شعر..

في أرضِ غَـزَّةَ

القدس

وليد الكيلاني

في أرضِ غَـزَّةَ عِــزَّةٌ وإبـاءْ

في غزَّةٍ جَوعى بدونِ غـذاءْ

في غزَّةٍ مَرضى بدونِ دواءْ

في غزة عطشى تريدْ الـماءْ

في غزَّةٍ جَرحى وسيلُ دماءْ

وبغـزَّةٍ قَـتـلى بـدونِ عَــزاءْ

ويسود فيها الفـقـرُ والأوبـاءْ

أطفـالُهـا مجـدولَــةُ الأمـعـاءْ

يجرونَ دونَ ملابسٍ وحـذاءْ

ويواجهــونَ عواصفاً وشتاءْ

يتحـملـونَ الظُـلــمَ والأرزاءْ

لا أكـلَ لا ألعــابَ لا أشــياءْ

وبها المَجاري تغمُرُ الأحـياءْ

والبَحرُ ممـنوعٌ مـن الأعداءْ

وكذلكَ الطيرانُ في الأجواءْ

إلا لـغـاراتٍ وســفــكِ دمـاءْ

وتُصابُ أطـفـالٌ بها ونسـاءْ

وسمـاءُ غــزَّةَ عتـمـةٌ سـوداءْ

حُرمَت منَ الأنوارِ والأضواءْ

سجــنٌ كَـبيـرٌ ضَيـِّقٌ وشـقـاءْ

عانتَ بهِ الأمـواتُ والأحـياءْ

والبعضُ من إخوانِهـم أعـداءْ

لم تبـقَ فـيهـم نَخــوةٌ ووفـاءْ

أو ذرةٌ مـنْ رحـمـةٍ وحــياءْ

يتخاذلـونَ وينـتخي الغُـرباءْ

هـذا خـلافُ تخـلّـُفٍ وغـبـاءْ

فكـفى خـلافاً أيهــا الفـرقـاءْ

إنَّ الكــراسي لـعـنـةٌ وبـلاءْ

ما خلَّدَ الزعـماءُ والـرؤساءْ

وستذهبُ العُـقداءُ والعُـمداءْ

وستفـقِـدونَ العِــزَّ والإثـراءْ

وستُذكرونَ بسُمعـةٍ سـوداءْ

 في أرضِ غَـزَّةَ عِـزَّةٌ وإباءْ

وبأرضِها الأحرارُ والشُهداءْ 

يا أهـلَ غـزَّةَ أنـتـمُ الشرفاءْ

رسالة إلى بني آدم

حتى متى نبقى نقـتِّـلُ بعضَنا       ونُذِلُّ بعضاً والنفوسُ تُهانُ

وتُفسَّرُ الأديانُ عكسَ مُرادِها         وبعقلنا يتلاعبُ الشيطانُ

والعدلُ يُقتلُ والضمائرُ تختفي    وتسوقُنا الشَهَواتُ والسُلطانُ

والظلمُ والأطماعُ تُفسِد بيننا        ونظـلُّ لا أمـنٌ لـنا وأمـانُ

ولأتفهِ الأسبابِ تشتعلُ الحروبُ   ويُحرقُ الإنسانُ والحيوانُ

والناسُ تُدفنُ تحت أنقاضِ البيوتِ   وفوقَها الأحجارُ والبُنيانُ

وتُدَكُّ أثارٌ بنَـتْ أجــدُادُنا      سهروا عليها في البناءِ وصانوا

وتُشرَّدُ الأطفالُ في أوطانها       وتَضيقُ في أبنائها الأوطانُ

والناسُ تهربُ للبحارِ من الأذى       فتغفُّها الأمواجُ والحيتانُ

والمرءُ يخشى أن يعيشَ إلى غدٍ         فيه بلا ذنبٍ جناهُ يُدانُ

الناسُ أجناسٌ ولكن كلُّنا             بشرٌ وساوى بيننا الرحمانُ

والأصلُ من طينٍ وكلٌ عائدٌ              للطينِ فليتفكَّرِ الإنسانُ

فالكلُّ يترُكُ كلَّ شيئ خلفَهُ             الجاهُ والأموالُ والأطيانُ

فتسامحوا إنَّ الحياةَ قصيرةٌ          ولكُلِّ حيٍ في الزمانِ أوانُ

إن ترحموا بعضاً سيرحمُكم غداً      لما تعودوا الخالقُ الدَيّانُ

فجميعُ أديانِ السماءِ تَنزَّلتْ        حتى يسودَ العدلُ والإحسانُ