رغم حكم أوروبي ببراءته..

أردوغان يرفض إطلاق سراح معارض كردي

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أنقرة

رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء، قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي يطالب أنقرة بإطلاق سراح المعارض الكردي صلاح الدين ديمرطاش المسجون منذ 2016 لغايات سياسية، فيما تعد الأحكام الصادرة عن المحكمة ملزمة للدول الموقعة على المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبينها تركيا.

وقال أردوغان “إن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليست ملزمة لنا، سنرد ونضع حدا نهائيا لهذه القضية”، فيما أعلن المتحدث باسم مجلس أوروبا دانيال هولتغن أنه “بموجب أحكام المادة 46 من المعاهدة، فإن قرارات المحكمة لها طابع ملزم لجميع الدول الأعضاء”.

ودانت المحكمة التي تتخذ مقرا لها في ستراسبورغ الثلاثاء تركيا لاعتقالها ديمرطاش وطالبت بالإفراج عنه “في أقرب الآجال” معتبرة أن سجنه كان يهدف إلى “خنق التعددية” السياسية، حيث قضت بأن تدفع تركيا عشرة آلاف يورو لديمرطاش تعويضا للضرر المعنوي و15 ألف يورو لتغطية التكاليف والنفقات.

وقضت المحكمة بأن الاعتقال الأول لديمرطاش في عام 2016 على خلفية تهم تتضمن جرائم إرهابية، كان مبررا، ولكن تمديد الاعتقال لمرات متكررة قيد المحاكمة لم يكن مبررا.

وأضافت المحكمة أن اعتقال ديمرطاش لفترة طويلة قبل المحاكمة بعد فترة الاعتقال الأول في عام 2016، كانت له دوافع سياسية تهدف إلى خنق التعددية والحد من حرية النقاش السياسي.

وفي أول رد فعل له على قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي يطالب بإطلاق سراحه، قال السياسي التركي المعارض الموالي للأكراد إنه لا يزال وراء القضبان “كرهينة سياسية” لكنه سيواصل كفاحه من أجل العدالة.

وأضاف في بيان من السجن أرسله حزبه “حزب الشعوب الديمقراطي” عبر البريد الإلكتروني “لقد تم تأكيد موقفي كرهينة سياسية”.

وتابع “للأسف، على الرغم من حكم المحكمة، ما زال بإمكان الرئيس القول إنه لن يعترف بالقانون، إنه وضع سيء للغاية بالنسبة إلى تركيا بأكملها وللديمقراطية”. وكتب حزب الشعوب الديمقراطي على تويتر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “قررت اتخاذ الخطوات اللازمة للإفراج عن صلاح الدين ديمرطاش، الذي شارك من قبل في رئاسة حزبنا”.

وقال الحزب “يجب على المحاكم المحلية أن تنفذ على الفور متطلبات هذا القرار”، داعيا إلى الإفراج ليس فقط عن ديمرطاش ولكن أيضا عن نواب آخرين تابعين للحزب.

ويخضع ديمرطاش، البالغ من العمر 45 عاما، للاحتجاز قيد المحاكمة منذ عام 2016 على خلفية تهم متعلقة بالإرهاب. ومن جانبه، يقول ديمرطاش إنه محتجز بسبب انتقاده لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وكان ديمرطاش، الذي كان يشارك في زعامة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، رشح نفسه للرئاسة من محبسه أثناء احتجازه، في وقت سابق من العام الجاري، ليحتل المركز الثالث في الانتخابات التي جرت في يونيو الماضي، بعد حصوله على نسبة 8.4 بالمئة من الأصوات.

ويلاحق القضاء التركي الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي بتهم الانتماء إلى “منظمة إرهابية” وقيادتها وبـ”الدعاية الإرهابية” و”التحريض على ارتكاب جرائم”، وقد يحكم عليه بالسجن 142 عاما.

وتتهم السلطات التركية حزب الشعوب الديمقراطي بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة “إرهابيا”، لكن الحزب رفض باستمرار هذه الاتهامات مؤكدا أنه مستهدف لأسباب سياسية بسبب معارضته الشديدة للرئيس التركي.

وتنتقد منظمات حقوقية بانتظام سجن ديمرطاش وتتهم أردوغان بالسعي إلى تكميم كل صوت معارض وخصوصا منذ محاولة الانقلاب منتصف يوليو 2016.

وكانت السلطات التركية قد نفذت بعد ذلك التاريخ حملة اعتقالات واسعة النطاق قالت إنها استهدفت الانقلابيين وأنصارهم المفترضين ولكنها شملت أيضا الأوساط المتعاطفة مع القضية الكردية في تركيا ووسائل الإعلام التي تنتقد أردوغان. وينص قانون العقوبات التركي، الذي بدأ تطبيقه عام 1926، على تجريم إهانة رئيس الجمهورية، وطيلة السنوات السبع الماضية، استغلت الحكومة المادة 299 من القانون لأجل إسكات أصوات المنتقدين السياسيين والتدخل في حرية التعبير. ولجأت الحكومة إلى أدلة بحثت عنها في تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي أو رسوم كاريكاتيرية للتحقيق في هذه الجرائم وإحالتها إلى المحاكم.

وخلال الفترة بين عامي 2010 و2017، أقيمت 12 ألفا و839 دعوى يُتهم فيها أشخاص بإهانة الرئيس، وبين كل هذه الدعاوى القضائية، أقيمت 12 ألفا و305 منها في ظل رئاسة رجب طيب أردوغان، الذي تقلد المنصب عام 2014.

وأدانت المحاكم 2099 متهما في 5150 دعوى قضائية، وهناك أيضا 660 قضية أخرى تم التوصل فيها إلى أحكام، لكن أجلتها المحاكم قبل الإعلان عنها، وفي المقابل، انتهت 873 قضية بالبراءة. وطالب المفوض الأوروبي المختص بشؤون الجوار، يوهانس هان، بوقف رسمي للمفاوضات التي يجريها الاتحاد بشأن انضمام تركيا إليه، وسط انتقادات لتدهور دولة القانون وحقوق الإنسان في تركيا.

وقال السياسي النمساوي في تصريحات لصحيفة “فيلت” الألمانية “أرى أنه سيكون أكثر صدقا لتركيا والاتحاد الأوروبي على المدى الطويل السير في طريق جديد وإنهاء مفاوضات الانضمام”.

وأكد هان أن التمسك بالمفاوضات السارية منذ عام 2005 يعوق حتى الآن الطريق نحو “شراكة استراتيجية حقيقية”، موضحا أن القرار في هذه المسألة لا يزال في يد حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد. وذكر أنه من الممكن إجراء مفاوضات مع تركيا حول توسيع الاتحاد الجمركي كبديل عن مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد، في تماه مع الموقف الفرنسي والألماني الذي يقترح مرتبة الشراكة المميزة لتركيا كبديل عن انضمامها إلى التكتل.