التلاعب السياسي..

دول غربية توظف مقتل خاشقجي لإيقاف الحرب في اليمن

ضغوط جديدة على السعودية من أجل وقف المعارك في اليمن مستخدمة التصعيد الإعلامي

عدن

أطلقت دول غربية موجة ضغوط جديدة على السعودية من أجل وقف المعارك في اليمن مستخدمة التصعيد الإعلامي المصاحب لقضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

ويأتي هذا في وقت خرج فيه وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان عن صمته نافيا مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن إطلاع فرنسا على تسجيلات عن مقتل خاشقجي. وجاء الرد التركي مرتبكا ما يكشف حجم الصدمة التي حصلت للأتراك من الوضوح في كلام الوزير الفرنسي.

وتركزت تصريحات وزراء خارجية كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ورئيس الحكومة الكندية حول ضرورة التحرك لمعرفة التفاصيل الحافة بمقتل خاشقجي، مستثمرين تصريحات أردوغان بشأن عرض تسجيلات تتعلق بطريقة مقتل الصحافي السعودي، في تناسق وصفه مراقبون بأنه مقصود للضغط على السعودية للقبول بوقف إطلاق النار في اليمن في وقت تحتدم فيه المعارك لكسب مواقع جديدة من طرفي الصراع لدخول عملية التفاوض من موقع أفضل.

وأجرى وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت في الرياض، الاثنين، محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في زيارة قالت لندن إنها تهدف إلى بحث النزاع اليمني وقضية مقتل خاشقجي.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس) إن الملك سلمان وهانت ناقشا “مجالات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأحداث في المنطقة”.


وأعلن هانت قبيل توجهه إلى الرياض أن “الأسرة الدولية تبقى متحدة في شعورها بالصدمة والاستياء من القتل الوحشي لجمال خاشقجي قبل شهر”، مؤكدا “نشجع السلطات السعودية على التعاون الكامل مع التحقيق التركي بشأن مقتله، لضمان العدالة لعائلته والعالم الذي يراقب” التطورات.

وسيحاول الوزير البريطاني خلال زيارته للمنطقة والتي تشمل محطة ثانية في أبوظبي، الحصول على دعم من السعودية والإمارات لتحرك جديد في مجلس الأمن الدولي من أجل عقد محادثات سلام في اليمن.

وفي أبوظبي، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي وزير الخارجية البريطاني وبحث معه العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين إضافة إلى عدد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية (وام).

وبريطانيا أحد أكبر موردي الأسلحة للرياض التي تقود في اليمن تحالفا عسكريا في مواجهة المتمردين الحوثيين دعما للقوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا.

وقال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الاثنين، إن هانت سيضغط على الزعماء السعوديين لبذل المزيد من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن قتل خاشقجي.

ويعتقد مراقبون أن توظيف ورقة خاشقجي لدفع السعودية، ومن ورائها التحالف العربي، إلى تغيير موقفهما في اليمن لن ينهي الصراع هنا حتى لو قبلت الرياض بذلك، مشيرين إلى أن المملكة تدعم الحكومة المعترف بها دوليا لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها الحوثيون بالقوة، وأن السعودية لو قبلت بالحل غير المتوازن، فهذا لا يعني آليا أن حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ستقبل وكذلك المقاومة المشتركة والأحزاب والقبائل اليمنية.

ويشير المراقبون إلى أن بريطانيا تبحث عن إيقاف الحرب بأي صيغة، وأن الأمر سابق لقضية خاشقجي التي تم توظيفها للضغط على الموقف السعودي الذي يشترط انكفاء الحوثيين إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل السيطرة على صنعاء، فضلا عن قطع الطريق على تهديد إيران لأمن الخليج.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد ناقش مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الأحد، “إنهاء العمليات العدائية” في اليمن وبدء مفاوضات.

وانضمت كندا إلى قائمة الدول التي تسعى للضغط على السعودية من بوابة قضية خاشقجي. وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الاثنين، إن المخابرات الكندية استمعت لتسجيلات تركية لما حدث للصحافي السعودي، مضيفا أنه يبحث مع حلفائه الخطوات التالية التي يتعين اتخاذها.

ويواجه ترودو معضلة مع اقتراب الانتخابات بشأن كيفية الضغط على السعودية دون المساس بصفقة سلاح تبلغ قيمتها 13 مليار دولار مع المملكة التي أوقفت كل تعاملها مع كندا لأسابيع قبل أن تقبل باستئناف التعاملات إثر اعتذار كندا عن تدخلها في الشؤون الداخلية السعودية.

وقال الرئيس التركي مطلع الأسبوع إن تسجيلات صوتية لعملية القتل قُدمت لحكومات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.


وذكرت صحيفة الغارديان أن قناعة تسود الأوساط الحاكمة في الرياض بأن الرئيس التركي قد أخل بقواعد التعامل مع مثل هذه الأزمات في المنطقة، وأنه عمل ضد مصالح السعودية تحقيقا لغايات ترتبط بالمنافسات الإقليمية الدائرة، في تلميح واضح إلى دورين قطري وإيراني يريان في الأمير محمد بن سلمان خطرا ماثلا أمام طموحاتهما المتمثلة بنفوذ الإخوان أو التمدد الإيراني الشيعي.

وفيما بدا أن الرئيس التركي أقنع دولا غربية محورية بروايته عن مقتل خاشقجي، إلا أن وزير الخارجية الفرنسي أطلق تصريحات لاذعة ضد أردوغان، ووصف ترويجه للتسجيلات بالتلاعب السياسي، نافيا أن تكون بلاده قد استمعت لأدلة بشأن قتل الصحافي السعودي.

وقال لودريان، الاثنين، إنه لا علم له بمعلومات تركية بشأن قضية خاشقجي. وردا على سؤال بشأن احتمال أن يكون الرئيس التركي أدلى بتصريحات خاطئة بشأن هذه المعلومات اكتفى الوزير الفرنسي بالقول إن أردوغان يلعب “لعبة سياسية خاصة في هذا الشأن”.

واعتبر لودريان بشأن ملابسات مقتل الصحافي السعودي أن “الحقيقة لم تظهر والنتيجة غير واضحة”. وتابع “أن موقفنا هو الحقيقة، الملابسات والجناة، ثم نتخذ العقوبات الضرورية”.

وأكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخرالدين ألطون، رفض بلاده اتهامات لودريان لأردوغان بـ”التلاعب السياسي” في ما يتعلق بقضية خاشقجي، معتبرا أنها “أمر غير مقبول”. وأضاف “تركيا تواصل جهودها من أجل كشف كل تفاصيل جريمة خاشقجي بما فيها الآمر بارتكاب الجريمة”.