قبائلها تشكو احتلال الهضبة الزيدية..

تقرير: مأرب اليمنية.. معقل الإخوان بعيدة عن حكومة هادي

النفوذ الإخواني الزيدي في مأرب يتزعمه نائب الرئيس اليمني علي الأحمر

صالح علي
كاتب جنوبي يكتب باسم مستعار

رويدا رويدا باتت مارب المعقل الرئيس لإخوان اليمن، تمضي في طريق بعيدا عن المشروع العربي الذي تتزعمه السعودية لإبعاد اليمن عن النفوذ الإيراني، وكذا عن مشروع الرئيس اليمني الانتقالي عبدربه منصور هادي الذي يصر على تقسيم اليمن الى أقاليم من بينها إقليم سبأ الذي تعتبر مأرب عاصمته الإقليمية.

فالإخوان الموالون للدوحة، لا يرغبون في استكمال الحرب ضد الحوثيين الموالين لإيران، لقد أدى التحالف بين قطر وإيران إلى وقف العمليات العسكرية لأكبر معسكرات الجيش الموالي للحكومة الشرعية في جبال نهم وصرواح وساحل ميدي وحارات تعز.

المقاطعة العربية والخليجية تحديدا لقطر، جاء في اعقاب دعم الأخيرة لضرورة التحاور إيران التي افتعل الموالون لها حربا مدمرة في اليمن المضطرب أساسا منذ ربع قرن، جراء انقلاب صنعاء على مشروع الوحدة السلمي مع عدن بالحرب في منتصف تسعيان القرن الماضي.

تفيد العديد من المصادر في صنعاء "سقوط قتلى وجرحى بين القبائل ومليشيات تنظيم  الإخوان الإرهابي في مأرب".

وذكر مصدر أمني غير رسمي لـ(اليوم الثامن) "أن 30 مسلحا من القبائل والمليشيات سقطوا بين قتيل وجريح، جراء رفض القبائل ما تصفه بالهيمنة الزيدية على مأرب".

ويتزعم الزيود تنظيم إخوان اليمن، بقيادة نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر ووزير الدفاع محمد على المقدشي، وهو ما اعتبره المأربيون انتهاكا لسيادة ارضهم الشافعية.

ويطالب المأربيون بضرورة طرد إخوان اليمن من مأرب، وتسليمها لأهله، خاصة في ظل الحديث عن صفقات بين الإخوان والحوثيين، لتمكين المليشيات الأخيرة من السيطرة على أجزاء واسعة من المحافظة النفطية في مسعى لابتزاز المليشيات الأولى للسعودية التي تقود التحالف العربي.

يقول الصحافي الجنوبي وهيب الحاجب "إن النفوذ الإخواني داخل الحكومة اليمنية قوّض كثيرا من جهود الشرعية في حربها ضد الحوثيين، واستنزف مقدرات التحالف العربي، وشتت عملياته العسكرية في محافظات الشمال.. فخلال أربع سنوات من الحرب لا «الشرعية» انتصرت ولا جماعة الحوثي هُزمت، ولا التحالف حقق أدنى أهدافه".

وذكر الكاتب في مقالة نشرتها يومية الأيام في عدن "أن الوضع في محافظات الشمال خارج سيطرة الشرعية والتحالف، وباتت المناطق التي تدّعي «الشرعية» تحريرها خاضعة لأجندات «إخوانية» متعددة الولاءات والاتجاهات.. فحزب الإصلاح، الذي يسيطر على مأرب وتعز، يسير على اتجاهات متعددة تلتقي في نهايتها مع مشروع جماعة الحوثي في تقويض الشرعية واستنزاف التحالف وتسخير المقدرات والإيرادات لصالح تثبيت تيار سلالي أو ديني مرتبط بقوى إقليمية ودولية.

ولفت الكاتب إلى ان "الحديث عن سقوط أو إسقاط مأرب وسيطرة الحوثيين على مناطق هامة ومواقع إستراتيجية حديث فيه نسبة كبيرة من المصداقة والموضوعية وإن حاولت حكومة الشرعية إخفاءها أو إنكارها خشية ردة فعل التحالف العربي الذي يضخ مليارات الدولارات من أجل إبقاء هذه المنطقة بعيدا عن أيدي الحوثيين.. فخلال الأيام الماضية كثفت جماعة الحوثي عملياتها باتجاه مأرب وسيطرت على صرواح باعتراف الإخوان أنفسهم الذين اعتبروا أن سقوط صرواح لا يعني السيطرة على مأرب، بمعنى أن محاولات إنكار الضربات الموجعة التي تتلقاها الشرعية في مأرب من جماعة الحوثي والخذلان الإخواني هو مجرد تقية تستخدمها هذه الشرعية لضمان استمرار الضخ المالي والدعم بالسلاح.. لكنها - أي الشرعية - لا تأبه لمخططات الإخوان وعلاقتهم بجماعة الحوثي، ولا تضع حسابا لتلك الترتيبات التي يلعبها «الإصلاح» من تحت طاولة التحالف وبغطاء الشرعية نفسها".

