بريطانيا تواجه المجهول في حال إسقاط بريكست..

ماي تواجه ثورة من المشرعين داخل حزبها المحافظ

الغموض يحوم حول مستقبل بريطانيا

واشنطن

حذرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأحد، من أن بريطانيا ستواجه “آفاقا مجهولة” إذا لم يوافق المشرعون على اتفاق بريكست الذي توصلت إليه مع بروكسل، حيث تواجه ثورة من قبل المشرعين داخل حزبها المحافظ، فيما يبدو أنه من غير المحتمل أنها ستحصل على عدد الأصوات الكافية لتمرير الاتفاق عندما يصوت البرلمان الثلاثاء.

وقالت ماي لصحيفة ديلي ميل “عندما أقول إنه إذا لم تنفذ هذه الاتفاقية فسنكون حقا أمام آفاق مجهولة، أتمنى أن يفهم الناس أن هذا بصدق ما أعتقد وأخاف أن يحدث”. وتابعت أن هذا “سيعني حالة خطيرة من عدم اليقين للأمة مع وجود خطر حقيقي للغاية بعدم الخروج من الاتحاد الأوروبي أو ترك الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق”.

وتواجه ماي ثورة من المشرعين داخل حزبها المحافظ، فيما تشير توقعات أن المشرعين البريطانيين يتجهون نحو إسقاط الاتفاق، ما يعني انسحابا غير منظم يرمي بالبلاد إلى آفاق مجهولة.

ورفضت رئاسة الوزراء في وقت متأخر السبت تقارير ذكرت أن ماي قد تؤجل التصويت لتفادي الهزيمة، حيث قال متحدث “إن التصويت سيجري الثلاثاء”. وكانت صحيفة صنداي تايمز قد نقلت عن بعض المساعدين والوزراء في حكومة ماي، أن رئيسة الوزراء ستعلن الاثنين تأجيل التصويت البرلماني على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت الصحيفة إن ماي تخطط للسفر إلى بروكسل في محاولة أخيرة لإقناع زعماء الاتحاد الأوروبي بتخفيف شروط الاتفاق. وخلصت لجنة برلمانية بريطانية مؤثرة تضم أعضاء من أحزاب مختلفة الأحد إلى أن اتفاق خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، “يفتقر إلى ما يكفي من وضوح أو يقين بشأن مستقبل المملكة المتحدة”.

وقال هيلاري بين، رئيس لجنة الخروج من الاتحاد الأوروبي “لأن الحكومة رفضت مواجهة الخيارات الصعبة التي تواجهنا، فإن هذه الصفقة ستشكل قفزة واسعة وكبيرة نحو المجهول”.

ويأتي تقرير قبل يومين من تصويت أعضاء البرلمان على الاتفاق، حيث من غير المرجح أن يأتي التصويت بنصر لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي تواجه ثورة من عدد كبير من النواب من حزب المحافظين الذي تنتمي إليه.

وجاء التقرير منتقدا إلى حد كبير للاتفاق، حيث قال إنه “غير مفصل ولا موضوعي”، كما أشار بشكل خاص إلى آلية شبكة الأمان، وهي ملاذ أخير يهدف إلى الحفاظ على حدود أيرلندية مفتوحة في حال عدم التوصل إلى اتفاق آخر.

وقال التقرير إن “تفعيل شبكة الأمان ستنتج عنه حواجز فورية أمام تجارة السلع والخدمات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”. وأضاف أنه في حالة عدم وجود علاقة مستقبلية بحلول عام 2020، فإن شبكة الأمان يمكن أن تترك بريطانيا تواجه “خطر حدوث اضطراب اقتصادي كبير من شأنه أن يقلل من نفوذها في المفاوضات”.

وأكد أن الحكومة لم تحدد أهدافا واضحة لعلاقة مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، والتي يجب أن تكون “واقعية وقابلة للتطبيق وتحظى بدعم البرلمان”. وأشار إلى أن كل دولة من الدول الـ27 الأعضاء الباقية في الاتحاد الأوروبي يمكنها استخدام حق النقض (الفيتو) ضد النتيجة الإجمالية للمفاوضات.

وقالت اللجنة في التقرير “إذا كانت الأولوية الرئيسية للحكومة هي تأمين تبادل تجاري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أقل احتكاكا قدر الإمكان، فعليها أن تقرر مدى استعدادها لاحترام قواعد الاتحاد الأوروبي، هذا خيار لم تُبد الحكومة حتى الآن استعدادا لاتخاذه”.

وأضاف “ربما لا توجد أغلبية في البرلمان تؤيد الخروج بلا اتفاق”، وربما يصوت البرلمان على خيارات أخرى، بينها تمديد العمل بالمادة 50 من الدستور، وهو ما يعني تأجيل موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المقرر، حتى الآن، في 29 مارس القادم.

