رغم استهداف الشرعية والحوثيين للجنوب خارجيا..

تحليل: كيف وصل الانتقالي بقضية الجنوب الى مجلس الأمن

مظاهرة سابقة في العاصمة عدن تطالب بالانفصال

عدن

لم يكن الحديث عن القضية الجنوبية في مراكز القرار الدولي وفي مقدمتها مجلس الامن الدولي متاحا من قبل رغم الاحتجاجات الشعبية الجنوبية الكبيرة منذ انطلاق الحراك الجنوبي عام 2007.

 

ولطالما كانت مساعي قيادات جنوبية في الخارج تهدف الى حضور القضية الجنوبية بمجلس الامن لكن ذلك لم يتم نتيجة لما كان يدعيه سفراء وممثلي دول عظمي واقليمية ان ( الجنوبيين غير متحدين حول قضيتهم ).

 

لكن المجلس الانتقالي الجنوبي وبتحركاته السياسية والميدانية المحلية وضع المجتمع الدولي أمام خيار حضور القضية الجنوبية بمجلس الامن وان كان الأمر يمر بمرحلة تدرج، إلا انه يؤكد نجاح المجلس الانتقالي في تعدي العقبات الموضوعة امامه وتجاوزها للوصول بالقضية الجنوبية الى أعلى سلطة قرار في العالم .

 

ووصلت القضية الجنوبية الى مجلس الامن مع استمرار مساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث لاستئناف عملية السلام باليمن وايقاف الحرب التي تجري منذ اربع سنوات.

 

- حضور القضية الجنوبية وغياب مرجعيات الشرعية

في جلسة مجلس الامن الدولي حضرت القضية الجنوبية من مصدرين الى المجلس. حيث حضرت بإحاطة المبعوث الدولي الذي تحدث ان الوضع بالجنوب خطير وقابل للانفجار اذا لم يتم وضع الحلول المناسبة للقضية الجنوبية.

 

كما حضرت القضية الجنوبية على لسان ناشطة تدعى رشا جرهوم قدمت احاطه تحدثت فيها عن القضية الجنوبية وتعرضها للإقصاء المتعمد من قبل اطراف دون معرفة السبب غير ادعاء تلك الاطراف الدولية ان الاقصاء للجنوب بسبب قرار مجلس الامن .

 

تحريك ملف القضية الجنوبية ودخولها لمجلس الامن اعتبره البعض أمر صادم للشرعية والاطراف الشمالية بعد ان كانت اشترطت الشرعية والحوثيين والاخوان المسلمين مع بعضهم شروطا قدموها لا طراف دولية من بينها المبعوث الدولي بضرورة استبعاد القضية الجنوبية من أي حديث عن السلام . في محاولة لفرض الحصار السياسي مجددا عن القضية الجنوبية . ولكن الشرعية واطراف الشمال فشلت في حصار الجنوب بسبب وجود المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

 في جلسة مجلس الامن أعلن المبعوث الدولي في احاطته أن الترتيبات السياسية الجارية بشان اليمن تقوم على مرجعة القرار 2216 واستئناف مشاورات الكويت.

 

وعلى غير العادة لم يتم التطرق أبد الى ما تسمى المرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الشرعية عادة في الحديث عن السلام . الامر الذي دفع بالشرعية لمهاجمة المبعوث الدولي واصدار تصريح عن الرئيس عبدربه منصور دون علمه بان المرجعيات الثلاث هي اساس الحل . فيما يبدو كرد من الشرعية على مجلس الامن.

 

- عقبات وحواجز

 

منذ احتلال دولة اليمن الشمالية لدولة اليمن الجنوبية العام 1994 وضع نظام اليمن الشمالية المنتصر حواجز واسوار سمكية حول الجنوب واجتث كافة اعضاء السلك الدبلوماسي الجنوبي وغيرهم بأعضاء شماليين منعاً لأي تحركات دبلوماسية او سياسية قد يقوم بها مسؤولين جنوبيين في الخارج بشان الوضع في الجنوب بعد حرب 94 وانتصار اليمن الشمالية وسيطرتهم على الجنوب وثرواته .

 

وظلت تلك الحواجز مستمرة رغم تفجر الاوضاع وتنامي الاحتجاجات بالجنوب منذ 2007 وارتفاع الصوت الجنوبي المطالب باستقلال دولة الجنوب وانهاء الوحدة اليمنية، إلا ان كثير من الدول ومراكز القرار العربي والدولي استمرت في تجاهلها للجنوب نتيجة تعدد مكوناته الثورية السلمية وكذا نتيجة الحواجز الشمالية الموضوعة ضد الجنوب، حيث لاقت الدول مراكز القرار التعدد الجنوبي كشماعة يعلقون عليها تهربهم من مناقشة استحقاقات الجنوب وحقه السياسي والتاريخي في استقلال دولته وانهاء ما سميت بالوحدة اليمنية.

