ألمانيا نقطة انطلاق..

تقرير: لماذا يتخذ "الجهاديون" ألمانيا نقطة انطلاق لعملياتهم؟

ألمانيا نقطة انطلاق خلية هامبورج الإرهابية أي منفذو اعتداءات

جاسم محمد

أثارت قضية اطلاق سراح منير المتصدق عضو خلية هامبورج خلال شهر أكتوبر 2018، المتورط بتفجيرات 11 سبتمبر 2001، الكثير من الحقائق حول العوامل التي تدفع قيادات "جهادية" خطرة من اتخاذ ألمانيا نقطة انطلاق لأنشطتها وعملياتها الإرهابية. كانت مدينة هامبورج  شمال ألمانيا، نقطة انطلاق خلية هامبورج الإرهابية، أي منفذو اعتداءات الـ 11 من سبتمبر 2001، وهناك تعرف المتصدق على المصري محمد الأمير المعروف تحت اسم محمد عطا، أحد مدبري اعتداءات الـ 11 من سبتمبر.
 
 
الحارس الشخصي السابق لزعيم تنظيم القاعدة
 
أعلنت سلطات مدينة بوخوم الألمانية يوم 25 يونيو 2018 أنه تم القبض على الحارس الشخصي السابق لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وترحيله إلى تونس بلده بعد سحب عائق الترحيل الذي كان يحول دون ذلك. ويعيش التونسي "سامي أ." البالغ من العمر42 عاما، منذ عام 2005 في مدينة بوخوم غربي ألمانيا ولديه زوجة وأطفال. وكان قد تم تصنيفه من جانب وزارة الداخلية المحلية لولاية شمال الراين- فيستفاليا التي تقع بها المدينة كـ "مصدر خطر على الأمن" بسبب ماضيه الإرهابي. ويشار إلى أن عائلة "سامي أ." لديها الجنسية الألمانية، وفقا لبيانات سابقة للمحكمة الإدارية بمدينة "غيلزنكيرشن".
 
 
ميونخ بوابة جماعة الإخوان
 
يعتبر"التجمع الإسلامي" في ميونخ والمركز الاسلامي التابع له هناك البوابة الرئيسية في نشاط الإخوان في ألمانيا وأوروبا. وبات يسيطر على العديد من التنظيمات الإسلاموية الأخرى واندرج تحت مظلته مراكز إسلامية بأكثر من ثلاثين مدينة ألمانية، ويعتبر سعيد رمضان  حفيد حسن البنا، من مؤسسي رابطة المسلمين العالمية في المانيا، المركز الإسلامي ـ ميونخ ثم خلفه ابنه هاني رمضان و سمير الفالح بالاشتراك مع  السوري غالب حمت، اللذان يعتبران من اكثر الاشخاص تاثيرا ونفوذا لتنظيم الإخوان في ألمانيا.
 
 
مسجد بلال، مدينة "آخن"
 
وبينما اختار الفرع المصري للإخوان المسلمين من ميونخ قاعدة لعملياته في ألمانيا، فإن مقرات الفرع السوري تقع في مدينة "آخن" وهي بلدة ألمانية قرب الحدود الهولندية. وكان أول من انتقل إلى "آخن" هو عصام  العطار في الخمسينيات عندما كان زعيماً للفرع السوري من الإخوان المسلمين. وسرعان ما تبعه أعضاء آخرون من الإخوان المسلمين ومع الوقت، اتخذ إسلامويون من بلدان أخرى من مسجد العطار الذي يسمى الآن ب مسجد بلال، في "آخن" قاعدة لعملياتهم.
 
 
تنامي العناصر الخطرة الإسلاموية
 
سجلت الحكومة الاتحادية وجود "776 إسلاميًا من المصنفين كخطيرين" على الأراضي الألمانية خلال شهر يونيو 2018. وتواجه السلطات الألمانية صعوبات جدية فيما يخص ترحيل أشخاص من المشهد السلفي، مصنفين بالخطرين من قبل الأجهزة الأمنية.
 
