في الذكرى الأولى لمقتله..

"المؤتمر الشعبي".. الصراعات والمآلات بعد عام على مقتل "صالح"

أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام

علي رجب

في الذكرى الأولى لمقتل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا، على يد ميليشيا الحوثي الإرهابية، والتي توافق الرابع من ديسمبر، شهدت جنبات حزب المؤتمر الشعبي، هزة قوية وتباينًا في المواقف بين من بقي من أعضاء تحت عباءة الحوثيين، ومن بقي مخلصًا لجناح صالح، فيما اختار فريق ثالث طريق الحياد، أما الرابع فانطوى أسفل جناح الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

ويشكل حزب المؤتمر الشعبي العام، أبرز الأحزاب اليمنية في الثلاث عقود الأخيرة، إذ أسسه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، عام 1982، بعد أربعة أعوام من تقلد صالح رئاسة اليمن، وقد ظل الحزب لسنوات طويلة في سدة الحكم، حتى بعد احتجاجات 2011، لكن الانشقاقات ضربته بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في 21  سبتمبر 2014.

جناح الحوثي

شهد حزب المؤتمر انقسامات واسعة منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، إذ انقسمت قياداته بين موالين للرئيس اليمني السابق، ومؤسس الحزب علي عبدالله صالح ، وموالين للرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي، الذي أعلن نفسه رئيسًا للحزب، وظلت الانشقاقات قائمة بين جناحي صالح وهادي، إلى أن اختلف الأمر مع مقتل صالح وعارف الزوكا العام الماضي، إذ انحازت قيادات من الحزب إلى الحوثيين، فيما ذهب آخرون للانضمام إلى جناح  هادي، وآخرون آثروا الحياد.

في 7 يناير الماضي، أعلنت اللجنة العامة للحزب، تعيين صادق أمين أبو رأس رئيسًا له، و«أبو رأس» هو القيادي المؤتمرى الذي جنح لجبهة الحوثيين على حساب دعوة مؤسس الحزب، بالثورة ضد الحوثيين في انتفاضة 2 ديسمبر 2017.

الهاشميون

وقال الباحث فى الشأن اليمني، محمود طاهر، إن الحوثيين سيطروا على المؤتمر الشعبي العام في صنعاء عبر ما يمسي بـ «الهاشميون»، والذين أسندت لهم المناصب القياديَّة بالحزب (قيادة الحزب، المكتب التنفيذي، الأمين العام ورئيس الحزب).

وأوضح طاهر لـ«المرجع»، أن الحوثيين وضعوا تركيبة موالية لهم داخل حزب المؤتمر الشعبي العام عبر الهاشميين الذين يرون في أنفسهم أنهم الأحق بالحكم والولاية.

وتغلغل «الهاشميون» داخل أروقة المؤتمر، وأصبحوا أعضاءً في اللجنة العامة، أمثال عدنان الجفري، وطارق الشامي، ومسؤولين عن التنظيم والتأهيل داخل الحزب، أمثال العميد يحيى محمد الشامي، وبنزيه العماد، محامي خلايا صنعاء التابعة للحوثي، ويطلق عليهم «إماميو المؤتمر».

جناح هادي

عقب تحالف «صالح» مع الحوثيين، عينت اللجنة العامة لحزب المؤتمر -من الرياض- الرئيس هادي رئيسًا للحزب، في 22 أكتوبر 2015 وأصدرت قرارًا بعزل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ومن معه وإحالتهم للمحاسبة التنظيمية في الحزب، وأقر الاجتماع ترشيح أحمد عبيد بن دغر نائبًا أول لرئيس الحزب، وعبد الكريم الإرياني نائبًا ثاني، واختيار النائبين متحدثين رسميين لحزب المؤتمر الشعبي العام وتمثيله في أي محافل دولية.

أحمد علي صالح

يشكل أحمد صالح نجل الرئيس السابق، والقادة المؤتمريون المخلصون لصالح، جناحًا قويًا لا يميل إلى الحوثيين ولا إلى الرئيس هادي، ويشكلون وزنًا كبيرًا لا يمكن الاستهانة به لذلك حاول صادق أمين أبو راس، رئيس حزب المؤتمر، مغازلة أحمد علي صالح، ورفقاء صالح والزوكا، للانضمام إلى جناحه، وقطع الطريق على الانضمام إلى جناح هادي، عبر إصدار قرار في أكتوبر 2018، بترفيع أحمد علي عبد الله صالح وعوض عارف الزوكا K نجل الأمين العام للتنظيم، إلى عضوية اللجنة الدائمة الرئيسية التي يبلغ قوامها 1200 عضو.

