اقتصاديًا، تبقى كلمات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هي الوحيدة التي تبعث الاطمئنان في نفوس اللبنانيين. فهو لا يغادر فرصة إلا ويقول فيها إن الوضع اللبناني ليس على حافة الانهيار كما يقول السياسيون، وولادة حكومة جديدة دافع إضافي لهذا التفاؤل، شريطة تأمين الحد الأقصى من التعاون الحكومي، ومن الغطاء السياسي، لمعالجة ملفات اقتصادية ملحّة، على رأسها تباطؤ النمو، واستشراء الفساد الإداري والهدر في المالية العامة.

مصرفيًا، تُظهِر إحصاءات مصرف لبنان زيادة بنسبة 8.46 في المئة في الميزانيّة المجمَّعة للمصارف التجاريّة العاملة في لبنان خلال الأشهُر الثمانية الأولى من العام الحالي، إلى حوالى 238.46 مليار دولار، مقابل نحو 219.86 مليار دولار في نهاية عام 2017. 

وارتفعت موجودات القطاع المصرفي بنسبة 13.88 في المئة مقارنةً بالمستوى الذي كانت عليه في أغسطس 2017، والبالغ حينها 209.39 مليارات دولار. على هذه الأرقام يتكئ سلامة، لكن الملفات الاجتماعية الوثيقة الصلة بالاقتصاد ودورته الصغرى في لبنان هي ما يشغل بال الخبراء، خصوصًا في ظل تحمل لبنان أعباء جسيمة بسبب وجود اللاجئين السوريين على أراضيه.

وكان صندوق النقد الدولي حذر أخيرًا من أن اقتصاد لبنان على باب الانهيار، ولولا قوة الليرة اللبنانية بفضل حاكم مصرف لبنان الذي تقوم بالتنسيق معه مديرية الصندوق الدولي ووزير الخزانة الأوروبية والاتحاد الأوروبي، لكان الاقتصاد اللبناني انهار كليًا. 
ووضع الصندوق فترة شهرين أو ثلاثة كحد أقصى قبل إعلان افلاس شركات عاملة في لبنان، لبنانية وعربية وأميركية وأوروبية وآسيوية.