في البرلمان الأردني..

مشروع قانون الضريبة على الدخل يثير الانقسامات الحادة

الكرة في ملعب النواب

عمان

بدأ مجلس النواب الأردني الثلاثاء مناقشة مشروع قانون الضريبة على الدخل الذي أعدته حكومة عمر الرزاز وطرحته على المجلس منذ فترة، وسط انقسامات حادة في صفوف النواب بشأنه.

وقد فشل مقترح قدمته كتلة الإصلاح النيابية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الجلسة الصباحية الأولى برد المشروع، وعزا عدد من النواب الأمر إلى الخشية من أن يتم تمريره مباشرة إلى مجلس الأعيان، ما يعني تفويت فرصة إدخال تعديلات عليه.

وكانت كتلة الإصلاح قد أعلنت في بيان عن رفضها بشدة للقانون، مشددة على أن المواطن الأردني لا يملك القدرة على احتمال أي زيادة ضريبية أمام الكم الهائل من الحزم الضريبية التي تجبى منه، مع تآكل دخله، وعدم حدوث أي زيادات عليه، وفي ظل حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد الأردني في مختلف قطاعاته.

ويرى مراقبون أن موقف كتلة الإصلاح يأتي في سياق وعي جماعة الإخوان برفض الشارع لتمرير هكذا مشروع، وأن ما تقوم به الجماعة هو عبارة عن “رفع عتب”، في ظل تآكل شعبيتها بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

ويشير المراقبون إلى أن الجماعة كما غيرها من القوى الممثلة في البرلمان تحاول تسجيل موقف يحسب لها في الشارع، رغم إدراكها بأنه ليس هناك من خيار لدى الأردن سوى المصادقة على القانون.

ويلفت هؤلاء إلى أن قرار جماعة الإخوان بطرح رد المشروع هو مناورة الهدف منها إلقاء المسؤولية إلى مجلس الأعيان وبالتالي إحراج المؤسسة الملكية. وكانت الحكومة قد فشلت عمليا في التسويق للمشروع لدى الفعاليات الشعبية قبيل إرساله للبرلمان، وترجم ذلك في ردود الفعل الغاضبة خلال جولات الوفود الوزارية للتعريف بالمشروع وأهمية إقراره.

وشهد مجلس النواب مناقشات ساخنة بشأن المشروع لم ينج منها حتى رئيسه عاطف الطراونة الذي اتهمه عدد من النواب بمحاباة الحكومة على خلفية كلمته التي قال فيها إن “القانون لن يمس أكثر من 80 ألفا كأشخاص وكشركات، ولن يتضرر منه أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية”.

واتهم النائب غازي الهواملة، رئيس مجلس النواب، بالدفاع عن مشروع قانون ضريبة الدخل وتوجيه النواب للموافقة عليه. وقال موجها حديثه للطراونة “سيشهد عليك الشجر والحجر وتتحمل خطيئة الناس أمام الله بسبب دفاعك عن مشروع القانون”.

المؤشرات توحي بأن مجلس النواب سيذهب نحو المصادقة على المشروع رغم الضجيج الحاصل تحت قبته

وأضاف الهواملة “كما وجهتنا في لجنة لإقرار القانون، اليوم تريد توجيه المجلس كاملا”.

وكان قد تم تشكيل لجنة برلمانية اقتصادية تولت النظر في المشروع الوارد من الحكومة قبل مناقشته تحت قبة المجلس، بيد أن النواب اعتبروا أن عمل الأخيرة لم يرتق إلى المستوى المطلوب وأن التعديلات التي أقحمتها لم تحقق الحد الأدنى.

وانتقد النائب عبدالكريم الدغمي بدوره رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على خلفية ما اعتبره “توجيه المجلس” للموافقة على مشروع القانون.

وخاطب الدغمي الطراونة قائلا “لا نحجر عليك رأيك، ولكن كان عليك أن تترك الرئاسة لأحد نوابك وتقف على المنبر وتقول رأيك أما من موقع الرئاسة فلا نقبل بذلك”.

وهاجم النائب صداح الحباشنة رئيس الوزراء عمر الرزاز قائلا له “الحكومة السابقة استقالت فلتقل حكومتك أو ستذهب لـ’مزبلة’ التاريخ”، الأمر الذي دفع برئيس مجلس النواب لسحب تصريحه وشطبه من محضر جلسة النواب.

وكانت الحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي قد اضطرت إلى تقديم استقالتها في يونيو الماضي على خلفية احتجاجات شعبية غير مسبوقة، على خلفية طرحها لمشروع قانون ضريبة كان المتضرران الأبرز منه هما الطبقتان الوسطى ومحدودة الدخل.

وعقب الاستقالة كلف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وزير التربية والتعليم عمر الرزاز الذي يعد من خارج الطبقة السياسية التقليدية بتشكيل حكومة جديدة ورعاية حوار وطني بشأن المنظومة الضريبية ككل في البلاد، بيد أن هذا الحوار لم يجر عمليا حيث انتهجت حكومة الرزاز نفس مسار سابقتها بإنتاج مشروع هو عبارة عن نسخة معدلة من المشروع السابق تم عرضه على الفعاليات الشعبية والنقابية التي أبدت معارضة شديدة له.

ومن أبرز التعديلات على قانون ضريبة الدخل الجديد أنه خفض الدخل للعائلات إلى 18 ألف دينار أردني، نزولا من 24 ألف دينار أردني حاليا، وللأفراد إلى 9 آلاف دينار أردني بدلا من 12 ألف دينار.

ويرى متابعون أن حكومة الرزاز لم تكن تملك ترف الخيار في إجراء تعديلات نوعية على المشروع السابق في ظل ضغوط صندوق النقد الدولي الذي يطالب بمعالجة 100 مليون من التهرب الضريبي و180 مليونا تحصيل ضريبة الدخل.

ويشير مراقبون إلى أن الكرة اليوم هي في ملعب مجلس النواب، وإن كانت المؤشرات توحي بأنه سيذهب نحو المصادقة على المشروع رغم الضجيج الحاصل تحت قبته.

ويعاني الاقتصاد الأردني من أزمات هيكلية لها علاقة بالفساد والتهرب الضريبي ازدادت وطأتها في السنوات الأخيرة نتيجة الصراعات في الجوار، والتي اضطر معها الأردن إلى استقبال مئات الآلاف من
النازحين فضلا عن إغلاق المعابر الحدودية مع كل من العراق وسوريا (تم فتحها قبل فترة)، الأمر الذي أضر كثيرا بالتبادل التجاري للمملكة وأدى إلى كساد مع حالة تضخم كبيرة.