اليوم العالمي لقضاء العنف ضد المرأة..

الفلسطينيات يقابلن العنف الأسري بالصمت

تحت طائلة الخوف داخل البيت وخارجه

أنقرة

تنطوي إضاءة فنار غزة باللون البرتقالي، كواحد من الأنشطة ضمن الحملة المشتركة التي بادرت بها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للاحتفاء بـ16 يوما من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي في فلسطين، على رسائل عديدة موجهة للمجتمع ولأفراد الأسرة الذين يمارسون العنف بأنواعه تجاه المرأة دون مراعاة لحقوقها ولكيانها كفرد فاعل في البيت وفي المجتمع.

وتحدث أيمن فتيحة، ممثل الاتحاد الأوروبي في قطاع غزة، عن أهمية الفعاليات المصاحبة لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، قائلا “أعتقد أن مجرد إقامة مثل هذا النشاط يعد رسالة واضحة ولفت انتباه لجميع المسؤولين وجميع الأشخاص سواء في فلسطين أو في العالم للحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف الموجه ضد النساء، وكذلك رسالة للجميع من أجل أن تتمتع جميع النساء في فلسطين، بحياة خالية من العنف وخالية من الخوف”.

ولا تزال النساء والفتيات في فلسطين يتعرضن لشتى أشكال العُنف في المنزل وفي المُجتمع، وهو عُنف مُرَكَب يشمل القوانين التمييزية ضد النساء والممارسات التقليدية من قبل المجتمع والعائلات، حيث تستشري السلطة الأبوية والذكورية وأيضا العنف الأسري. وبحسب إحصائيات رسمية نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة النساء اللواتي سبق لهن الزواج وتعرضن للعنف من قبل الزوج بلغت 37 بالمئة في العام 2011، وتعرضت في نفس العام نسبة 58.6 بالمئة من النساء المتزوجات للعنف النفسي من قبل الزوج، ونسبة 23.5 للعنف الجسدي من قبل الزوج أيضا، فيما تغيب الأرقام التي تتناول العنف ضد النساء في المنزل سواء من الأب أو الأخ مثلا.

وتورد نفس الإحصائيات مؤشرات على أن نسبة الإناث في العمر ما بين (18 و64 سنة) واللاتي لم يتزوجن وتعرضن للعنف النفسي على الأقل لمرة واحدة من قبل أحد أفراد الأسرة بلغت 25.6 بالمئة وفي نفس الفئة تعرضت نسبة 30.1 بالمئة للعنف الجسدي مرة واحدة على الأقل من أحد أفراد الأسرة في هذه المرحلة العمرية.

وأوضح مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في قطاع غزة باسل ناصر، “نحن اليوم سنقوم بإنارة فنار غزة كجزء من حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، وهو تعبير عن موقفنا بالوقوف ضد جميع مظاهر العنف تجاه المرأة والعمل على مساندتها في ما تتعرض له من عنف ودعمها في قضاياها الاجتماعية والإنسانية والحياتية”.

نساء غزة يواجهن الكثير من الأعباء في عائلاتهن بجانب الضغوط الاقتصادية التي خلقت الكثير من التوتر داخل المنزل

وتعد منارة غزة رمزا فنيا للمدينة الساحلية، وملجأ للكثير من العائلات الفلسطينية لقضاء بعض الوقت للمتعة في منطقة الميناء. وهو من تصميم الفنان التشكيلي شريف سرحان الذي عبّر عن شعوره بالسعادة كون المنارة التي صممها ستصبح عنوانا ضد مظاهر العنف ضد المرأة في غزة، وقال “المنارة اليوم رمز في غزة، وبالتالي أي عمل يتم فيها، يعكس الواقع اليومي لغزة، وعندما يصبح اليوم رمزا للعنف ضد النساء فهو يصبح عنوانا لأن هذا اليوم يجب أن يكون فيه نشاط مميز من أجل الحد من العنف ضد النساء في غزة”.

واعتبرت ماري دوروز، مديرة وكالة التعاون السويسري التي شاركت في حفل إنارة الفنار، “هذا النشاط بأنه مهمّ جدا، في غزة على وجه التحديد، لأن النساء يواجهن الكثير من الأعباء في عائلاتهن ومسؤولياتهن والضغوط المتعلقة بالأزمة الاقتصادية والبطالة التي تواجه الكثير من الرجال والنساء وتخلق الكثير من التوتر داخل المنزل”.

ومن جانبه يقول الصحافي الفلسطيني أحمد القدوة في حديث لـ”العرب” إن “العنف ضد النساء في المجتمع الفلسطيني في ازدياد كبير، وأن العامل الأساسي الذي ساعد في تنامي نسب العنف الأسري هو غياب قانون رادع يطبّق على الجميع”. ويوضح القدوة أن النساء يتعرضن للاضطهاد بممارسة أنواع من الترهيب عليهن في حال تقدمن بشكوى إلى القضاء من قبل الزوج أو الأخ، ولا يمكن أصلا حصر نسب صحيحة لأن النساء في الكثير من الأحيان لا يستطعن الحديث علانية عن أوضاعهن السيئة. فيتم طمس أي اعتداء بداعي “إخفاء الفضائح” عن المجتمع المحافظ.

ويردف “صحيح أن هناك احتراما وتقديرا لنضال المرأة الفلسطينية، لكن هناك عنف مسلط عليها داخل غرف المنزل والعائلة من الأخ والزوج والأب”، ويلفت الصحافي الفلسطيني إلى ضرورة إحياء ثقافة تصون حقوق المرأة وتحميها من الاعتداءات أو الإهانات لأن الاعتداء لا يمكن أن يكون جسديا فقط والدليل على ذلك أن الإحصائيات الرسمية الفلسطينية تتحدث عن ارتفاع نسب الاعتداءات النفسية على المرأة.

 ويتناول القدوة مثالا للعنف والاعتداء النفسي اللذين يمارسان على المرأة من قبل الأسرة والزوج حين يتم منعها من العمل بحجة أن مهمتها الأساسية تربية الأطفال والطهي وتنظيف المنزل، وهذه أفكار بالية، في نظره.

واعتبر مركز الميزان لحقوق الإنسان (غير حكومي) أن النساء في قطاع غزة يعانين من استمرار النظرة الاجتماعية الدونية، ومن الحالات المتطرفة للعنف المتمثلة في استمرار حالات القتل بداعي الدفاع عن شرف العائلة، حيث سجل مركز الميزان 24 حالة لمن قتلن تحت ذريعة الدفاع عن شرف العائلة منذ العام 2008.

وتشير المعطيات الميدانية بحسب المركز إلى أن الجهود المبذولة في سياق إنهاء العنف ضد المرأة تعترضها الكثير من العقبات والتحديات، وتتحرك ببطء شديد، خاصة في ظل تراكم المشكلات الاقتصادية وشح فرص العمل، وارتفاع مستويات البطالة، وتوسّع دائرة التهميش.