محادثات ستوكهولم..

خبراء دوليون: الممارسات الحوثية على الأرض لا تبشر خيرًا

حجم التأثير الإيراني على الطاولة المفاوضات في السويد

ستوكهولم

رأى محللون غربيون أن “الانتهاكات الحوثية المتواصلة في اليمن، التي تتزامن مع انطلاق محادثات ستوكهولم، تنم بشكل واضح عن عدم قدرة المجموعة على الانسلاخ عن راعيها الأوحد – النظام الإيراني”. ويعتقد خبراء أن “هذه الممارسات ترمي إلى عرقلة سير المحادثات التقريبية، بغرض تجنب إغضاب الرعاة الممولين في طهران”.

وقد أبدت مجلة “ريآكشن لايف” البريطانية، في 6 ديسمبر/كانون الأول، تشاؤمها إزاء محادثات السويد بشأن اليمن بسبب ما وصفته “التبعية الحوثية لأجندة إيران”، وقالت إن “هذه التبعية ستجعل من مسألة الجدية في عملية التفاوض أمرًا مستحيلًا، نظرًا لالتزام ممثلي المجموعة الحوثية بتعليمات قادمة من طهران، وهو ما يعني أن مرحلة بناء الثقة، المعلن عنها من قبل منظمي محادثات ستوكهولم، لن تجدي نفعًا بأي حال من الأحوال”.

وقال الصحفي البريطاني “نورمان رولي” إن “حقيقة الدعم الإيراني الهائل للحوثيين تحتم على المجتمع الدولي عدم السماح للمجموعة بتولي أي دور في مستقبل اليمن، لأن مناصب الحوثيين ستكون فعليًا في خدمة صناع القرار في طهران”.

وقد وافقتها الرأي مجلة “ذي ويك” البريطانية، التي قالت، في 6 ديسمبر/كانون الأول، إن “المساعي في السويد قد لا تؤتي ثمارها إزاء السلام في اليمن، لأن الحوثيين، وكلاء إيران، لن يتمكنوا من التنازل عن سيطرتهم على ميناء الحديدة، وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتهم”، في إشارة إلى عدم قبول المجموعة بما لا تقبل به إيران.

وعلى المنوال ذاته، رأى مركز أبحاث “ميدل إيست إنستيتوت” الأمريكي، في 6 ديسمبر/كانون الأول، أن “السلام قد لا يكون ممكنًا في اليمن طالما واصلت طهران تدخلاتها في البلاد عبر وكيلها الحوثي”. وقال الكاتب الأمريكي “غيرلاد فيرستين” إن “طهران قدمت الدعم العسكري والمادي للحوثيين من أجل السيطرة على البلاد، وليس من أجل الوصول إلى سلام”، وأضاف أن “طهران لم تقدم أي دعم اقتصادي للتخفيف من الأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد، ولم توفر مساعدات من أجل مستقبل اليمن، كما فعلت دول التحالف مثل السعودية والإمارات، بل حصرت مساعداتها في مجموعة الحوثي”.

ورأى “فيرستين” أن “المحادثات يجب أن تؤدي إلى إبعاد يد إيران عن اليمن، لأن البلاد ستبقى مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمستقبل جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي”.

بينما أشار تقرير قناة (Wral) الفضائية الأمريكية، الصادر في 6 ديسمبر/كانون الأول، إلى وجود تناقض صارخ بين تصريحات الحوثيين الإعلامية حول “الرغبة” في إيجاد حل سلمي عبر طاولة المفاوضات، وممارساتهم الفعلية على الأرض. وقد أكدت القناة أن “جماعة الحوثي تستمر حتى لحظة كتابة التقرير بإعاقة وصول المساعدات بكل أشكالها إلى السكان المدنيين في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، وهو ما يشير إلى عدم جدية المجموعة في المحادثات”.

وقد أكد هذا الأمر كذلك رئيس برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيسلي، إذ قال إن “الحوثيين لا يزالون يمنعون وصول الطعام إلى المدنيين في المناطق المدمرة”. كما قال إن “جماعة الحوثي حرمت العاملين في مجال الإغاثة من التأشيرات اللازمة لدخول المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما حظرت دخول المعدات اللازمة لعمليات الإنقاذ”.

