لفت انتباه العالم..

تقرير: السلطات الليبية تترك الجنوب لمواجهة مصيره

لا مجال لانتظار تعزيزات قد لا تأتي أبدا

سبها

تتجاهل السلطات الليبية الهجوم الذي تشنه عصابات تشادية مسلحة محسوبة على المعارضة، حيث يجد السكان أنفسهم وجها لوجه مع هذه العصابات التي امتهنت التهريب والخطف والسطو المسلح. وفي حين طالب مجلس النواب الجيش بالتدخل، يلتزم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بالصمت.

وأعلن حزب تحالف القوى الوطنية البدء في سلسلة اتصالات مع منظمات وشخصيات دولية لشرح ما يحدث في الجنوب الليبي.

ولفت التحالف في بيان أصدره مساء الخميس إلى أن “التشكيلات العسكرية التي تم تسليحها والإنفاق عليها من الميزانيات الرسمية للدولة، تقع عليها مسؤولية المشاركة في الدفاع عن الجنوب الليبي وأهله ضد هذه العصابات المارقة التي تمارس أعمال الابتزاز والخطف والحرابة”.

وذكر التحالف بأن “الدفاع عن تراب الوطن في الجنوب واجب على كل الذين يحملون السلاح سواء من ادعى الشرعية أو من لم يدع، ذلك هو القتال المقدس وليس الاقتتال للسيطرة على القرار السياسي والمالي”.

وأشار التحالف إلى أنه “يتابع ما يحدث في الجنوب الليبي، ويثمّن عالياً الدور القتالي الكبير الذي يقوم به أبناء الجنوب الحبيب في الدفاع عن أرض الوطن ضد عصابات المرتزقة”.

الجنوب الليبي يعيش منذ الأسبوع الماضي على وقع اشتباكات مسلحة بين جماعات تشادية مسلحة معارضة ومسلحين ليبيين، في ظل غياب تام للقوات الليبية الرسمية

وتدور منذ أيام اشتباكات مسلحة جنوب منطقة أم الأرانب 150 كلم جنوب سبها وشرق بلدة القطرون وتجرهي جنوب البلاد، بين أبناء المنطقة ومجموعة من عصابات إجرامية أجنبية مسلحة تمارس أعمال الحرابة والسطو والخطف والتعدي على الممتلكات الخاصة، وتعريض حياة السكان للخطر.

وباستثناء المعارك القبلية أو تلك التي تندلع مع المعارضة التشادية، لم ينخرط الجنوب في الحرب الدائرة في البلاد، لكن ذلك لم ينأ به عن المعاناة، حيث كان من أول المتضررين من حالة الانقسام العاصفة بالبلاد منذ سنوات.

وتقلص تدخل الدولة لمساعدة السكان في مواجهة صعوبة الحياة ودعم المستشفيات بالأدوية التي تلزمها، نتيجة لحالة الانقسام السياسي وهو ما جعل المدنيين يعيشون حياة معزولة يواجهون فيها مشاكلهم بأنفسهم.

ويشكو سكان الجنوب خاصة من تردي الخدمات الصحية إذ إن أغلب المستشفيات لا تعمل أو بصدد الصيانة، باستثناء البعض على غرار مركز سبها الطبي الذي يقدم خدمات سيئة جدا.

ويعتقد البعض أن بُعد الجنوب الذي يسمى تاريخيا بإقليم فزان عن الساحل والعاصمة طرابلس، جعل منه غير مؤثر على اتخاذ القرارات السياسية ما حوله إلى إقليم هامشي رغم ثرائه بالموارد الطبيعية، حيث يوجد به حقل الشرارة النفطي الذي تديره شركة إيني الإيطالية.

وتتقاسم قوات الجيش الموالية لسلطات الشرق ومجموعات مسلحة موالية لحكومة الوفاق، السيطرة على إقليم فزان. ورغم طرد الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر لمجموعات إسلامية متطرفة (القوة الثالثة) تدين بالولاء لحكومة الوفاق، من عدة قواعد عسكرية جوية كقاعدة تمنهنت والجفرة وبراك الشاطئ، إلا أنه لم ينجح في إحكام السيطرة على الجنوب.

محمد العباني: زيارة حفتر إلى تشاد مرتبطة بما يشهده الجنوب من انفلات أمني
محمد العباني: زيارة حفتر إلى تشاد مرتبطة بما يشهده الجنوب من انفلات أمني

ويصف كثيرون المشهد في الجنوب بالمعقد ويرى هؤلاء أنه من الصعب السيطرة عليه في ظل ما تعيشه البلاد من انقسامات. ففي حين اختارت قبائل مساندة السلطات شرق البلاد ومن بينها التبو وبعض القبائل العربية الأخرى، فقد اختارت قبيلة أولاد سليمان والطوارق مساندة سلطات طرابلس.

وطالب مجلس النواب الليبي المنتخب القيادة العامة للقوات المسلحة، بإرسال تعزيزات ودعم عسكري بشكل عاجل لـ”تطهير الجنوب الليبي من دنس العصابات الإجرامية”.

وأدان المجلس في بيان الخميس “انتهاك المعارضة التشادية حرمة التراب الليبي بتواجد قواتها في مناطق الجنوب الليبي وممارستها عمليات النهب والخطف والقتل”.

وزار خليفة حفتر الأربعاء تشاد حيث التقى الرئيس إدريس ديبي، في زيارة غير معلنة. وقال مراقبون إن الزيارة تندرج في سياق التوتر الأمني الذي يشهده جنوب البلاد.

وأكد عضو مجلس النواب محمد العباني أن “زيارة خليفة حفتر إلى تشاد الحدودية وفي زمن متقارب لزيارته السابقة مرتبط بما يشهده الجنوب من انفلات أمني”.

وأضاف في تصريحات صحافية إلى وجود جماعات تشادية مسلحة مناوئة لإدريس ديبي في الجنوب فضلا عن تحرك بعض الدوريات التابعة للجيش الليبي إلى الجنوب لمحاربة العصابات المتمركزة به.

وشدد العباني على أن التنسيق بين الطرفين الليبي والتشادي أصبح أمراً ضرورياً في هذا الملف، متوقعا أن تسفر الزيارة عن سرعة التنسيق بين البلدين الجارين في محاربة هذه الجماعات وخلق أجواء آمنة لوضع حد لعصابات التهريب والخطف.

وحذرت كتيبة سُبل السلام التابعة للجيش بمدينة الكفرة الجمعة كل المهربين الذين يقومون بالدخول إلى المدينة أو الخروج منها عبر فتحات السد الترابي المفتعلة بسبب العبث بالسد المقام حول المدينة.