واختار فريق آخر داخل الحزب طريق الحياد، إذ رأى أن الحزب تعرض لنكسة كبيرة عقب مقتل «صالح» و«الزوكا» في 4 ديسمبر من العام الماضي، وهو ما جعل الكثير منهم  يختار الحياد، وورغم ذلك سعى العقلاء داخل الحزب إلى ما أطلقوا عليه «جمع الشتات»، إذ عقدوا عدة مؤتمرات في القاهرة وبعض العواصم العربية لجمع شتات الحزب والتوحد خلف قيادة واحدة، كما تسعى قيادات الحزب الموجودة في الخارج، إلى الوصول لقيادة موحدة تجمع فصيلي هادي وأحمد.

في منتصف نوفمبر الماضي، أقرت قيادات الحزب خارج اليمن، وفى القاهرة بحضور القياديين أبي بكر القربي وسلطان البركاني (يشغل كل منهما منصب أمين عام مساعد للحزب)، بشكل نهائي قيادتها الموحدة، وضمت القيادة العليا ستة أسماء هي: أحمد علي عبدالله صالح وأبوبكر القربي وسلطان البركاني ويحيى دويد وقاسم الكسادي ومحمد بن ناجي الشايف، ولم يعني توحد المؤتمريين في الخارج، أن يكون هناك توحد بين جناحي هادي وأحمد علي صالح.

ودعا رئيس الحكومة اليمنية السابق، أحمد عبيد بن دغر، اليوم الإثنين، إلى توحيد حزب المؤتمر، الذي تمزّق بعد مقتل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، قائلا في بيان له: «لم يعد لدينا الكثير من الوقت لكي نفكر كثيرًا في وسائل وطرق وأساليب توحيد صفوف المؤتمر الشعبي العام، لقد مرت سنة على كارثة استشهاد الزعيم والأمين العام وعدد غير قليل من قيادات المؤتمر، وليس من مصلحة المؤتمر أن يبقى الوضع على ما هو عليه كان الزعيم في الداخل موحدًا للداخل المؤتمري، وكان الخارج المؤتمري موحدًا خلف الشرعية».

وأضاف: «النقاشات الأخوية بيننا عن الداخل، والخارج، عن الذين مع، والذين ضد، عن الأصل والفرع، سرقت سنة كاملة من عمر المؤتمر فكانت مضيعة للوقت، كما أنها وأدًا لروح الانتفاضة في وقت عصيب تُهدد فيه الجمهورية بالسقوط النهائي، ويغدو هدف استعادة الدولة أبعد مما كان عليه يومي الانتفاضة، ولا يمكن للمؤتمر أن يغدو حزبًا فاعلًا في الساحة الوطنية خارج إطار معركة التحرير وعلينا دين للوطن، ولا يمكننا أن نتهرب من الوفاء به»، متابعًا فى بيانه: «لتكن ذكرى استشهاد الزعيم (صالح) والأمين العام (الزوكا) لحظة صحو ويقظة وعودة لساحات النضال تحت قيادة موحدة، لا تستثني أحدًا في الخارج، ولا تتجاهل أحدًا في الداخل، لتكن خطوة توحد صفوف المؤتمر وتتغلب على انقساماته، وتعيده لصدارة الموقف الوطني ضد الانقلاب ومع الشرعية. وفصيلاً متقدمًا من فصائل العمل الوطني. لاستعادة الحق المسلوب، والوطن المنهوب».

الاستيعاب

يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والمحلل السياسي اليمني، عبدالسلام محمد، أن الخطوة العملية تتمثل بأن يقوم «هادي» ونائبه باستيعاب القيادات الحزبية والعسكرية، وعلى رأسهم أحمد نجل صالح، وإعطائهم دورًا تنفيذيًا محدودًا في الدولة، محذرًا في منشور عبر صفحته على موقع التواصل «فيس بوك»، من استمرار الخلافات، قائلًا إن ذلك يسهل تفكيكه لفائدة الحركة الحوثية التي تخطط لابتلاع الحزب وخلافة صالح في إرثه السياسي والعسكري. 

المصدر