خروجها بشكل كامل من سيطرة المتمرّدين..

تحرير الحديدة يقرّب طيّ صفحة الحرب في اليمن

الحوثيون كانوا هنا

الحديدة

تشير التطورات الميدانية المتسارعة في مدينة الحديدة على الساحل الغربي اليمني، إلى قرب خروج المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل كامل من سيطرة المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران، لتحقّق القوات اليمنية المتعدّدة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، بذلك، إنجازا عسكريا هاما قابلا للترجمة إلى إنجاز سياسي.

وترافق حملة تحرير الحديدة التي استُئنفت قبل نحو أسبوع بزخم غير مسبوق، آمال في أن تفضي استعادة المدينة من الحوثيين إلى إزالة الانسداد في عملية السلام، حيث لا يستبعد أن يضطر المتمرّدون مع خسارة أهم منفذ لهم على البحر الأحمر إلى التخفيض من سقف شروطهم والقبول بالجلوس إلى طاولة التفاوض، خصوصا وأنّ الفرصة تلوح مواتية مع تصاعد الدعوات الأممية والدولية إلى وقف الحرب وإعلان كلّ من الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي الداعم لها عن ترحيبهما بتلك الدعوات.

وعلى الرغم من ظهور زعيم جماعة الحوثي داعيا أتباعه إلى عدم الاستسلام، فإن صمودهم بالحديدة في وجه القوة الكبيرة التي تمّ الزج بها في المعركة بدا، الخميس، أمرا مستحيلا نظرا إلى التفاوت الكبير في ميزان القوى.

وبالإضافة إلى القوات البرية التي تضمّ في صفوفها عدّة فصائل من الجيش والمقاومة، والمجهّزة والمنظمة بشكل جيّد، أدّى الطيران العمودي والنفاّث، وطيران الاستطلاع دون طيار، التابع للتحالف العربي دورا مفصليا في ضرّب تجمّعات المتمرّدين وإعاقة حركتهم، كما منع قوافل الإمداد من الوصول إليهم عبر الطريق الممتد صوب العاصمة صنعاء.

إلى ذلك أرهق تعدّد الجبهات الحوثيين إلى حدّ كبير، إذ تدور بالتوازي معركة الحديدة، مواجهات عسكرية في كل من محافظتي الضالع والبيضاء جنوبي العاصمة صنعاء، وفي محافظة صعدة المعقل الأساسي للجماعة المتمرّدة بشمال اليمن، حيث حققت القوات الحكومية تقدما ملحوظا.

وتمكّنت القوات الموالية للحكومة اليمنية من دخول الحديدة من جهتي الجنوب والشرق، لتبدأ بذلك عملية مطاردة فلول ميليشيات الحوثي في شوارع المدينة والأحياء السكنية، حيث يعوّل المتمرّدون على التمترس بين المدنيين والاحتماء بهم.

النسق الحالي للمعركة يجعل مهلة الـ30 يوما التي اقترحتها واشنطن كافية لإحداث تغييرات ميدانية مؤثرة في مسار السلام

وبعد أسبوع من المعارك العنيفة في محيط المدينة المطلة على البحر الأحمر، وصلت القوات اليمنية المشتركة، الخميس، إلى أول الأحياء السكنية من جهة الشرق إثر معارك مع المتمردين، حسب ما أفاد ثلاثة عسكريين من القوات الموالية للحكومة.

وأوضح المسؤولون أن هذه القوات تقدّمت داخل المدينة من جهة الشرق لمسافة كيلومترين على الطريق الرئيسي الذي يربط وسط الحديدة بالعاصمة صنعاء، وباتت تقاتل المتمردين عند أطراف حي سكني.

وبحسب المصادر ذاتها، تقدّمت ثلاثة كيلومترات على الطريق البحري في جنوب غرب المدينة، وأصبحت تخوض معارك مع الحوثيين عند أطراف جامعة الحديدة على مقربة من مستشفى الثورة الواقع في محيط سوق للسمك.

وقام المقاتلون الموالون للحكومة بإزالة الحواجز الأسمنتية خلال تقدمهم هذا في المدينة الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ 2014، مدجّجين بالأسلحة الرشاشة وقاذفات الصواريخ فوق السيارات رباعية الدفع، حسبما أفاد مصور لوكالة فرانس برس.

وقال القائد الميداني في القوات الموالية للحكومة محمد السعيدي وهو يقف بين عناصره الذين كانوا يرفعون شارة النصر “الآن جار التقدم إلى عمق الحديدة. إمّا أن يسلّموا المدينة بشكل سلمي، وإما نأخذها بالقوة”.

وبحسب مصادر طبية في محافظة الحديدة، فقد قتل خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية على الأقل 47 متمردا من الحوثيين و11 مقاتلا من الموالين للحكومة، ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى منذ بداية المعارك الخميس الماضي إلى 197 متمردا و53 من القوات المشتركة.

وكانت القوات الحكومية أطلقت في يونيو الماضي بدعم من التحالف العربي حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الأحمر بهدف السيطرة على الميناء، قبل أن تعلّق العملية إفساحا في المجال أمام المحادثات، ثم تعلن في منتصف سبتمبر الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية.

واشتدّت المواجهات بالتزامن مع إعلان الحكومة اليمنية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام مع المتمردين الحوثيين، وذلك غداة إعلان مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات في غضون شهر، بعيد مطالبة واشنطن بوقف لإطلاق النار وإعادة إطلاق المسار السياسي.

لكن غريفيث ألمح في مقابلة تلفزيونية الأربعاء إلى أن عقد محادثات جديدة قد يتطلّب مدة زمنية أطول، موضحا أنه يعمل من أجل عقد جولة مشاورات جديدة قبل نهاية العام. وباءت آخر محاولة قام بها غريفيث لتنظيم محادثات سلام في سبتمبر الماضي في جنيف، بالفشل بسبب غياب الحوثيين.

ويقول خبراء عسكريون إنّ النسق الحالي لسير معركة الحديدة يجعل مهلة الثلاثين يوما التي تحدّث عنها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لوقف الحرب في اليمن كافية لإحداث تغييرات كبيرة على الأرض كفيلة بإطلاق مفاوضات سلام تكون فيها الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي في موقع قوّة إزاء المتمرّدين الحوثيين.