إنهاء معاناة الشعب اليمني..

تقرير: الضغط على إيران.. سرّ تقلص نفوذ الحوثيين في اليمن

المفاوضات السويد «ستوكهولم»

محمود محمدي

بغية إنهاء معاناة الشعب اليمني، ضغط المجتمع الدولي على جماعة «الحوثيين» الإرهابية؛ للمشاركة في مشاورات السويد في ديسمبر 2018، بعد مراوغات من الجماعة المدعومة إيرانيًّا بعدم الرغبة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لاسيَّما بعد دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني حيز التنفيذ في 5 نوفمبر، وهو النظام الداعم والمغذي الأول للحوثيين.

 

فشلت مراوغات «الحوثي»، وأعلن موافقته على حضور المفاوضات التي تمت في العاصمة السويدية «ستوكهولم»، برعاية الأمم المتحدة، بين ممثلي الحكومة ووفد من الميليشيا، وانتهت باتفاق بينهما على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية، بحسب ما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريس» في الـ13 من ديسمبر 2018.

 

وقضى «اتفاق ستوكهولم» بانسحاب ميليشيات الحوثي من مدينة الحديدة، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، فضلًا عن انسحاب الميليشيات من موانئ «الحديدة والصليف ورأس عيسى» إلى شمال طريق صنعاء، في مرحلة أولى خلال أسبوعين، وفق بنود الاتفاق.

 

ونص كذلك على إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، إضافة إلى عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها، كما تضمن الاتفاق أن تودع إيرادات موانئ الحديدة جميعها والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية بمحافظة الحديدة وأنحاء اليمن جميعها، ومن أجل ذلك أوفدت الأمم المتحدة فريقًا دوليًّا لمراقبة وقف إطلاق النار، وإعادة الانتشار برئاسة الجنرال الهولندي «باتريك كاميرات».

الانسحاب من الانسحاب

وفي الوقت الذي كشفت فيه الحكومة اليمنية أنها لم تتلق أي إخطار من الأمم المتحدة يتعلق بانسحاب ميليشيات الحوثي الانقلابية من ميناء الحديدة، أشارت تقارير إعلامية عدة، إلى أن الميليشيا المدعومة إيرانيًّا أفشلت إجراءات اتفاق تسليم الميناء، والانسحاب من المدينة الساحلية؛ في إطار مماطلتهم لتنفيذ «اتفاق ستوكهولم».

 

ورغم أن الأمم المتحدة كانت قد أعلنت، أن عناصر من الميليشيات بدأت الانسحاب من الميناء، فإن الحوثيين شرعوا في تنفيذ عمليات إعادة الانتشار والتموضع في الحديدة، في إطار التحايل على اتفاق السويد الذي يقضي بالانسحاب من المدينة.

 

بيد أن الخدعة التي لجأ إليها «الحوثي» لم تؤتِ ثمارها؛ إذ رفض الجنرال الهولندي «كاميرات»، تسليم ميناء الحديدة للمتمردين المتخفين في ملابس مدنية؛ ما دفع الجماعة المسلحة المدعومة إيرانيًّا إلى اتهامه بالانحياز، فضلًا عن الشروع في جمع توقيعات ضده من المدنيين تحت قوة السلاح.

نفوذ يتضاءل 

كان للتطورات الإقليمية والدولية الخاصة بتضرر النظام الإيرانيّ بالحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ في 5 نوفمبر 2018، أثر كبير على الحوثيين؛ إذ قال وزير الخارجية الأمريكي «مايك بومبيو»، في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأمريكية: إن العقوبات الجديدة ستمنع إيران من امتلاك المال التي تحتاج إليه لنشر الإرهاب حول العالم، مشيرًا إلى أن حزمة العقوبات الثانية هي الأكثر صرامة بالمقارنة بالعقوبات السابقة؛ ما سيمنع تمويل حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن.

 

مسألة تقلّص نفوذ جماعة الحوثي في اليمن، باتت واضحةً، خاصة بعد تحقيق الجيش اليمني بإسناد من قوات التحالف العربي، تقدّمًا على الصعيد الميداني في محافظتي الحديدة وصعدة، وذلك بعدما أعلن الجيش اليمني عن إطلاق عملية عسكرية في محافظة الحديدة في نوفمبر الماضي؛ لاستعادة ما تبقى من مناطق تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين.

 

وكشفت «ألوية العمالقة» (تشكلت من كتائب المقاومة الشعبية، بإشراف من القوات المسلحة الإماراتية العاملة ضمن قوات تحالف دعم الشرعية باليمن)، أن قواتها طهرت مناطق في كيلو 16 وصولًا إلى ما يعرف بقوس النصر (المدخل الشرقي للحديدة)؛ الأمر الذي أقرّ به زعيم الحوثيين «عبدالملك الحوثي»، وبأن قواته مُنيت بالهزيمة في معركتهم للسيطرة على ميناء الحديدة.

 

وفي «صعدة» واصلت قوات الجيش الوطني مدعومة من التحالف العربي، تقدمها ميدانيًّا في منطقة «مثلث مران»، التي تعتبر معقل الحوثي هناك، فيما أكد اللواء «هادي طرشان» محافظ صعدة، أن الجيش اليمني طهر نحو 50 % من مساحة المحافظة من قبضة الميليشيا الإيرانية، كما أعلنت قوات الجيش اليمني مطلع ديسمبر المنصرم، تحرير مديرية الظاهر بصعدة، وتواصل التقدم نحو مديرية حيدان، وسط انهيار وخسائر كبيرة في صفوف الحوثي.

 

ويأتي ذلك في وقت يشهد فيه الحوثيون سلسلة من الانشقاقات في صفوفه، كان أبرزها وزير الإعلام، في الحكومة غير المعترف بها دوليًّا «عبدالسلام علي جابر»؛ حيث أعلن انشقاقه عن جماعة الحوثيين، والانضمام إلى الحكومة اليمنية بعد وصوله الأراضي السعودية، فضلًا عن التصدع داخل صفوف قيادات الصف الأول بالعاصمة صنعاء؛ ما يشير إلى مرحلة انفجار مرتقبة؛ إذ شهدت صنعاء اشتباكات مسلحة بين قيادات ميليشيا الحوثي الانقلابية، على خلفية صراعات بين المشرفين الأمنيين.