 

وعلى هذا المنوال ظلت الحواجز الشمالية ظلت تحاصر القضية الجنوبية خارجيا ودبلوماسيا، حتى جاءت الحرب التي خاضها الجنوب للتصدي لغزو الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح الذين سيطروا على الشمال بانقلاب عسكري ضد حكومة وسلطة عبدربه منصور هادي الذين وافقوا بالبداية على توليه للحكم باليمن في محاولة منهم لإخماد الثورة الجنوبية وانهاء القضية الجنوبية باعتبار ان هادي جنوبيا وسيفكك الحراك الجنوبي ويطوعه لضمان حماية الوحدة اليمنية.

 

فشل هادي في تأدية مهمته بتطويع الجنوب والتهام ثورته واصبح الخصم الاول للجنوبيين بعد محاولاته الحثيثة. وانقلب الشماليين على سلطته واعتقلوه فهرب الى الجنوب لاجئاً وهناك نصره الجنوبيين ودافعوا عنه وعن الجنوب حتى انتصر الجنوب بمساندة التحالف العربي وعاصفة الحزم. فتحرر الجنوب من القوات الشمالية التي كانت في 94 او قوات الحوثيين الذي ارادت السيطرة على الجنوب عام 2015.

 

ـ اعادة اخضاع الجنوب

 

استمر الشماليون ومعهم هادي وجماعته بالعمل بعد تحرير الجنوب على محاولات اعادة اخضاع الجنوب للشمال ورغبات قياداته التي شعرت ان الجنوب لم يعد بأيديهم بعد تمكن المقاومة الجنوبية من الانتصار ورد هزيمة 1994 بقوة وتحويلها الى انتصار جنوبي.

 

والى جانب العمل السياسي الشمالي ضد الجنوب خارجيا وتعزيز الشرعية لمراكزها بالخارج لإضعاف الموقف الجنوبي واستخدامها كافة انواع واشكال الضغوطات مستغلة غياب ( القيادة الجنوبية الموحدة الحاملة لهدف شعب الجنوب المتمثل باستقلال دولة الجنوب وانهاء الوحدة اليمنية ).

 

شعر الجنوبيين حينها بالخطر المحدق بالجنوب وعدم اعتبار هادي من الماضي واستمرار ممارسته لتمكين الشماليين من اعادة حكمهم للجنوب. فذهب الجنوبيين لا نشاء المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان سياسي جنوبي يحمل القضية الجنوبية ويمثلها في المحافل الاقليمية والدولية.

 

وهذا الامر ما أصاب الشرعية والشماليين بالذهول بعد ان اعتقدوا انهم باتوا قريبين من اعادة تطويع الجنوب واخضاعه نتيجة الفراغ السياسي والقيادي بالجنوب.

 

- الانتقالي.. يد تقاتل ويد تناور

بإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي كان العالم أمام ترقب ما ستسفر عنه الاوضاع بالجنوب من صراع وحروب جديدة بين هادي الذي انقلب على الجنوبيين بعدما نصروه واراد تمكين الشماليين الذين خذلوه ليس لشيء سوى لأطماعه في البقاء بالحكم واتخاذه الجنوب سلم عبور لذلك.

 

إلا ام المجلس الانتقالي أدار المشهد بحنكة سياسية وسار في خطوط عملية متوازية حيث ظل يقاتل في عدة جبهات واكثر من عدو في نفس الوقت. فكان يقاتل الحوثيين بالجبهات الحدودية بين الشمال والجنوب. ويقاتل الارهاب والجماعات التخريبية في عدن ولحج وابين وشبوة وحضرموت . وفي نفس الوقت يناور سياسيا وهو لا يزال في طور بناء هيئاته وهيكله التنظيمي.

 

نجح الانتقالي في تجاوز كل العقبات وتمكن من الثبات رغم التشكيك الذي حاولت القوى الشمالية والشرعية اثارتها لدى الشارع الجنوبي. لكن الشعب الجنوبي كان واثقا بقياداته التي برزت من بين صفوفه وحملت قضيته منذ احتلال الجنوب عام 94 وعلى رأسها القيادي عيدروس قاسم الزبيدي.

 

واصبحت القضية الجنوبية اليوم في مجلس الامن وتم تعزيز حضورها بحقيبة ملفات سياسية وخاصة تتعلق بالوضع بالجنوب قانونيا وسياسيا واقتصاديا ووضع الانتهاكات التي ارتكبت بحق الجنوب .

 

ويرى مراقبون انه من البديهي ان يقوم المجلس الانتقالي الجنوبي بمزيد من الجهود السياسية الخارجية لتعزيز حضور القضية الجنوبية والعمل لأجل ذلك بمختلف المسارات السياسية والدبلوماسية لإنجاح وضع ملف القضية الجنوبية بشكل شامل امام مراكز القرار الدولي ونيل الجنوب استحقاقاته المرجوة باستعادة دولته وانهاء أي علاقة له بالوحدة اليمنية المنتهية مضمونا وشكلاً والباقية فقط هلاميا بوسائل الاعلام اليمنية الشمالية او الخليجية.