طهران تراهن على أوروبا..

"وزير الخارجية الأمريكي" يؤكد على فاعلية العقوبات على إيران

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو

واشنطن

كتب مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، مقالاً في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية، في عددها الأخير، الصادر اليوم الجمعة، أن السياسة التي يتبعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاه إيران تؤتي ثمارها نفعا، بعدما تأثر الاقتصاد الإيراني كثيرا جراء إعلان ترامب فرض عقوبات على طهران.

وتحت عنوان "مواجهة إيران - استراتيجية ترامب الحكومية"، قال مايك بومبيو، في مقاله بالمجلة الاستراتيجية الأمريكية، إن العقوبات التي فرضتها واشنطن، حتى الآن، على طهران، كانت فعالة.

شبّه بومبيو البرنامج النووي الإيراني ونظيره الكوري الشمالي بالمخاطر التي أحدقت بالعالم أثناء الحرب العالمية الثانية، في القرن الماضي، موضحا أن الاقتصاد الإيراني في تراجع مستمر، في ظل اتساع حركة الاحتجاجات في الشوارع الإيرانية، وبأن التفاوض هو السبيل الوحيد أمام طهران.

عقوبات جديدة

هذا، وقد فرضت الخزانة الأمريكية، الثلاثاء الماضي 16 أكتوبر/تشرين الأول، عقوبات ضد نحو 20 مصرفًا وشركة إيرانية مرتبطة بقوات التعبئة (الباسيج)، بما في ذلك بنك ملت، وبارسيان، ومؤسسة "مهر اقتصاد" المالية.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة استهدفت 25 شركة وكيانًا إيرانيًا، قالت إنها توفر دعمًا ماليًا لقوات "الباسيج" التابعة للحرس الثوري.

و"الباسيج" هي قوات إيرانية شبه عسكرية، تتكون من متطوعين مدنيين.

ووفق وكالة "أسوشيتد برس"، قالت الوزارة الأمريكية، في بيان: "إن تلك الشركات والمؤسسات “توفر الدعم لقوات تجند الأطفال وترسلهم إلى ساحات المعارك".

وتضم قائمة العقوبات 20 شركة وكيانًا إيرانيًا، إضافة إلى 5 مؤسسات مالية إيرانية أخرى، بينها مصرفا "مهر اقتصاد" و”ملت إيران”.

وتمنع العقوبات الأمريكيين من القيام بأعمال تجارية مع الشبكة أو الشركات التابعة لها، وتجميد الأصول التي لديها تحت الولاية القضائية الأمريكية.

وفي أغسطس/ آب الماضي، فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية على إيران، عقب إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الموقع مع طهران عام 2015.

ظريف يرد

كتب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ردًا على العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران، في صفحته على "تويتر" أن "إدمان الولايات المتحدة على العقوبات خرج عن نطاق السيطرة"، حسب تعبيره.

وأضاف محمد جواد ظريف أن "مصرفًا إيرانيًا خاصًا، له دور كبير في استيراد الغذاء والدواء، تمت معاقبته، بحجة أنه مرتبط بمؤسسات محظورة أخرى، من خلال ثمانية وسطاء".

تشديد العقوبات

وقد أكدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أمس الخميس، أن بلادها "ستتشدد" في تطبيق العقوبات الجديدة على إيران.

وقالت هايلي، خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط: إن واشنطن "ستتشدد في تطبيق العقوبات الجديدة على قوات الباسيج في إيران، وعلى مواردها المالية المتمثلة بـ20 شركة ومؤسسة خصصها النظام الإيراني لتمويل أنشطة هذا الجهاز الأمني".

وأضافت أن "مهمة قوات الباسيج هي تدريب الأطفال وتجنيدهم ابتداءً من سن الـ12، وبينهم أطفال أرسلوا للقتال في سوريا لصالح الحرس الثوري الإيراني".

وأشارت إلى أن "من بين المؤسسات التي تمول الباسيج شركات وهمية ومعامل داخل إيران وخارجها، وأن النظام يستخدم موارد الشعب لتمويل أجهزة القمع التي تمنع الإيرانيين من التعبير عن غضبهم على فساد النظام".

وتسعى إيران مع أوروبا إلى إقرار نظام مالي، يساعد أوروبا على استمرار علاقتها المالية والتجارية مع إيران دون الوقوع تحت طائلة العقوبات.

