استخدم الإخوان كـ”دمية”..

وثائق سرية خطيرة تكشف عن علاقات أوباما بالإخوان المسلمين

خطة أمريكية لتسليم الإخوان المسلمين كراسي الحكم

وكالات

بقلم صاحب الكتب السياسية العديدة، المحاضر، المستشار الإستراتيجي الأمريكي – الألماني فريديريك ويليام.

هنالك غضب عارم على قرار الرئيس الأمريكي بشأن سحب القوات الأمريكية من الأراضي السورية. وقد عزى ترامب قراره إلى أن تنظيم داعش قد هُزم على الأرض إلى حد كبير. لكن السبب الحقيقي الكامن هو أكثر أهمية مما قيل. في الحقيقة، إن ظهور داعش المفاجئ في جميع أنحاء سوريا في 2014 يسلط الضوء على وثائق سرية جرى صياغتها في فترة ولاية أوباما. ولذلك، لو جرى إجبار وزارة العدل الأمريكية على الكشف عن الوثائق أمام الجمهور، في دعوى قضائية على سبيل المثال، فسوف تهتز مؤسسات عريقة في معسكر الرئيس السابق، لا سيما وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

في عام 2010، وضعت الإدارة الأمريكية تحت قيادة أوباما مخططًا سريًا للغاية لإحداث تغيير في عدد من أنظمة الحكم في الشرق الأوسط. وكما نعرف جميعًا، لم تسفر تلك التمردات المدعومة أمريكيًا -في عهد أوباما- سوى عن موجة من الحروب والفوضى والدول الفاشلة، فضلًا عن فيضانات من لاجئي الحروب.

 

خطة أمريكية لتسليم الإخوان المسلمين كراسي الحكم

في شهر آب/أغسطس 2010، قبل 6 شهور من انطلاق “ثورة الياسمين” التونسية على يد منظمات غير حكومية أمريكية، شملت “الصندوق الوطني للديمقراطية” و”مؤسسات سوروس” و”بيت الحريات” وغيرها، وقع الرئيس أوباما على توجيهات رئاسية حملت رمز (PDS-11)، يأمر فيها الوكالات الحكومية الأمريكية بالاستعداد لـ”التغيير”. وقد تمحور “التغيير” في خطة أوباما حول سياسة راديكالية تدعو واشنطن إلى دعم جماعة الإخوان المسلمين وشبكاتها الأصولية السرية في جميع أنحاء العالم الإسلامي في الشرق الأوسط، بالتزامن مع إطلاق العنان لعهد جديد من الإرهاب، من شأنه أن يساعد في تحقيق هدف الخطة المنشودة.

وبحسب شهادة الرئيس السابق للجنة الاستخبارية المنتخبة الدائمة في مجلس النواب الأمريكي، بيتر هوكسترا، التي قدمها أمام الكونغرس، لا تزال خطة أوباما المعروفة باسم (PSD-11) سرية للغاية. ووفقًا لشهادته، “أمرت الخطة الحكومة الأمريكية بإعداد تقييم واسع لآفاق الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط ودور الإخوان المسلمين في هذه العملية”.

 

فرقة المهام السرية

من أجل صياغة خطة (PSD-11)، جرى تأسيس فريق سري للغاية داخل مجلس الأمن القومي الأمريكي (NSC) تحت إشراف أوباما، يرأسه دينيس روس، وسمانثا باور، وغيلي سميث، وبن رودز، ومايك ماكفول.

جرى اختيار أعضاء الفريق السري بعناية فائقة، بما يتناسب مع مستلزمات تنفيذ الخطة؛ فعلى سبيل المثال، شغلت سمانثا باور منصب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، وعملت على ترويج “ضرورة الإطاحة بمعمر القذافي عسكريًا لأسباب إنسانية”. بينما لعب دينيس روس دورًا هامًا في رسم معالم الخطة، بعد أن قام بتأسيس “لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية – الأمريكية”.

