بعد فتاوى الجهاد..

حركة النهضة الإخوانية تركب قطار العودة إلى سوريا

بعد أن أفتت بضرورة الجهاد، النهضة تتراجع

محرر الشؤون الإقليمية
محرر الشؤون الاقليمية والملف الإيراني

أصدرت حركة “النهضة” التونسية بيانًا أعربت فيه عن تأييدها لعقد مصالحة شاملة في سوريا “تضع حدًا للتقاتل وما نتج عنه من مآسٍ إنسانية، بما يعيد لسوريا مكانتها الطبيعية في المنظمات الدولية والعربية”.

وكان قد سبق البيان تصريح أدلى به المتحدث باسم النهضة، عماد الخميري، قال فيه إن النهضة مع إحلال الوحدة الوطنية في سوريا، وشدد على دعم الحركة لعودة سوريا إلى حضنها العربي.

وبحسب موقع كيو بوست تعتبر تلك التصريحات، إضافة للبيان الرسمي، أول الإشارات الإيجابية من “النهضة” المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، تجاه المصالحة الوطنية في سوريا، وعودتها إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.

وتأتي تلك التغيرات في المواقف، بعد أسبوع من وصول أول طائرة سورية إلى مطار المنستير الدولي، على متنها 141 سائحًا سوريًا، في أول رحلة جوية قادمة من دمشق منذ 2012.

وتصدّرت جماعة الإخوان المسلمين، بالتحالف مع قطر وتركيا، عمليات دعم ما سمي بالمعارضة المسلحة، التي أسفرت عن تدمير سوريا. وكان لحركة النهضة دور في تلك الحرب، عندما استضافت تونس فترة حكم “الترويكا” ما سمي بـ”مؤتمر أصدقاء سوريا”، الذي دعم المعارضة المسلحة المدعومة من الإخوان وقطر، وسحب الاعتراف بشرعية النظام السوري، مما أدى -بحسب مراقبين- إلى تزايد تسليح وعسكرة المعارضة السورية بدعم تركي، وأطال زمنيًا من أمد الحرب الأهلية.

وظهر الانقلاب في موقف النهضة تجاه ما يحدث في سوريا، من خلال البيان الأخير، الذي شطب لأول مرة كلمة “ثورة” من بياناته تجاه سوريا، ووصف ما يحدث على أراضيها بـ”الاقتتال”!

وكانت فترة حكم النهضة، وما سميّ بـ”الترويكا” برئاسة المنصف المرزوقي، المقرب من قطر، قد شهدت دعوات لتحريض الشبان التونسيين للسفر من أجل الجهاد في سوريا؛ إذ وبحسب تقارير إعلامية واستخباراتية، التحق ما يقارب 3000 شاب تونسي بحركات إرهابية في سوريا، للقتال ضد الجيش السوري، وهو الملف المعروف في تونس باسم “تسفير الشباب إلى بؤر التوتر”. ويُحمل سياسيون تونسيون ومثقفون حركة النهضة ومشايخها المسؤولية عن عمليات التسفير تلك.

وكان مسؤول حركة النهضة، راشد الغنوشي، قد وقّع في فبراير/شباط 2012 على بيان “علماء الأمة”، الذي انعقد في القاهرة برئاسة يوسف القرضاوي، أفتى فيه 107 من مشايخ الإخوان بضرورة تشكيل لجان شعبية لدعم الثورة السورية، وهو ما أعتُبر بأنه دعوة صريحة بضرورة التحاق الشبان المسلمين بالتنظيمات الإرهابية في سوريا.

تحمّس النهضة لتسفير الشباب إلى سوريا، دفع الرئيس المنصف المرزوقي إلى إقالة المفتي السابق، عثمان بطيخ، بسبب رفضه الإفتاء بجواز الجهاد في سوريا، وتعيين مفتٍ أكثر تشددًا مكانه، متعاطٍ مع توجه الإخوان للمشاركة في الحرب السورية ودعم التنظيمات الإرهابية فيها.

وقد تصدّرت تونس قوائم الدول التي يسافر منها الشباب للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وهو ما جعل الدولة السورية تُدرج مؤخرًا حركة “النهضة” على قوائم الإرهاب، باعتبارها إحدى الكيانات التي مارست الإرهاب في سوريا.

وتأتي الخطوة النهضاوية الأخيرة لمحاولة التقارب مع سوريا استباقًا للقمة العربية في دورتها الثلاثين التي ستعقد في تونس، وسط أنباء تتحدث عن احتمال حضور الرئيس السوري للمشاركة بدعم من عواصم عربية عدة، إذ يظهر ذلك، بحسب مراقبين، التلون في مواقف الحركة الإخوانية، من أجل ألّا تقف وحيدة، في حال تمت إعادة العلاقات بين سوريا وتونس، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من الطبقة السياسية -بما في ذلك الائتلاف الحكومي- والتوجه الشعبي العام مقتنعان بضرورة عودة العلاقات بين البلدين.