لقد شهدت أعداد السلفيين في ألمانيا ارتفاعا جديدا، حسب معطيات الهيئة الألمانية لحماية الدستور الاستخبارات الداخلية. وذكرت الهيئة أن عدد السلفيين ارتفع ليصبح عشرة آلاف وثمانمائة بينما كان عددهم لا يتجاوز تسعة آلاف وسبعمائة في ديسمبر2017 .
 
 
بؤرة التقاء المتطرفين
 
يخطب "أبو ولاء العراقي" ويعطي دروساً دينية في مسجد يسمى Deutschsprachiger Islamkreis بمدينة هيلدسهايم / Hildesheim في ولاية سكسونيا السفلى. ويلقب "أبو ولاء العراقي" نفسه بـ"شيخ هيلدسهايم". وقال وزير داخلية الولاية، بوريس بيستيروس، إن "المسجد تحول لـ"بؤرة لالتقاء السلفيين والمتطرفين، ليس فقط من ولاية سكسونيا السفلى، بل من خارجها أيضاً".
 
 
 
النتائج
 
إن اتخاذ المانيا نقطة انطلاق لانشطة قيادت "جهادية" تثير الكثير من التساؤلات حول قدرات وإمكانيات الاستخبارات الالمانية ربما إلى نهاية عام 2016. هذه الجماعات كانت وبعضها ما زالت تتحرك أمام أعين أجهزة الشرطة والاستخبارات الألمانية.
 
بدون شك أن ألمانيا إلى جانب بعض دول أوروبا، تركت هذه الجماعات تتنامى أمام أعينها، وارتبطت بقياداتها، من أجل أن تكون ورقة  ضغط سياسية ضد بعض دول المنطقة في الشرق الأوسط، والبعض منها استخدم أيضا بالعمل ضد موسكو باتخاذها دول البلقان، مقرا لأنشطتها.
 
السلطات الألمانية هي الأخرى تركت حرية السفر للجماعات المتطرفة إلى العراق وسوريا ومناطق نزاع أخرى، ضمن مبدأ "أستقطاب" الإرهاب في سوريا والعراق ومنطقة الشرق الأوسط، من أجل التخلص منهم في ألمانيا ودول أوروبا.
 
لكن بعد أن عانت ألمانيا إلى جانب أوروبا من ارتداد المقاتلين الأجانب وعودتهم إلى أوطانهم، بعد تفجيرات باريس نوفمبر 2015، أدركت ألمانيا ودول أوروبا خطر عودة المقاتلين الأجانب، وهذا ما دفعها للمشاركة في العمليات العسكرية مباشرة أو من خلال التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش.
 
ما تعانيه ألمانيا في الوقت الحاضر، هو" بيروقراطية" التعامل مع الأيدلوجيات المتطرفة ومع قيادات "جهادية" خطرة عاشت هنا في ألمانيا، اليوم فقط تحاول إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وانتزاع الجنسية الألمانية. أبرز هذه العاصر، هو حارس بن لادن السابق" سامي" وكذلك عضو خلية هامبورغ "المتصدق". وغيرها من الجماعات المتطرفة الخطرة.
 
الاستخبارات الألمانية، ما زالت لحد الآن تتحفظ على أسماء وعناصر خطرة عادت إلى ألمانيا من سوريا والعراق ومناطق نزاع أخرى، التحفظ ربما يتعلق بالقوانين الألمانية والحفاظ على الخصوصية، والبعض الآخر ربما يتعلق بمخاوف الاستخبارات على حياة العائدين وعائلاتهم، والتي تخضع أحيانا إلى تهديدات من التنظيمات المتطرفة منها تنظيم  داعش.
 
 
التوصيات
 
تحتاج السلطات الألمانية، مراجعة قوانينها الخاصة بمحاربة الإرهاب والتطرف، لتكون عملياتية، غير بيروقراطية، من أجل رصد ومتابعة وإخضاع العناصر الخطرة للأحكام والعقوبات ومنها الترحيل القسري إلى أوطانهم الأصلية، من أجل تحديد أنشطة العناصر الخطرة. فما زالت ألمانيا تعاني خلط ما بين حرية التعبير عن الرأي وتقديم الدعم اللوجستي للتنظيمات "الجهادية" في دول المنطقة. ويبقى التعاون الاستخباري مع دول المنطقة في رصد ومتابعة العناصر الخطرة وتبادل المعلومات مطلوبًا.