الانسحاب من "سويفت"

في الاجتماع السنوي الدوري للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، اتفقت إيران مع المجموعة الأوروبية على إنشاء آلية خاصة تستطيع إيران عن طريقها إجراء معاملاتها المصرفية بعيدًا عن الاصطدام بالعقوبات الأميركية، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي، أنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على سير الأمور. كما أعلنت بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، أنها تسعى إلى "إنشاء آليه خاصة لتسهيل المدفوعات المتعلقة بالتصدير لإيران، والتي تشمل النفط".

وقد صرح مسؤول في البنك المركزي الإيراني، الأربعاء الماضي، 17 أكتوبر/تشرين الأول، إن إيران تتطلع للانسحاب من نظام سويفت (SWIFT) والعمل وفق نظام آخر قبل يوم 4 نوفمبر/تشرين الأول المقبل.

ونقلت وكالة "فارس" للأنباء عن مصدر مطلع في البنك المركزي، قوله إن البنك يسعى إلى استبدال النظام، بعد فرض حظر من الخزانة الأميركية، والمشاكل التي قد "يخلقها سويفت لإيران".

ولم تنشر وكالة أنباء "فارس" أي معلومات عن هذا المصدر المصرفي المطلع، لكنها نقلت عنه قوله إن البنك المركزي حاليًا "يعمل لما بعد العقوبات الأميركية"، بحيث يمكن حل المخاوف بشأن تحويل الأموال.

من المعروف أن نظام سويفت نظام مصرفي دولي، يسمح بالتحويل السريع للمال بين البنوك. وفي عام 2012، منع نظام سويفت وصول إيران إلى خدماتها المالية بسبب ضغوط الكونغرس. ويقال إن ما يقرب من 5 تريليونات دولار من التجارة تتم كل يوم من خلال نظام سويفت العالمي.

توسيع الآلية

وقد أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس الماضي، إن الآلية التى يبحث الاتحاد الأوروبى استخدامها ليتمكن من مواصلة التجارة مع إيران يمكن استخدامها على نطاق أوسع لمساعدة التكتل على تجنب أثر القوانين الأمريكية فى الخارج.

وقالت فيدريكا موجيرينى مسؤولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى فى سبتمبر أيلول إن آلية الدفع الخاصة ستطبق بحلول نوفمبر تشرين الثانى مع سعى التكتل للحفاظ على تدفق التجارة على الرغم من العقوبات الأمريكية الجديدة على طهران التى يبدأ تنفيذها فى الرابع من الشهر المقبل.

والهدف من ذلك هو محاولة تلافى أثر العقوبات التى يمكن لواشنطن بموجبها منع أى مصرف يسهل التجارة النفطية مع إيران من التعامل مع النظام المالى الأمريكي.

وبدا حتى الآن أن الآلية تركز على إيران فحسب. لكن فى رد على أسئلة لرويترز قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الهدف هو ألا تقف تلك الآلية عند إيران وأن تشمل نطاقا أوسع من تجارة الاتحاد الأوروبي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول "العمل الجارى بشأن الآلية الخاصة من المتوقع أن يسهل المعاملات المالية للشركات التى ترغب فى مواصلة العلاقات التجارية مع إيران بما يتسق مع القانون الأوروبي".

وأضافت "تهدف الآلية إلى إيجاد أداة للسيادة الاقتصادية للاتحاد الأوروبى بما يتخطى تلك الحالة، لذلك فهى خطة طويلة الأمد ستحمى الشركات الأوروبية فى المستقبل من تأثير العقوبات غير المشروعة العابرة للحدود".

ويشكك كثير من الدبلوماسيين والمحللين فى قدرة تلك الآلية على التصدى للعقوبات الأمريكية نظرا لأن الولايات المتحدة يمكنها أن تعدل قوانين العقوبات لاستهداف الآلية نفسها.

ومع خروج عدد كبير من الشركات من السوق الإيرانية بدأ تركيز الاتحاد الأوروبى يتحول نحو الأمد الأطول فى محاولة للتغلب على مفهوم ارتهان السياسة الأوروبية بسياسات الخزانة الأمريكية.

واقترح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الترويج لليورو كعملة عالمية لتحدى الدولار مما قد يسمح بتسعير النفط باليورو فى الأسواق العالمية.