بعد أن كان مجاهدًا في نظرها..

الجزيرة تصف ابن لادن بأنه صناعة أمريكية!

أسامة بن لادن

وكالات

يختلف المتابعون حول رأيين: هل الجزيرة هي صنيعة أسامة بن لادن؟ أم أن ابن لادن هو صناعة الجزيرة؟

أما بالنسبة للسؤال الأول، فإن الحصريات المرئية والمسجلّة التي كان يرسلها زعيم القاعدة، جعلت من الجزيرة قناة عالمية، تفوّقت بأخبار ابن لادن على غيرها من القنوات الإعلامية في العالم. وقد استفاد الطرفان من بعضهما البعض، فالقناة تستحوذ على فيديوهات الرجل، وتسمها بوسم “حصري”، مما جعل “لوجو” القناة هو الأكثر شهرة في العالم، بسبب نهم وسائل الإعلام العالمية لبث مقتطفات مما قاله ابن لادن لقناة الجزيرة حصريًا، خصوصًا تلك الحصريات التي كان يهدد فيها ما كان يسميه “الغرب الصليبي”، أو التسجيلات التي كان يتبنى فيها وقوع عمليات إرهابية تنفذها القاعدة في أنحاء العالم.

وكان صعود الجزيرة العالمي على أكتاف شخصية ابن لادن مشابهًا لصعود قناة الـ”سي إن إن” عالميًا بسبب تغطيتها المباشرة لحرب الخليج الثانية.

أما الرأي الثاني، المتعلق بأن يكون ابن لادن هو صناعة الجزيرة، فهو الأكثر موضوعية من جهة دور وسائل الإعلام في صناعة النجوم؛ ففي وقت كانت لا تتجرأ فيه أي من وسائل الإعلام العالمية والمحلية على نشر خطابات أشد الإرهابيين خطورة، لأسباب قانونية، وأحيانًا لأسباب أخلاقية، انفردت الجزيرة في إيصال صوت زعيم القاعدة إلى العالم، وقامت أحيانًا بترجمة خطاباته إلى اللغة الإنجليزية، وأعادت بثها أكثر من مرّة خلال اليوم، وإبقائها في صدارة نشرات الأخبار، لإيصال الرسالة التي يريد زعيم القاعدة إيصالها إلى مناصريه حول العالم، حتى أصبحت الجزيرة هي المنبر الوحيد للإرهابي رقم واحد عالميًا.

وبلغ مقدار الثقة بين القناة وزعيم القاعدة أنه لم يكن يقابل سوى الإعلاميين المرسلين من قبل القناة، في كهوفه في أفغانستان وباكستان، مثل المراسلين تيسير علوني وأحمد توفيق زيدان، اللذين يعتبران الأقرب إلى زعيم التنظيم، والأكثر ثقة بالنسبة إليه ولباقي أفراد تنظيم القاعدة وقياداته.

مدير مكتب الجزيرة في إسلام آباد أحمد زيدان أثناء أحد حواراته مع ابن لادن

ولكن وفي إطار الحرب الإعلامية التي تشنها الجزيرة ضد الدول العربية المقاطعة لقطر، تخلّت الجزيرة عبر قناة “ميدان” التابعة لها عن ابن لادن، بل اتهمته بأنه صُنع في معامل واشنطن والرياض والقاهرة.

اتهام الجزيرة للرياض والقاهرة قد يبدو أمرًا عاديًا، نظرًا للحرب الإعلامية التي تشنها القناة على الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر، مثلما حاولت الجزيرة من قبل -بمشاركة الإعلام الإخواني- توزيع دم الصحفي السعودي جمال خاشقجي على تلك الدول، لإحراز مكاسب سياسية.

ولكن الغريب، الذي أثار متابعي القناة، ومعظمهم من المتطرفين والإخوان والقاعديين، هو اتهام ابن لادن بأنه صُنع في “معامل واشنطن”، لتمحو الجزيرة بسطر واحد 30 سنة انتهجت القناة فيها الترويج لزعيم القاعدة على أنه “شيخ المجاهدين”! كما بثت خطاباته ومراسلاته إلى أنصاره حول العالم، بما تحمله تلك الخطابات من تحريض على الإرهاب ضد الدول العربية والمدنيين في أنحاء العالم كافة.

وبعد أن أعلنت صفحة “ميدان”، التابعة للجزيرة، موعد عرض الفيلم الذي تُثبت فيه أن ابن لادن صناعة أمريكية، غضب المتابعون للقناة، ومعظهم من تيارات الإسلام السياسي المتطرف، لأنهم -على ما يبدو- غاروا على ابن لادن لاتهامه بالعمالة من قبل القناة، بعدما تعلّموا من شاشتها أنه ما هو إلّا “مجاهد عظيم”!

التلاعب بوعي المشاهدين والنفعية التي تتعامل بها قطر مع مصالحها، ومن خلال قوتها الإعلامية، تستطيع بسهولة قلب الحقائق، ولا تخجل من تحويل البطل إلى عميل والعميل إلى بطل، دون أي حسابات لمقدار الخسائر التي سببها تلميع الإرهاب والإرهابيين على الوطن العربي.

ابن لادن الذي تبنى شعار “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب”، قاصدًا به القواعد الأمريكية، لم يفتح فمه يومًا بما يخص قواعد الولايات المتحدة في قطر، على الرغم من أن السعودية لم تسمح لواشنطن بأن تكون مقرًا لانطلاق طائراتها لقصف العراق واحتلاله عام 2003، عبر قاعدة الأمير خالد بن سلطان الجوية، وبناءً عليه قامت قطر بافتتاح قاعدة “العديد” لتسمح لواشنطن باستخدامها كقاعدة لغزو العراق وتدميره!