خطة شاملة..

مصر تقهر ظلام الإرهاب وكلمة السر "سيناء"

استجابت القوات المسلحة السريعة لدعوة الرئيس المصري

صحف

في إطار "خطة مجابهة شاملة للعناصر الإرهابية والإجرامية"، جاء إعلان القوات المسلحة المصرية يوم 9 فبراير بإطلاق عملية عسكرية شاملة ضد الإرهاب تحت مسمى "سيناء 2018" في شمال ووسط سيناء، ومناطق بدلتا مصر، والظهير الصحراوي غرب وادي النيل بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية.

بحسب تصريحات المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي، جاءت العملية بالتعاون الوثيق مع كافة مؤسسات الدولة، كدليل على التزام الدولة المصرية لتعهداتها باستمرار الحرب على الإرهاب إلى أن يتم القضاء عليه نهائيًّا.

لم يكن الإعلان مفاجأة، خاصة أنه جاء بتكليف مباشر ومعلن من رئيس الجمهورية بدعوته للقضاء على الإرهاب خلال ثلاثة أشهر، وذلك عقب قيام مجموعة من المسلحين بالهجوم على مسجد الروضة في العريش بمركز بئر العبد في 24 نوفمبر 2017، أسفر عن مقتل 305 أشخاص كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة في المسجد، وكنتيجة للحادث الإرهابي طلب الرئيس عبدالفتاح السيسي في 29 نوفمبر 2017 من رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد فريد حجازي، ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار -وقت ذاك- استخدام كل القوة الغاشمة من قبل القوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب حتى اقتلاعه من جذوره في مدة لا تتجاوز 3 أشهر.

من جانب آخر، استجابت القوات المسلحة السريعة لدعوة الرئيس وأظهرت مدى جديتها في حربها ضد الإرهاب، وأرغمت وسائل الإعلام العالمية على متابعة نتائجها، والاعتراف بجدية الجهود المصرية في محاربة الإرهاب واعتبارها قضيتها المصيرية الأولى.

أبرز ما يميز العملية "سيناء 2018":

التنسيق

تعد العملية الأولى من نوعها في سيناء من حيث درجة التنسيق الشامل والمنظم بين قوات الجيش والشرطة، حيث شاركت فيها القوات البحرية، والجوية، وقوات حرس الحدود، والشرطة المصرية، وتمت بناء على جهود استخباراتية دقيقة وشاملة، وهو ما جعلها العملية الأضخم في تاريخ مواجهة التشكيلات الإرهابية.

الشمولية

وصفت العملية بأنها الأكثر شمولية في تاريخ العمليات العسكرية التي تم إطلاقها لمواجهة التنظيمات الإرهابية في سيناء، وذلك نظرًا لاتساع النطاق الجغرافي والتي أشادت به كافة وسائل الإعلام المحلية والعالمية، حيث تضمنت شمال ووسط سيناء، ومناطق بدلتا مصر والظهير الصحراوي غرب وادي النيل، ولم تقتصر فقط على استهداف العناصر الإرهابية وإنما تضمنت عملية تطهير وتنشيط شاملة للعناصر الإجرامية الأخرى.

التسليح

كشفت الفيديوهات الخاصة بالعملية التي نشرتها وزارة الدفاع المصرية، الأسلحة المستخدمة والتي تضمنت أنواعًا مختلفة، مثل مقاتلات F16، وكذلك مقاتلات الرافال، ومروحيات الأباتشي الهجومية، ومروحيات الشينوك الناقلة، بالإضافة إلى طائرات النقل التكتيكي "كاسا سي 295 الناقلة"، وطائرات الإنذار المبكر والتحكم المحمول جوا، E2C Hawkeye 2000، وكذلك زوارق للقوات الخاصة قابلة للنفخ.

كما شاركت أيضا عربيات الجيب الـTJL، والميسترال، ومنظومة الدفاع الجوي "بوك إم2"، وكان أول ظهور للمروحية التمساح "كا-52"، وقنابل الأغراض العامة، والقنابل العنقودية.

وقد أثارت أنواع تلك الأسلحة اهتمام الرأي العام العالمي الذي حرص على رصد ومتابعة تفاصيل ما تم استخدامه من أسلحة.