وفي حال خسرت رئيسة الوزراء البريطانية تصويت الثلاثاء، فإن الممكلة ستتجه نحو انفصال غير منظم وهو ما ستكون له تداعيات أكثر سلبية من انسحاب دون اتفاق.

وما زال من الصعب التكهن بتداعيات مثل هذا السيناريو، لكن الحكومة البريطانية نشرت العشرات من المذكرات التقنية لتحضير الشعب البريطاني لهذا الاحتمال المرعب الذي تخشاه الأوساط الاقتصادية.

ومن التداعيات الأولى التي سيشعر بها المستهلكون البريطانيون والأوروبيون ما يتعلق بخدمة التجوال، أي إمكانية استخدام شبكة الهاتف المحمول الأجنبية أثناء السفر، حيث ستُفرض على هذه الخدمة المجانية حاليا للمستهلكين ضمن الاتحاد الأوروبي، رسوما في حال غياب الاتفاق بالنسبة للمسافرين الذي يتجاوزون بحر المانش أو الحدود الأيرلندية.

وكذلك بالنسبة للدفع ببطاقات الائتمان التي يُتوقع أن تزيد تكلفتها في حين ستصبح المعاملات المصرفية “أبطأ” بحسب لندن. ولم يعد في إمكان الزبائن المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي الإفادة من الخدمات المالية لمصارف الاستثمار التي تتخذ من بريطانيا مقرا، حيث لجأت العديد من المصارف إلى فتح فروع لها في القارة الأوروبية لتجنّب حصول اضطرابات.

وقد يؤدي الخروج من دون الاتفاق إلى فوضى حقيقية في المطارات ليس فقط في المملكة المتحدة لكن في خارجها أيضا، وقد تخسر شركات الطيران البريطانية والأوروبية حق تشغيل الرحلات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ما قد يؤدي إلى شلّ الحركة الجوية.

وتعتزم لندن منح شركات الطيران أذونا كي تتمكن من مواصلة العمل بشكل طبيعي وتنتظر من دول الاتحاد الأوروبي أن تفعل الأمر نفسه، لكنها تتوقع رغم كل شيء “اضطرابات في بعض الرحلات”. وقد تشهد خدمة قطار “يوروستار” أيضا صعوبات لأن تراخيص الشركات المشغلة لسكك الحديد البريطانية في أوروبا لن تبقى صالحة.

وسيتعيّن على آلاف الشركات التي تستورد أو تصدر من وإلى المملكة المتحدة أن تتعلّم ملء تصاريح جمركية جديدة وأن تأخذ بالاعتبار أنها ستخضع لرسوم ضريبية جديدة، فيما أعلنت لندن نيتها العمل مع قطاع الصناعة “لتقليص التأخير والأعباء الإضافية على التجارة الشرعية”، كما أعلنت وضع نظام ملصقات تحدد مكان إنتاج مواد مثل الويسكي الأسكتلندي أو الجبن المصنّع في قرية ستيلتون، حيث تُستخدم حتى الآن ملصقات تشير إلى أن المنتج أوروبي.

وستتأثر علب السجائر أيضا، إذ أنه يجب إدخال رسم جديد للتنبيه من مخاطر التدخين فحقوق الصور المستخدمة حاليا تمتلكها المفوضية الأوروبية. وستخزّن بريطانيا أدوية لمدة ستة أسابيع إضافية، بالإضافة إلى المخزونات الحالية التي تكفي لثلاثة أشهر لتجنب أي نقص في الإمداد.

وستغادر المملكة المتحدة الوكالة الأوروبية للأدوية لكنها ستواصل الاعتراف باختبارات وشهادات الاتحاد الأوروبي لتجنب الحاجة إلى إعادة الاختبار وتعطيل الإمدادات. وحذّرت الحكومة البريطانية السكان من أنهم قد يخسرون الحصول على بعض خدمات البث مثل نتفليكس وسبوتيفاي، ما إن تخرج البلاد من “السوق الرقمية الموحدة”.

وسيواجه المستهلكون زيادة محتملة أخرى في التكلفة عند التسوق عبر الإنترنت، لأن الطرود التي تصل إلى بريطانيا لن تكون بعد الآن خاضعة لتخفيض ضريبة القيمة المضافة المعمول بها حاليا.

وحذرت الحكومة من أن رخصة القيادة البريطانية قد لا تعود صالحة في الاتحاد الأوروبي وقد يحتاج السياح إلى استصدار إجازة سوق دولية لدى التوجه إلى هناك. وسيخضع نقل الحيوانات الأليفة إلى قواعد صحية أكثر تشددا، إذ أنه ستتعيّن استشارة طبيب بيطري قبل موعد السفر بأربعة أشهر على الأقل.