مفاوضات السويد..

تحليل: ما بعد اتفاق هدنة الحديدة: سيناريوهات محتملة

بين الانهيار والتقدم لمرحلة أخرى

عدن

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الحوثيين والحكومة اليمنية حيّز التنفيذ ليل الإثنين/الثلاثاء، لكن الخروقات الحوثية بدأت في ساعاته الأولى في المدن التي تركز عليها الاتفاق.

بعيدًا عن هذه التطورات الطارئة، يتساءل اليمنيون: كيف سيكون مستقبل الاتفاق؟ وهل يستمر باتجاه الوصول لاتفاق شامل ينهي الحرب التي أدخلت البلاد في حالة متردية لا مثيل لها؟الاتفاق الذي بدا أنه نقطة تحول في الحرب المستمرة منذ 4 سنوات داخل اليمن يمكن أن يتبعه عدد من السيناريوهات، بين النجاح والفشل.

لكنه حتى الآن، شكل بادرة أمل لسكان محافظة الحديدة وسائر مدن اليمن؛ وذلك لكونه ينهي حالة القتال في الحديدة، التي تعتبر شريان حياة رئيس في البلاد. وتعد المدينة رابع أكبر المدن اليمنية، وكانت مركزًا اقتصاديًا رئيسًا قبل سيطرة الحوثيين عليها في أواخر عام 2014.

كما يقام في المدينة ميناء يعتبر شريان حياة لنحو ثلثي سكان اليمن الذين يعتمدون تقريبًا على استيراد الطعام والوقود والأدوية، في وقت أعلنت منظمات حقوقية أن أكثر من 22 مليون يمني يحتاجون لنوع من أنواع المساعدات، ويحتاج نحو 8 ملايين منهم لمعونات غذائية. 

السيناريو الأسوأ 

رغم توقيع الاتفاق في السويد برعاية أممية وبدعم دولي من غالب القوى، على رأسها الولايات المتحدة، إلا أن سيناريو انهياره حاضر. 

ويصبح هذا السيناريو محتملًا في حال استمرار مسلحي جماعة الحوثي في خرق الاتفاق، ما قد يتطور إلى استئناف الاشتباك مع قوات الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي.

 وتشير تقارير إلى أن جماعة الحوثي قصفت منازل المدنيين في مدينة الحديدة، في حين صعّدت من وتيرة المعارك مع الجيش اليمني في محافظة تعز، بعد الساعات الأولى من سريان الاتفاق. 

 وأفادت مصادر في مدينة الحديدة بقصف مليشيات الحوثي حي الربصة، مما أدى إلى تدمير منزلين في الحي، بالتوازي مع تدمير منازل أخرى ومنشآت خاصة في حي “سبعة يوليو”، كما تسبب القصف بإصابة أربعة مواطنين في قرية المنظر وسبعة يوليو. 

وتطور الخرق لحالة اشتباك مع قوات الحكومة التي دمرت مدفعًا ودبابة كانا يقصفان شارع الخمسين شرقي تعز، بالإضافة إلى استهداف ثكنة عسكرية، مما أدى لمقتل 4 من عناصر الحوثيين، وفقًا لتقارير ميدانية. 

وفي التفاصيل، أفادت مصادر في مدينة الحديدة بقصف مليشيات الحوثي الموالية لإيران، حي الربصة، مما أدى إلى تدمير منزلين في الحي، بالتوازي مع تدمير منازل أخرى ومنشآت خاصة في حي "سبعة يوليو"، كما تسبب القصف بإصابة أربعة مواطنين في قرية المنظر وسبعة يوليو.

وقالت مصادر ميدانية إنه بعد تكثيف المليشيات قصفها على الأحياء السكنية، جرى التعامل مع مصادر النيران، وتدمير مدفع ودبابة يقصفان باتجاه شارع الخمسين شرقي المدينة، بالإضافة إلى استهداف ثكنة عسكرية، مما أدى لمصرع 4 من عناصر المتمردين الذين كانوا يطلقون نيرانهم العشوائية.

وقصف المتمردون منذ الساعات الأولى لدخول الهدنة حيز التنفيذ، المنازل في قرية بيت مغاري بقذائف الهاون شمال غربي مديرية حيس، وسط انتشار مسلح للحوثيين.إلى ذلك، قالت مصادر أمنية بمدينة الحديدة، إن مليشيات الحوثي نقلت فجر اليوم عددًا من المختطفين في مبنى الأمن السياسي بمدينة الحديدة، باتجاه صنعاء.

من جهة أخرى، ارتفعت وتيرة المعارك بين قوات الجيش الوطني ومليشيات الحوثي، في جبهة مقبنة غربي تعز.وقال مصدر عسكري، إن معارك اندلعت في أعقاب محاولة مليشيات الحوثي التسلل باتجاه مواقع عسكرية استعاد الجيش الوطني السيطرة عليها.