دلالات العملية "سيناء 2018"

رصدت صحيفة "السياسة الدولية" في تقرير لها نشر في وقت سابق، العديد من الدلالات المهمة التي تضمنتها العملية "سيناء 2018"، والتي يمكن اجمالها فيما يأتي:

الاستباقية

اتسمت عملية "سيناء 2018" بتبني المنحنى الاستباقي في تنفيذ هجماتها التي هدفت من خلالها القضاء على العناصر الإرهابية وضرب أوكارها وكمائنها.

عملية ممتدة

على الرغم من ضخامة وشمولية العملية العسكرية، فإنها عملية ممتدة، ولن تنتهي إلا بانتهاء الهدف منها، والمتمثل في القضاء على الإرهاب.

ويمثل نجاح العملية -الذي انعكس في القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية وتدمير مخازن العبوات الناسفة، وتدمير العديد من الأهداف التي تستخدمها العناصر التكفيرية في الاختباء- بداية انطلاق نحو الهدف النهائي المتمثل في التطهير الشامل من الإرهاب وضبط الحدود، هذا بالإضافة إلى تأكيد المتحدث العسكري ما يستتبع العملية من تكثيف لإجراءات التأمين للأهداف الحيوية والمرافق العامة، وتنظيم الكمائن الثابتة والمتحركة، بالإضافة إلى أعمال التمشيط الدورية.

الارتقاء بتصنيف مصر

لا شك في أن ما تعانيه مصر من طرح دولي يتسم بالتحيز والمبالغة عند تناول الأوضاع الأمنية الداخلية، خاصة قضايا الإرهاب، وما تحاول العديد من المؤشرات الدولية ووسائل الإعلام العالمية الإيحاء به في التقارير الصحفية ومؤشرات الأمن والإرهاب، والتي تغفل بصورة كبيرة ما حدث من تطور، وما حققته قوات الجيش بالتعاون مع قوات الأمن من نجاحات انعكست بصورة واضحة في انحسار النطاق الجغرافي للعمليات الإرهابية وتمركزها في مناطق بعينها من شمال سيناء، بالإضافة إلى التراجع الكبير في عدد العمليات الإرهابية، والانخفاض الملحوظ في منحى الإرهاب.

ومن هنا، فقد نجحت العملية التي حازت بتغطية إعلامية واسعة النطاق في وسائل الإعلام الدولية في توصيل رسالة تحوي اتجاه مصر الجاد للقضاء على الإرهاب، بالإضافة إلى الرسائل المتعلقة بتماسك الدولة وكيانها القوي، وقدرتها على اتخاذ قرارات عسكرية تتسم بالانسجام والتناغم.


خلق رأي عام عالمي داعم

لقد حظيت العملية بتغطية إعلامية عالمية، حيث وصفتها وسائل الإعلام الغربية بأنها أضخم عملية عسكرية قبل الانتخابات الرئاسية، وهو ما بدا -على سبيل المثال- في وصف موقع "ستراتفور" الأمريكي للعملية بأنها تأتي في توقيت يتسم بـ" الذكاء السياسي"، وما ذكرته صحيفة "ذا تايمز" البريطانية بأن الرئيس السيسي قام بنشر "أكبر جيش في أفريقيا يحارب الجهاديين في شمال سيناء والدلتا، وأطلق أكبر عملية لمكافحة الإرهاب في مصر قبيل أسابيع من إعادة انتخابه"، بالإضافة إلى وصف صحيفة "تليجراف" البريطانية العملية الحالية بـأنها عملية "غير مسبوقة" في تاريخ مواجهات التنظيمات الإرهابية.

دلالة التوقيت

أظهر توقيت تنفيذ العملية دلالة مهمة، هي أن تصاعد الحرب على الإرهاب في مصر ليس مقترنًا فقط بما تشهده مصر من عمليات إرهابية، فقد اتجهت بعض الأطراف إلى توجيه النقد للتحركات المصرية في الحرب على الإرهاب من خلال محاولة ربطها بوقوع عمليات إرهابية، بحيث يتم الإيحاء بأن ما يتم من عمليات الهدف منها فقط الرد على هذه الهجمات، إلا أن العملية سيناء 2018 تعد دليلًا واضحًا وملموسًا على أن الحرب على الإرهاب ليست قضية وقتية وليست مرهونة بأحداث سياسية بعينها، أو رهنًا بتصعيد من جانب العناصر الإرهابية. إلا أن العملية قد برهنت على أن الدولة المصرية تنظر إلى قضية الحرب على الإرهاب بجدية والتزام ومثابرة، وهو ما عكسته شموليتها وانطلاقها في هذا التوقيت، خاصة أنها تأتي قبل أسابيع قليلة من المهلة التي وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسي للقضاء على الإرهاب في سيناء في خطابه الذي أطلقه في نوفمبر الماضي.

