حصر المشاهدين في سن معينة...

إشارة "للكبار فقط" وسيلة لجذب المشاهدين الصغار

الأولياء يعجزون عن منع أبنائهم من مشاهدة محتويات للكبار فقط

أنقرة

تحمل العديد من الأعمال التلفزيونية شعار “للكبار فقط” سواء كانت برامج أو إنتاجات درامية لتحديد الفئة العمرية المسموح لها بمشاهدة ما يبث، في حين يستحسن منعها على غير الراشدين أي دون سن الـ18 سنة، أساس الإشارة العمرية هو حماية أصحاب الفئة العمرية دون السن المنصوص عليها ومنعهم من مشاهدة ما يعرض من مشاهد عنيفة أو إباحية أو غيرها قد تؤثر على سلامتهم النفسية والعقلية، ولكن في مجتمعاتنا وشاشاتنا العربية يختلف الواقع على أساس هذه العلامة.

شربات عبدالحي

تضع الكثير من البرامج أو الأفلام هذه الأيام عبارة “للكبار فقط” ليمتنع من هم أقل من ثمانية عشر عاما عن المشاهدة، ولكن هذه العبارة أصبحت تجذب الجمهور كله ومن كل الأعمار، وأصبحت تستخدم لهذا الغرض أي للإثارة واجتذاب المشاهدين بنسب أكبر ومن جل الفئات العمرية، وكأنها خدعة ترويجية.

تقول إيمان فتحي، طالبة جامعية، إن وجود تلك اللافتة يدفع المرء إلى مشاهدة المحتوى من باب الفضول، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى اجتذاب المزيد من المشاهدين ومن بينهم من هم أقل من 18 سنة.

وفي رأي محمود أمين (محاسب)، هذه العبارات صورية ولا تمنع جميع الأعمار من مشاهدة المحتوى، والأطفال أو من هم دون السن يشاهدونه بطريقة أو بأخرى، وهناك أعمال يصعُب على الأطفال استيعابها، أو تؤثر في سلوكياتهم ونفسيتهم من خلال مشاهدها التي تناسب أعمارهم.

وتقول أمينة سالم، طالبة جامعية، “يجب أن يكون هناك حل لأن قضية ‘للكبار فقط’ ليست بسيطة كما يتصور البعض، ولكن كل فرد في الأسرة يعتبر مسؤولا عن أولاده وأخواته وعليه أن ينصحهم ويرشدهم حول الهدف من اعتماد هذه الإشارة، وبالتالي يكون لديهم الوعي بأن هذا المنع ليس من قبيل التشويق وليس اعتباطيا بل مراعاة لسنهم ومصالحهم وسلامتهم، وكذلك تساهم العديد من الجهات الرسمية في التعريف والتوعية بأهمية علامة ‘للكبار فقط’ للكبار والصغار وخصوصا أولياء الأمور”.

ويوضح أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني أسامة عبدالرحمن أن عبارات مثل للكبار فقط أو تحت الإشراف العائلي أو “عذرا هذا المحتوى لا يمكن أن يشاهده سوى من هم +18”.. توضع في بداية أي تتر فيلم أو مسلسل أو برنامج تلفزيوني، ولا شك أنها تخلق حالة من الإثارة أو الفضول لكل من يشاهدها، لمعرفة المحتوى وبالطبع يسمح للبالغين السن القانوني فقط بمشاهدة مثل تلك الأعمال، حيث تخطى عمرهم الحد الذي يراه القانون يسمح لهم بمشاهدة تلك المُحتويات، وكأن هؤلاء الأفراد ببلوغهم الـ18 سنة، قد سقط عنهم التأثر السلبي بما يعرض عليهم.

ويضيف أسامة “الغريب أن المشاهد قد يصاب بحالة من الضيق مما يشاهده، بسبب ما يوحيه له عقله من مشاهد سيئة أو عنيفة، ومن المعروف أن الإنسان لديه جانب من الفضول الذي يختلف من شخص لآخر بنسب معينة، لذا تنتابه حالة من الفضول للاطلاع”.