وفي نفس السياق، استهدفت مليشيات الحوثي الإرهابية بقذائف الهاون المنازل في منطقة جواعة في مديرية مقبنة.يأتي هذا في حين اتفق الطرفان على وقف إطلاق النار وسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ومينائها الحيوي.

 كما اتّفق طرفا النزاع على التفاهم حيال الوضع في مدينة تعز (جنوب غرب) التي تسيطر عليها القوات الحكومية ويحاصرها الحوثيون، وعلى تبادل نحو 15 ألف أسير، وعقد جولة محادثات جديدة الشهر المقبل لوضع أطر “سلام ينهي الحرب”.

هذا ما تم على الورق، لكن بالانتقال للواقع فإن الصورة معقدة، إذ قامت الحرب في اليمن على أساس طرد جماعة الحوثي من الحكم الذي سيطرت عليه بقوة الانقلاب العسكري، وفقًا لرؤية التحالف العربي.

لكن الاتفاق يبقي الجماعة كعنصر متحكم، خصوصًا في العاصمة صنعاء، ورغم أنه في مراحله الأولية وقد يتطرق لمجمل قضايا الخلاف لاحقًا، إلا أن من الصعب أن يتنازل الحوثيون عن قبضتهم على صنعاء.

يرى مراقبون أن الاتفاق في مرحلته الأولية التي شملت الحديدة وتعز قد ينجح، لكن الفشل ربما يحضر في المراحل المتقدمة التي ستتطرق لقبضة الحوثيين على صنعاء، ما قد ينسف كامل الاتفاق وتعود حالة الحرب.وقال محللون لموقع صحيفة العرب اللندنية إن الاتفاقات التي تم التوصل إليها هي الأهم منذ بداية الحرب لوضع البلد الفقير على سكة السلام، لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، بينها انعدام الثقة بين الأطراف، وأجندة الحوثيين المدعومين من إيران.ويعزز من احتمال الفشل، المصير الذي آلت اليه مسيرة المفاوضات السابقة بسبب عدم التزام الحوثيين بالقرارات الأممية، والانسحاب من ميناء الحديدة.

ويعتقد مراقبون أن موافقة الحوثيين على الانسحاب من الحديدة جاءت في ظرف معين، إثر تلقيها ضربات عسكرية قوية خلال الحملة الأخيرة للتحالف العربي وهو ما أجبرها على الرضوخ.

 ماذا تتطلب فرص النجاح؟

يتطرق معهد واشنطن للدراسات للاتفاق ولا يستبعد احتماليات فشله، لكنه يشير إلى متطلبات عدة لمنع انهياره ولحاقه بمصير جميع اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة. أول هذه المتطلبات: “يتعين على المجتمع الدولي الحرص على تولي لجنة تنسيق إعادة الانتشار عملها بشكل عاجل”.

كذلك توضيح البنود الغامضة في الاتفاق؛ فوفقًا للمعهد فإن “الإشارة في وثائق ستوكهولم إلى قوات الأمن المحلية، ومؤسسات الدولة المحلية، والبنك المركزي اليمني، جميعها قابلة لاختلاف التفسير والاستغلال من قبل الطرفين”.وفي تقريره، قال المعهد إن المراجعة الأولية للوثائق التي نشرت عن الاتفاق تكشف عن لغة مبهمة بشكل خاص حول العديد من القضايا وتخضع لتفسيرات متناقضة.

ومن وجهة نظر المعهد، فإن الحوثيين سبق أن استفادوا من الإشارة في اتفاق الحديدة إلى مسؤولية “قوات الأمن المحلية” عن الأمن من أجل الإصرار على أن يتولوا زمام الأمور – وهو أمر غير مقبول مطلقًا بالنسبة للتحالف العربي والحكومة اليمنية. وستحتاج هذه المسألة إلى توضيح من أجل منع انهيار الاتفاق بأكمله.“

كما يدعو اتفاق الحديدة إلى إخراج كل القوات من المدينة والميناء، في ظل تولي “لجنة تنسيق إعادة الانتشار” الإشراف على وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات، وجهود إزالة الألغام من الميناء في المراحل التي لم يتم تحديدها بعد.

وستلعب الأمم المتحدة دورًا “رئيسًا” في إدارة الموانئ وتفتيشها، و”ستعزز” وجودها من أجل الاضطلاع بهذه المهمة الأكبر. ويُلزم الاتفاق الطرفين بتسهيل حرية تنقل المدنيين والسلع من الميناء وإليه، فضلًا عن إيصال المساعدات الإنسانية.

وعلى الرغم من أن ذكر الحقوق الإنسانية أمر حيوي بالنظر إلى الظروف القريبة من المجاعة السائدة في معظم أنحاء البلاد، إلا أنه من المثير للقلق أن لا تتم دعوة الطرفين إلى القيام بما هو أكثر من مجرد “التسهيل”، قال المركز.