رفض التدخل الخارجي

على الرغم من ضخامة العملية العسكرية وشموليتها وما اقتضته من حجم ضخم للقوات، فإن القوات المسلحة المصرية قد قامت بها دون اللجوء إلى دعم خارجي، فلم تشارك قوات غير مصرية في العملية، حيث رفضت مصر الدعم الأمريكي للمشاركة في العملية، بالإضافة إلى رفض مشاركة الجانب الإسرائيلي، وهو ما يدل على إصرار مصر على خوض معركتها منفردة لإثبات أن قواتها المسلحة قادرة تمامًا على تنفيذ ما يوكل لها من مهام على الوجه الأكمل، وذلك في تأكيد مباشر على الثواب العسكرية المصرية التي تقوم بصورة رئيسية على رفض التدخل الخارجي.

الدعم الشعبي

حظيت العملية الشاملة بدعم شعبي من كافة أطياف الشعب، والذين احتشدوا لدعم العملية التي تضمنت العديد من رسائل الطمأنة الداخلية والخارجية.

عهد جديد من التنمية والرخاء

من جانبه، يرى اللواء "محسن الفحام" مدير مباحث أمن الدولة الأسبق، أن العملية سيناء 2018، إبادة للعناصر الإرهابية في مهدها، وفقًا لإرادة القيادة السياسية، في الوصول إلى معدلات التنمية التي تتطلب الاستقرار الأمني أولًا.

وأوضح، "الفحام"، أن مسمى العملية له دلالة قوية، على أن سيناء 2018 ستكون خالية من الإرهاب، سيناء جديدة يحلم بها الشعب المصري، ما يدفع رجال الأعمال لإقامة مشروعات تنموية، وبخاصة أن لديهم النية في ذلك فور حدوث الاستقرار المرغوب، وفقا لصحيفة "الدستور".

وأشار، مدير مباحث أمن الدولة الأسبق، إلى أن القوات المسلحة ظلت تعمل في صمت طوال الفترة الماضية، لوضع الخطط وتحديد الأهداف، لتوجيه ضربات مفاجئة للعناصر الإرهابية، مع التأمين الشامل، لجميع المعابر، والمنافذ على مستوى الجمهورية ورفع درجة التأهب القصوى.

وفي سياق متصل، قال اللواء "عبدالمنعم كاطو" مستشار الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، إن العملية سيناء 2018، تستلزم تكاتف الشعب المصري، للوقوف بجوار قواته المسلحة والشرطة، بالإبلاغ الفوري عن أي مشتبه فيهم، يندسون داخل المدنيين، هروبًا من قوات إنفاذ القانون.

وأوضح "كاطو"، أن سيناء 2018 تعني عهدًا جديدًا من التنمية والرخاء، لمحاولات استمرت لسنوات، أفسد فيها الإرهاب صفو المصريين، وانتقامًا للدماء الطاهرة التى دفعت أرواحها فداء للوطن، ودفاعًا عن الشعب المصري.


أبرز النتائج

رصدت "رؤية" أبرز النتائج التي حققتها العملية العسكرية "سيناء 2018" وفقا لـ29 بيانًا رسميًّا صدر عن القوات المسلحة منذ إطلاق العملية في فبراير الماضي، وكانت النتائج كالآتي:

"تدمير 5657 هدفًا، إبطال مفعول 1253 عبوة ناسفة، تدمير 13 فتحة أنفاق، مقتل 395 تكفيريًّا، تدمير 728 سيارة دفع رباعي، ضبط وتدمير مركزين إعلاميين، قتل ناصر أبوزقول أمير تنظيم، تدمير 958 دراجة نارية، ضبط أكثر من 9 ملايين قرص ترامادول، القبض على 412 مشتبه بهم، وتوقيف 7030 متسللًا، وضبط أكثر من 710200 قرص مخدر، واستشهاد 25 شرطيًّا، وإصابة 76 آخرين".