ممارسة آلاء يونس الفنية..

خطوات نحو المستحيل يستعرض محطات بحثية هامة

معرض خطوات نحو المستحيل

المحررالثقافي
فريق تحرير القسم الثقافي والأدبي والفني

عُرفت آلاء يونس بمشاريعها البحثية المكثقة، والمتصلة بتكوين العالم العربي الحديث، والإمكانيات التي يحتكم عليها، والتجديد على الصعيدين الفكري والعملي الذي تستدعيه الحقب التاريخية. وقد عاينت يونس من خلال معرضها "خطوات نحو المستحيل" الذي جرى تنظيمه من قبل مؤسسة الشارقة للفنون في 29 سبتمبر 2018 ويستمر حتى 10 يناير 2019، المواضيع الأساسية في العصر الحديث مثل الوطنية، والدين، ولحركات الاجتماعية، وصعود رأس المال المعولم، والخسارات الفردية والجماعية، عبر أصوات متعددة.

وقدم المعرض نظرة معمّقة لطرق الدراسة الموسعة والاستقصائية التي تمتاز بها ممارسة يونس الفنية على مدى السنوات العشر الأخيرة من تجربتها. حيث تنتقل الفنانة عبر التاريخ من خلال دراسة الآثار اليومية، والصور المتكررة، والممارسات الروتينية، عوضاً عن التركيز على وجهات نظر قائد فذ أو حدث مفصلي، مقدمة فهماً معمقاً للعصر الذي يشبه بشكل متزايد عالمنا اليوم.

 

وتتضمن الأعمال المختارة لهذا المعرض عمل يونس المعنون "نفرتيتي" والذي تقارب فيه مشروع جمال عبدالناصر الصناعي عبر قصة الإنتاج المحلي لآلة الخياطة، والتي أنتجت في مصر بعد ثورة 1952 وكانت جزءاً من جهود الحكومة لتأميم الصناعات الرئيسة في الدولة، وتوفير فرصة العمل وخفض الاعتماد المصري على السلع الغربية. وشكلت آلة الخياطة مصدر دخل للعديد من النساء بينما الرجال على جبهات القتال إلى أن قل انتشارها في أواخر الثمانينات. تجسد قطعة نفرتيتي في عمل يونس التفاعل الفريد بين الصناعة، والتجارة، والفلسفة السياسية، والموسيقى، والثقافة الشعبية، والذاكرة الخاصة، بوصفها ملتقى جاهزاً لدراسات مستقبلية.

 بينما يعاين عملها التركيبي "جنود من حديد" العسكرة والنضال التحرري من خلال إنتاج مصغرات الجنود بما يمثل جيوش المنطقة الدائمة. حيث بلغ إنتاج مصغرات الجنود المعدنية ذروته بين الحربين العالميتين عندما كانت القوى الاستعمارية تضع خريطتها للشرق الأوسط، بينما لم يتم تمثيل جيوش المنطقة كتماثيل صغيرة للعب حتى يومنا هذا. يصور هذا العمل الفني تسعة جيوش شاركت بشكل أو آخر في حروب الشرق الأوسط، بينما يقابل كل جندي حديدي في العرض 200 جندي في جيش دولته بناء على إحصائات عام 2010.

كما يتضمن المعرض عملها "افتعال" المكون من رسومات ومطبوعات تصّور لحظات غير منطقية نسبياً من تاريخ فن الأداء، وتجسد إيماءات الالتزام السياسي. بدأت هذه المجموعة من الرسومات والمطبوعات بأبحاث حول تاريخ فن الأداء في العالم العربي. وتركزت بحوث يونس على أدلة عن الارتجال والبراعة التي تحتكم عليها الايماءات في الحياة اليومية، وهي صفات غالباً ما ترتبط بفن الأداء، وقد عثرت على أمثلة من هذا القبيل في صور فوتوغرافية ومواد أرشيفية أخرى تصور لحظات غير منطقية نسبياً من تاريخ التمرد والنضال الجماعي في المنطقة.

وفي سياق متصل يضيء عملها "حدائق معلقة" على شاغلاً من شواغل ممارسة يونس الفنية والذي يتعلق بشكل الارتباط بالأرض وزرعها. في هذه السلسلة المتواصلة، تستعيد الفنانة لحظة من طفولتها اكتشفت فيها أن شجرة النخيل تحتاج إلى عقد من الزمن لكي تكبر وتتسامق، بينما لم يمض على بقائها في الكويت سوى بضعة أشهر. تتأسس تركيبة العمل التراكمية على لقاءات مع الحدائق، والحياة النباتية التي صادفتها في أسفارها، والتحضير لحديقة مستقبلية.

 

 

كما يستعرض عملها "دراخما" الذي كلفتها به مؤسسة الشارقة للفنون بدايات الأعمال التلفزيونية في السيتينيات من القرن الماضي، وإنتاج المجسمات المعمارية، وظهور الدراما التلفزيونية العربية اليومية بالتفاعل الدرامي، والاستديوهات، وتقلب العملات، والأزمات السياسية التي وظفت جميعها لتغيير مركزية الإنتاج الثقافي والنفوذ السياسي.

حول مؤسسة الشارقة للفنون

تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل "بينالي الشارقة" و"لقاء مارس"، وبرنامج "الفنان المقيم"، و"البرنامج التعليمي"، و"برنامج الإنتاج" والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.