مؤسسة الشارقة للفنون..

"عشر سنوات على برنامج الإنتاج" يقدّم أعمال 9 فنانين

معرض يقارب الروحانيات والذاكرة الجمعية والمقاومة والنظريات النسوية والتاريخ الاستعماري

المحررالثقافي
فريق تحرير القسم الثقافي والأدبي والفني

تحتفي مؤسسة الشارقة للفنون في معرض "عشر سنوات على برنامج الإنتاج"، الذي جرى إطلاقه في 29 سبتمبر 2018 بمرور عقد من الزمن على إطلاق "برنامج الإنتاج"، وذلك عبر تقديم مجموعة مختارة من الأعمال التي جرى إنتاجها ولم تُعرض في الشارقة. ويعد هذا البرنامج أحد المبادرات الأساسية للمؤسسة والتي تهدف إلى توسيع إمكانيات إنتاج الفن من خلال تقديم المنح والدعم الاحترافي للفنانين الذين يتم اختيارهم من خلال دعوة عامة دولية.

وحول تنظيم المعرض قالت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون: "بعد مرور عشر سنوات على إطلاق برنامج الإنتاج، تحّول هذا البرنامج إلى واحدة من المبادرات الأساسية في مؤسسة الشارقة للفنون، مشكلاً تحدياً للفنانين في المنطقة، على صعيد تصور وإنجاز العمل الإبداعي بما يتيح تغيير الطريقة التي يتم من خلالها فهم ومعاينة الفن". وأضافت "لا يقتصر دور المؤسسة في هذا البرنامج على مجرد تقديم المنح للفنانين؛ بل يتعداه إلى دعم مكثف لإنتاج المشاريع قيد الإنجاز أيضاً، متخطياً المشورة الفنية والتنظيمية، إلى الإقامة في الشارقة والتعاون مع فريق المؤسسة لاستكمال المشاريع في الموقع، وليتيح هذا النهج واسع الطيف فرصة للفنانين للتعرف والانخراط في مجتمع الشارقة".

ورغم أن برنامج الإنتاج قد صُمم في الأصل كنهج للعمل مع فنانين جدد وإنجاز أعمال خاصة ببينالي الشارقة 9 (2009)، إلا أنه سرعان ما اتضح أن فرص الدعم والإنتاج للفنانين كانت مفتقدة في المنطقة في حينه، وعليه، وبغية زيادة هذه الفرص، قررت المؤسسة إنشاء برنامج منح دائم يتم تقديمه كل عامين. حيث يتم دعوة الفنانين لتقديم مقترحاتهم من خلال دعوة دولية مفتوحة في فصل الخريف، ويجري الإعلان عن الفائزين في الربيع بعد مراجعة الطلبات والمشاريع التي تختارها لجنة تحكيم دولية.

يمثل معرض "عشر سنوات على برنامج الإنتاج" مجموعة مصغرة من الأعمال التي أنتجها الفنانون في هذا البرنامج، حيث يتضمن المعرض أعمالاً لمروة أرسانيوس، ومحمد فريجي، ورولا حلواني، وخالد قدال، وبصير محمود، وأمنية منيا، وجاكلين هوانغ نغوين، وخالد سبسبي، ورائد ياسين. ويعد البرنامج واحداً من برامج المنح القليلة للغاية في المنطقة المخصصة لإنتاج الأعمال الفنية، والذي أتاح للفنانين فرصة حقيقية لتجرية وإنتاج أعمال خارج إطار أي معرض أو إلتزام مؤسسي آخر.

تتناول أعمال هذا المعرض عدة موضوعات، من بينها ما هو متصل بالروحانيات والذاكرة الجمعية والمقاومة والنظريات النسوية والتاريخ الاستعماري. حيث يركز كل من خالد سبسبي وأمينة منيا على الروحانيات والموت، إلا أنهما يقاربان الموضوعات من وجهات نظر مختلفة. ففي عمله التركيبي السمعي البصري، يبحث خالد سبسبي في الشعائر والطقوس الخاصة بزيارة أضرحة الأولياء الصوفيين والأمل في تعزيز التسامح والتفاهم، في حين تحقق أمينة منيا في الذكريات الجمعية المرئية وغير المرئية للعشرية السوداء في الجزائر، وذلك من خلال تصويرها للقبور التي تفتقد إلى الاتجاهات في مقبرة جزائرية.

وبالمضي أبعد في الذكريات الجمعية واستحضارها، يستكشف بصير محمود إحياء الذكريات في عمله التركيبي السينمائي "كل الأصوات لي" من خلال محاولة سرد وإعادة سرد الذكريات الشخصية التي جمعها سابقاً عن صناعة السينما في لاهور قبل انهيار تلك الصناعة عام 1977، في حين يثير رائد ياسين ذكريات مشهد فني كان حاضراً ذات مرة في الكويت في العام نفسه، من خلال عمله المعنون "وارهول العرب"، مقدّماً سيناريو خيالي توثيقي لزيارة الفنان الأميركي آندي وارهول إلى الكويت.

يعاين كل من محمد فريجي وجاكلين هوانغ نغوين المساعي المتحفية، ويسلطان الضوء على البنية التحتية التي يتأسس عليها تراكم التحف والعمالة التي تجعلها ممكنة. حيث يعتمد فريجي في عمله التركيبي عن الذاكرة الجمعية على ورشات العمل مع أفراد المجتمع في الشارقة الذين قاموا يجمع التحف لعرضها في إطار متحفي، في حين تقدم نغوين في عملها "الأطلس الأسود" سلسلة من الصور والوثائق التي تركز على جامعي التحف الأوروبيين، وتظهر العمالة التي يتطلبها إحضار هذه القطع الأثرية إلى أوروبا بالاعتماد على الأرشيف الفوتوغرافي الخاص بمتحف الإثنوغرافيا في استوكهولم.

وفي سياق متصل تستعرض مروة أرسانيوس من خلال فيلمها "هواة، نجوم وإضافات أو عمال الحبّ" قضايا متعلقة بالاستعمار والعمالة، لتسلط الضوء على أحد جوانب الاقتصاد: العمل المنزلي من دون أجر/ منقوص الأجر، الذي تقوم به النساء بشكل أساسي.

كما يحقق الفنان خالد قدال من خلال عمله "أبجد" في اللحظة التاريخية المحورية التي استُبدل فيها نظام التصوير الكتابي بنمط أبجدي متمثلاً في النصوص "السينائية"، متحولاً من الصور التمثيلية إلى الحروف التي تصور الأصوات. في أعماله المتنوعة ما بين النحت والصور المتحركة والصوت، يستكشف قدال آثار هذه القفزة اللغوية والتحولات الجذرية التي طرأت اليوم على الفكر الإنساني والإدراك. بينما تستكشف الفنانة رولا حلواني من خلال فيلمها "العروس جميلة ولكنها متزوجة من رجل آخر" آثار الصدمة الناتجة عن تعرض الفلسطنيين للأشعة السينية عند نقاط التفتيش الإسرائيلية، وقصصهم الشخصية وصورهم التاريخية للمدن والقرى الفلسطينية.

حول مؤسسة الشارقة للفنون

تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل "بينالي الشارقة" و"لقاء مارس"، وبرنامج "الفنان المقيم"، و"البرنامج التعليمي"، و"برنامج الإنتاج" والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.