وفي تعليقها على محادثات ستوكهولم، قالت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية، في 3 ديسمبر/كانون الأول، إن “أي انسحاب لقوات التحالف العربي من اليمن سيسفر عن تفاقم الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية في ظل وجود الحوثيين”. ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم: “إن انسحاب التحالف يعني استفراد الأقلية الحوثية بمستقبل البلاد، وهذا ما يعني مزيدًا من الحرب الأهلية بين السكان اليمنيين، وكذلك عودة مقاتلي التنظيمات الإسلامية المتطرفة المحاصرين من قبل قوات التحالف اليوم”.

وفي حديثه مع “كريستيان ساينس مونيتور”، قال العضو السابق في فريق الأمم المتحدة بشأن اليمن، غريغوري جونيسن: “حتى لو انسحب الإماراتيون والسعوديون من اليمن، ستتواصل الحرب الأهلية، وربما تصبح أسوأ مما هي عليه اليوم”. وقد وافقه الرأي الكاتب الاسكتلندي “كامبل جاك” في مقالته في مجلة “كونزيرفاتيف وومن” البريطانية؛ إذ قال، في 4 ديسمبر/كانون الأول، إن “دور قوات التحالف العربي في اليمن إيجابي جدًا، وإن التدخل في اليمن لم يحدث لو لم تطالب به الحكومة الشرعية اليمنية من أجل إبعاد قبضة الحوثيين عن البلاد”. وأضاف “جاك” أن “العمل على إبعاد إيران عن اليمن هو الضامن الوحيد لتحقيق السلام في البلاد”.

ومن جهتها، قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن “إيران تسعى إلى زيادة نفوذها في اليمن”، برغم مساعي تحقيق السلام عبر طاولة المفاوضات. وتساءلت الصحيفة عن إمكانية تحقيق السلام بعد أن “أصبحت طهران المزود الأول للحوثيين بالأسلحة والمال”. بينما استبعد الخبير الأمريكي “بيرنهام بنتالبلو” إمكانية تحقيق السلام “بسبب استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن حتى هذه اللحظة”. وقد نشر “بنتالبلو” مقالته في مجلة “إكسيوس” الأمريكية، قال فيها إن “إيران لن تتخلى عن إستراتيجيتها في رعاية الإرهاب وزعزعة استقرار بلدان المنطقة بمجرد جلوس الحوثيين إلى طاولة المفاوضات”.

علاوة على ذلك، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن “طهران لا تزال ترسل عملاء إيرانيين إلى اليمن، يساعدون ميليشيات الحوثي في السيطرة على الفضاء الإلكتروني اليمني، تمكنها من عمليات مراقبة وتجسس على السكان اليمنيين”، وهذا ما يتناقض مع إعلانات الحوثيين حول رغبتهم بالسلام.

كما عبر “مركز بحوث إعلام الشرق الأوسط” الأمريكي، في 3 ديسمبر/كانون الأول، عن تشاؤمه إزاء قدرة الحوثيين على التفاوض الجدي في ستوكهولم بشأن اليمن؛ بسبب حقيقة “تبعية” المجموعة لإيران. وقد استهل المركز الأمريكي تقريره بتصريحات حديثة للرئيس الإيراني حسن روحاني، عبّر فيها عن نوايا طهران الحقيقية التوسعية في المنطقة، إذ قال: “نحن عازمون على حماية مصالح الشعب السعودي ضد القوى العظمى، تمامًا كما حمينا مصالح الشعوب العراقية والسورية والأفغانية واليمنية”، وفي هذا إشارة صريحة إلى أن الإيرانيين يعتزمون تكرار أزمات هذه الدول في المملكة، عبر خلق مجموعات وميليشيات تمرد تابعة لها.

وأخيرًا، نشرت وكالة “أسوشييتد برس“، في 7 ديسمبر/تشرين الأول، تحقيقًا صحفيًا جديدًا تزامن مع انطلاق محادثات ستوكهولم، نقلت فيه “روايات صادمة إزاء عمليات تعذيب مروعة في السجون الحوثية”. وقالت الوكالة إن هنالك ضرورة قصوى لتحقيق السلام في اليمن “بعد أن تكشفت أدلة جديدة مبنية على شهادات سجناء سابقين ومحامين ونشطاء حقوق إنسان، حول عمليات تعذيب حوثية ضد يمنيين، أودت بحياة الكثير منهم”. وبحسب تحقيقها، شملت عمليات التعذيب “تعليق المعتقلين عراة في أعلى غرف التحقيق بالأصفاد الحديدية، وضرب رؤوسهم بالجدران، وتكبيل أعضائهم التناسلية بقضبان حديدية، وسكب مواد حارقة تذيب جلودهم، فضلًا عن تقديم وجبات طعام قذرة مليئة بالصراصير”.

المصدر