 

وزير الإعلام في حكومة الشرعية معمر الإرياني نفى جزئية «السيطرة» لكنه اعترف بكثافة العمليات العسكرية الحوثية باتجاه مأرب، وأن هناك إستراتيجية معينة وهدفا حاسما بالنسبة لحسابات الحوثيين ورهاناتهم؛ إذ قال الوزير الإرياني «ما حدث هو أن الانقلابيين كثفوا عملياتهم في مناطق القتال بهدف السيطرة على مساحات قبل الوصول إلى مراحل التفاوض السياسي لتحقيق نصر إعلامي وتعزيز قدرتهم على التفاوض»، وهو فعلا تفسير منطقي يؤكد استماتة الحوثيين في السيطرة على مأرب.

وتحدث الحاجب عن ما وصفها بـ «إمبراطورية» الإخوان التي بناها الإصلاح في مأرب وسعى لها منذ بدء عاصفة الحزم بدأت تتهاوى، وشد الحوثيون عزائمهم لهدّ أركانها وفق صفقة لم يكن أمام الإصلاحيين إلا القبول بها مرغمين على أمل أن ينقلوا عرشهم إلى تعز أو منطقة أخرى سيحددها الحوثيون.. بمعنى أن حسابات الإخوان في التعويل على مأرب لبناء معقلهم كان خطأَ إستراتيجيا لم يدركوا أبعاده عندما تناسوا التركيبة الديموغرافية لمأرب وانتشوا بانشغال الحوثيين في جبهات الساحل الغربي، معتقدين أن الجماعة الحوثية في طريقها للضعف والتراجع أمام أطماع الإخوان بحقول النفط في مأرب.

وقال الكاتب ان " اتفاق السويد الذي أخرج الحوثيين من كونهم جماعة متمردة إلى سلطة أمر واقع وند حقيقي ووحيد للشرعية أعاد للحوثيين حلم العودة إلى مأرب، لا سيما مع بدء سريان هدنة الحديدة وتخفيف الضغط هناك، وكان بالتالي أن وجهَ الحوثيون جزءا من ثقلهم العسكري إلى صرواح وحركوا حواضنهم الشعبية (الأشراف) داخل مركز المحافظة كضغط على الإخوان لتسليم مأرب والعودة إلى اتفاقات مسبقة كان الحوثيون والإصلاحيون يتباحثون حولها بشأن تقاسم مناطق السيطرة، ومن ذلك أن يسلم الحوثيون تعز للإخوان مقابل مناطق أخرى تكون من نصيب الحوثيين ومنها مأرب".

وقال ان "الاستقرار النسبي للمعيشة والاقتصاد في مأرب وعمل السلطة المحلية للمحافظة على تسعيرة المشتقات النفطية عند مستوى معين غير تسعيرته في بقية المناطق المحررة، وكذا استمراريته وتوفيره ووجود هامش من الأمن هو سيناريو تكرر عندما سيطر أنصار الشريعة على محافظة أبين فعملوا على ضبط الأسعار وتوفير السلع الأساسية، وكذلك كان أسلوب الحوثيين عند إسقاطهم مناطق عمران إلى ما قبل صنعاء، وهو سلوك تعتمد عليه مثل هذه التنظيمات لتخدير السكان وإغرائهم ومحاولة كسب رضاهم وولائهم أو إقناعهم بعدم المقاومة ومحاولة رسم صورة نمطية إيجابية عن حكم تلك الجماعات وسياساتها.. وبالتالي فإن ما هو حاصل من استقرار في مأرب يأتي في هذا الإطار تمهيدا لإسقاط المدينة وربما إعلانها رسميا معقلا للإخوان أو تسليمها للحوثيين في إطار التنسيق وترتيب الأدوار بين الجماعتين والإخوانية والحوثية وما يلعبانه من خلف الشرعية والتحالف".

وأكد ان "«الإصلاح» الإخواني كان يعوّل كثيرا على محافظة مأرب لإبقاء كيانه السياسي وتجميع قواته العسكرية فيها بعد أن هزمه الحوثيون في صنعاء وشرده من مناطق الشمال، وبعد أن هُزم وكسرت شوكته في الجنوب، وبات مصير تواجده ونفوذه في تعز مهددا وغير ذي مستقبل، لهذا رأت قيادات الإصلاح أن مأرب هي المعقل الذي سيمكنهم من البقاء قوة حاضرة في اللعبة السياسية والعسكرية باليمن أولا والسعي لتنفيذ مخططاتهم الإقليمية والتواصل مع فروع التنظيم في عدد من دول المنطقة، لكن التقارب الأخير بين الحوثي والإصلاح ربما قد يغير من هذا التكتيك الإخواني أو يعززه من خلال كسب ودّ الحوثيين ومحاولة الدخول معهم في اتفاقات لتقاسم مناطق السيطرة كأن تكون مأرب حوثية على أن تبقى تعز إصلاحية".

في المحصلة، يقول الكاتب "إن مأرب لم تكن يوما حاضنة للشرعية لا عسكريا ولا إداريا ولا حتى ماليا، وظلت هذه المحافظة في قبضة الإخوان بمثابة الدويلة التي تحكم نفسها وتدير مواردها وتبني علاقاتها الداخلية مع الحوثيين وسياساتها الخارجية، وبقيت هذه «الدويلة» على علاقة مهادنة مع «الشرعية»، وها هي هذه السياسية الداخلية والخارجية لدويلة الإخوان تظهر اليوم بشكل صفقة سيسلم بموجبها الإصلاح مأرب للحوثيين وفقا لما تقتضيه «السياسة الخارجية» للدويلة".