القائمون على الفيلم أو البرنامج بوجه عام، يؤكدون أنه بمجرد وضع عبارة التنبيه تلك سوف يذعن الجميع لها

ويقول الناقد الفني محمود جمال “من المفترض أن السينما من أرقى الفنون وأكثرها شعبية، لكن في الكثير من الأحيان يتجاوز بعض صناع السينما مفهوم التوعية وقد يصل إلى نقل محتوى سيء، فعلى الرغم من التلميح أنه ‘للكبار فقط’، إلا أن هذا المصطلح يزيد فضول المشاهد أكثر.

وعادة القائمون على الفيلم أو البرنامج بوجه عام، يؤكدون أنه بمجرد وضع عبارة التنبيه تلك سوف يذعن الجميع لها، ولكن في الواقع تكون تلك وسيلة دعائية كبيرة للعمل، لأن الفرد فضولي بطبعه وسيتلهف لمُشاهدة ذلك المُحتوى عن غيره دون الالتفات لعبارة توجيهية، بينما يأتي رد القائمين على تلك الأعمال بأن لديهم رسالة مهمة يُريدون توصيلها للجمهور، ولا يمكن لهم ذلك إلا عن طريق تقديم مُحتوى به ما يمنع الكثير –قانونيا على الأقل- من مشاهدته”.

وبحسب وجهة نظر أستاذ علم النفس بجامعة حلوان محمد خضر، فإنه يجب مراعاة القيم المجتمعية والأسرية عند تقديم الأعمال سواء درامية أو إعلامية، مشيرا إلى أنها تجعل المشاهد يفكر في خوض تجربة معينة أعجبته وقد تدفع المراهقين للتفكير في تقليد نفس السيناريو من باب المغامرة، كما أنها تجعل الأطفال يفكرون ويسألون عن الموضوع وقد يترك ذلك فيهم أثرا سلبيا قد يقودهم إلى الإتيان بنفس الفعل من كثرة التفكير فيه.

ويفكر غالبية القائمين على هذه الأعمال في المصلحة الشخصية، وعليه فهم يخاطبون انفعالات وأحاسيس المشاهدين أكثر مما يخاطبون عقولهم لجذب أكبر عدد منهم، دون مراعاة لخطورة ما يقومون به على المجتمع.

ويؤكد خضر أن كثرة مشاهدة الشباب للأفلام الإباحية مثلا أو للنوعية للكبار فقط، تؤثر سلبا في مدى تقبلهم للقيم والتربية السليمة لأن فكرة منع الأبناء من مشاهدة التلفزيون أصبحت مستحيلة، وفي الحقيقة ما نمنعهم عنه في التلفاز سوف يجدونه على مواقع الإنترنت، ولذلك يجب على الأسرة توعية أفرادها عن طريق تثقيفهم بالشكل الصحيح، حتى لا يضطروا لاستكشاف عالمهم من خلال الوسائل الخاطئة، كما يجب محاورتهم بشكل سليم حول بعض المشاهد التي يشاهدونها في الأفلام.

 ويرى أحد شيوخ الأزهر الشريف، محمد عبدالرحيم متولي، أنه لا يجوز مشاهدة الأعمال التي تحتوي على مناظر مُخلّة أخلاقيا أو أن تكون بها مناظر تُفزع الفرد عند رؤيتها أو تناقش موضوعات عنيفة، وذلك للكبار أو للصغار، حيث أن تلك الأفلام تؤثر تأثيرا سلبيا على أخلاقيات الفرد، ولا يجوز قول إنها للكبار فقط، لأنها ستؤثر عليهم.

أما بالنسبة للأطفال فلا يجوز بتاتا رؤيتهم لتلك الأفلام لو كان بها ما هو مُخل بالآداب، لأنها ستؤثر عليهم وعلى نشأتهم كذلك، أما إذا كانت بها مناظر مُفزعة فإنها سوف تؤثر نفسيا على الأطفال وتعرضهم للعديد من الأمراض النفسية التي هم في غنى عنها، مشيرا إلى أنه حتى لو وضع قبلها تنبيه، فإنه لا تجوز رؤية تلك الأفلام سواء كانت مخلة أخلاقيا أو مفزعة للفرد.