أما غيلي سميث، فقد انتقل لرئاسة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) المرتبطة بالمخابرات الأمريكية المركزية، وعمل على تقديم الملايين من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين إلى المنظمات غير الحكومية الشرق أوسطية الداعمة لـ”الربيع العربي” وغيرها من “ثورات” تغيير الأنظمة في المنطقة العربية. وفي الوقت ذاته، جرى تعيين مايكل ماكفول سفيرًا لدى المغرب، بعد أن وصف نفسه بـ”المتخصص في الديمقراطية والثورات والحركات المناهضة للدكتاتورية”.

لم يجر الكشف عن الخطة سوى بشكل جزئي بعد إرسال سلسلة من طلبات الإيضاح القانوني لوزارة الخارجية الأمريكية.

 

اتصالات أمريكية – إخوانية مباشرة

تكشف الوثائق المفرج عنها أن فرقة العمل السرية قد خلصت إلى أن “جماعة الإخوان المسلمين حركة قابلة للحياة، ينبغي أن تدعمها الإدارة الأمريكية في جميع أنحاء شمال إفريقيا والشرق الأوسط”.

وتؤكد الوثائق أيضًا أن “الرئيس أوباما وقع على توجيهات رئاسية تأمر الدبلوماسيين الأمريكيين بإجراء اتصالات مع كبار قادة الإخوان المسلمين في المنطقة، وتأمرهم كذلك بتقديم دعم حيوي نشط لتنمية شهوة الجماعة إلى السلطة في دول رئيسة مثل مصر وليبيا وتونس وسوريا”، وذلك مع بداية “الربيع العربي” عام 2011.

وقد خلصت خطة (PSD-11) إلى استنتاج غريب، مفاده أن “صيغة جماعة الإخوان المسلمين للإسلام السياسي، إلى جانب قوميتها المتحمسة، ستؤديان إلى الإصلاح والاستقرار”. في الواقع، كان الاستنتاج مجرد كذبة معروفة لدى جميع أعضاء فرقة العمل السرية التابعة لإشراف أوباما المباشر.

 

الحقيقة وراء الإخوان المسلمين

من الغرابة أن إدارة أوباما رأت في الإخوان المسلمين نموذجًا مناسبًا لتولي كراسي الحكم في المنطقة. الحقيقة تفيد أن الخطة المذكورة لم تستند إلى قناعة حقيقية بأن “الإخوان عامل استقرار وإصلاح” في بلدان الشرق الأوسط، بل استندت إلى مشروع يهدف إلى تغيير وجه العالم عبر “دمية” جديدة تسمى الإخوان المسلمين.

إن جميع أقوال وشعارات وممارسات الإخوان في مختلف بقاع العالم تشير إلى حجم الكراهية المطلقة ضد كل من يخالف النهج الإخواني السياسي. هذا النهج السياسي مغلف بشعارات دينية رنانة، تحاول الجماعة عبرها استقطاب الشباب المسلمين نحو شبكاتها المؤسساتية.

لقد خرجت كل منظمة جهادية معروفة اليوم من رحم الإخوان المسلمين؛ فعلى سبيل المثال، كان أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، عضوًا في الإخوان المسلمين، جرى تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية من أجل تجنيد جهاديين في باكستان لمحاربة السوفييت في أفغانستان. كما أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري، كان أحد أعضاء الإخوان في السابق، تمامًا مثل عمر عبد الرحمن الذي سعى لاغتيال محمد حسني مبارك بأمر من جماعة الإخوان.

 

الخلاصة

أوصى أعضاء الفرقة السرية الأمريكية (PSD-11) الحكومة الأمريكية باحتضان جماعة الإخوان المسلمين ودفعها نحو سدة الحكم في البلدان العربية، وقد كانوا يعون جيدًا مع من يتعاملون. لقد عملت المخابرات الأمريكية مع الإخوان المسلمين حول العالم منذ الخمسينيات. وقد انبثقت جميع المنظمات الجهادية، بما فيها القاعدة وجبهة النصرة والدولة الإسلامية، من رحم شبكات الإخوان المسلمين، ولكن بأسماء مختلفة تتناسب والمناطق المحيطة بها. وعندما يعتقد أحدهم أن ترامب قرر الانسحاب من سوريا بسبب “هزيمة داعش”، فعليه أن يفكر من جديد في الحقائق الواردة أعلاه.