قطر تمنح الحصانة الدبلوماسية للرميحي..

الحصانة الدبلوماسية لمهندس صفقات التسلل إلى البيت الأبيض

احمد الرميحي

حسناء عوض
واشنطن
كشفت صحف عالمية أن قطر منحت الحصانة الدبلوماسية إلى رجل الأعمال والدبلوماسي السابق أحمد الرميحي، رأس حربة الحملة التي أطلقتها قبل شهور لشراء الولاءات السياسية في الولايات المتحدة، وذلك في محاولة لحمايته من المثول أمام القضاء الأمريكي، بتهم متعلقة بأنشطته المشبوهة في هذا الصدد.  
وافتضح أمر الخطوة القطرية من خلال وثائق قدمت إلى محكمة في ولاية كاليفورنيا تنظر دعوى مرفوعةً على الرميحي من جانب مغني الراب الأمريكي الشهير آيس كيوب ورجل الأعمال جيف كواتينتز، وهما مسؤولان عن بطولة لكرة السلة تحمل اسم (بيج ثري) يشارك فيها لاعبون سابقون في دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (إن بي آيه).
ويطالب الرجلان بالحصول على تعويضٍ من الدبلوماسي والمستثمر القطري بعد أن نكث بتعهده ضخ استثمارات تقدر بـ20 مليون دولار في البطولة، وذلك في مسعى للتقرب من كواتينتز، الصديق المقرب من ستيفن بانون كبير المخططين الاستراتيجيين سابقاً للرئيس دونالد ترامب.
ويتضح أن هذه الخطوة المفاجئة تعني أن الرميحي أصبح محصناً بشكل كامل من كل أوجه التقاضي المدني، وذلك بعدما اعترفت وزارة الخارجية الأمريكية بالوضع الدبلوماسي له في سبتمبر الماضي، وفقاً لوثائق الدعوى التي ظهرت للعيان.
وأضافة الى ذلك أن التفاصيل الخاصة بالصفة الدبلوماسية التي أعطيت للرميحي على عجلٍ لا تزال غامضةً، مشيرة إلى أنه بينما تدرج الخارجية الأمريكية اسم هذا الرجل باعتباره ملحقاً لقطر دون تفاصيل، وصفته الوثائق التي أضيفت لأوراق الدعوى بأنه يشغل منصب الملحق التجاري القطري لشؤون الاستثمار.
وأشارت الصحف الى أن هذا الوضع الدبلوماسي يتناقض مع تصريحات أدلى بها الملحق الإعلامي القطري في واشنطن جاسم آل ثاني في وقت سابق من هذا العام، وأكد فيها أنه لا علاقة للسلطات الحاكمة في بلاده بالرميحي منذ مارس 2017، بل وشدد آنذاك على أن هذا الرجل لا يمثل قطر في أي شؤون رسمية، كما لا تشارك قطر في أي من الشؤون المتعلقة بأنشطته التجارية الخاصة. 
تغريدة نشرها آيس كيوب استنكر فيها منح الرميحي الذي كان يتصرف وكأنه أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، الحصانة الدبلوماسية، معتبراً ذلك استهانةً بالسلطات الأمريكية بقوله "أمريكا أولاً؟ نعم صحيح!!" (في إشارة إلى الشعار الذي دأب ترامب على رفعه حتى قبل وصوله إلى سدة الحكم).
يظهر تورط الرميحي في المحاولات المحمومة التي قام بها نظام الحمدين للتسلل إلى أروقة البيت الأبيض بعيد إعلان فوز ترامب بانتخابات الرئاسة أواخر 2016، وأشار في هذا الشأن إلى ظهوره في لقطات مصورة جنباً إلى جنب مع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لدى زيارته في ديسمبر من العام نفسه لأعضاء الفريق الذي كلفه ترامب بإدارة المرحلة الانتقالية، في البرج الذي يحمل اسم الرئيس الأمريكي في نيويورك. 
ويُذكر أن الرميحي كان بين أعضاء الوفد القطري الذي تلقى التحية من مايكل كوهين المحامي الشخصي السابق للرئيس الأمريكي في برج ترامب في ذلك اليوم. وفي ذلك الوقت حاول المسؤولون القطريون تبرير وجود الرميحي ضمن أعضاء الوفد، بأنه كان بصدد الالتقاء بكوهين لبحث استثمارات قطرية محتملة في البنية التحتية في الولايات المتحدة، بحكم منصبه في جهاز قطر للاستثمار، وزعموا أنه لم يحضر أي لقاءات رسمية أجراها وزير الخارجية مع كبار معاوني ترامب. 
وفي تفنيد واضح لهذه المزاعم، تبرز الإفادة التي أدلى بها كواتينتز أمام المحكمة، وكشف فيها عن المحاولات التي قام بها الرميحي لاستغلاله من أجل الوصول إلى مقربين من الرئيس الأميركي في الشهور الأولى للأخير في المكتب البيضاوي، خاصة ستيف بانون الذي كانت تجمعه في السابق علاقة عمل بالشاهد. 
وأشار كواتينتز في شهادته إلى أن الرميحي قال له إنه يريد أن ينقل رسالة من الحكومة القطرية إلى ستيف بانون، وإن الرميحي طلب منه عقد اجتماع بينه وبين الحكومة القطرية وستيفن بانون، مضيفا أن الرميحي أخبره بأن قطر مستعدةٌ لتأمين الأموال اللازمة لجهود بانون على الصعيد السياسي مقابل الحصول على دعمه. 
كما أوضح المستثمر الأمريكي أنه رفض العرض الذي قدمه الرميحي في هذا الشأن، ليرد الأخير عليه بالإشارة إلى أن النظام القطري قدم في السابق رشى لشخصيات أمريكية رفيعة أخرى، ذكر منها مايكل فلين أول مستشار للأمن القومي في عهد ترامب، والذي اضطر للاستقالة من منصبه بعد أقل من شهر من اختياره لشغله، على خلفية الكشف عن فضيحة تضليله لنائب الرئيس مايك بينس، بشأن اتصالات أجراها مع دبلوماسيين روس. 
هذا وتعتبر قطر واحدة من أكثر الدول إنفاقا لشراء النفوذ داخل الإدارة الأمريكية، مشيرة إلى الإنفاق الضخم للإمارة الخليجية من أجل كسب ود المسؤولين بالبيت الأبيض، في محاولة منها للخروج من عزلتها المفروضة عليها من قبل دول الرباعي العربي (السعودية ومصر والإمارت والبحرين) بسبب دعمها للإرهاب.